للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَإِنْ وَقَعَ الْحَذْفُ مِنْ الْأَوَّلِ صَحَّ الْجِنْسُ لِلْمَحْدُودِ لِأَنَّهُ مِنْ مَقُولَتِهِ وَإِنْ وَقَعَ الْحَذْفُ مِنْ الثَّانِي صَحَّ أَيْضًا ذَلِكَ ثُمَّ أَنَّ الشَّيْخَ لَمَّا حَقَّقَ صِحَّةَ التَّرْكِيبِ فِي الْحَدِّ قَالَ إنَّ الرَّسْمَ غَيْرُ مُنْعَكِسٍ قَالَ لِخُرُوجِ غَرَرٍ فَاسِدٍ صَوَّرَ بَيْعَ الْجُزَافِ وَبَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ وَغَيْرَهُمَا إذْ لَا عَطَبَ فِيهِمَا.

(قُلْتُ) أَشَارَ بِذَلِكَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الْجُزَافَ يُشْتَرَطُ فِيهِ فِي الْمُتَبَايِعَيْنِ أَنَّهُمَا جَاهِلَانِ عَالِمَانِ جَاهِلَانِ بِالْمِقْدَارِ عَالِمَانِ بِالْحَزْرِ فَلَوْ قَدَّرْنَا عِلْمَهُمَا بِالْمِقْدَارِ لَكَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا لِأَجْلِ الدُّخُولِ عَلَى الْغَرَرِ إذْ لَا عَطَبَ فِي ذَلِكَ وَالْغَرَرُ مَوْجُودٌ وَكَذَلِكَ فِي بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ ثُمَّ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَالْأَقْرَبُ أَنَّ بَيْعَ الْغَرَرِ " مَا شُكَّ فِي حُصُولِ أَحَدِ عِوَضَيْهِ أَوْ مَقْصُودٍ مِنْهُ غَالِبًا " قَوْلُهُ " مَا شُكَّ " مَا صَادِقَةٌ عَلَى الْبَيْعِ أَيِّ بَيْعٍ وَهُوَ جِنْسُ الْغَرَرِ قَوْلُهُ " فِي حُصُولِ أَحَدِ عِوَضَيْهِ " مِثْلَ بَيْعِ الْبَعِيرِ الشَّارِدِ أَوْ الْجَنِينِ وَيَدْخُلُ فِيهِ فَاسِدُ بَيْعِ الْجُزَافِ فَإِنَّهُ فِيهِ شَكٌّ فِي حُصُولِ عِوَضِهِ قَوْلُهُ " أَوْ مَقْصُودٍ مِنْهُ غَالِبًا " مَعْطُوفٌ عَلَى حُصُولِ مَعْنَاهُ أَوْ مَا شُكَّ فِي مَقْصُودٍ مِنْ ذَلِكَ الشَّيْءِ غَالِبًا اُحْتُرِزَ بِهِ مِنْ الْغَرَرِ الْيَسِيرِ كَدُخُولِ الْحَمَّامِ مَعَ اخْتِلَافِ قَدْرِ الْمَاءِ فَإِنَّهُ لَمْ يَقَعْ شَكٌّ فِي الْمَقْصُودِ مِنْهُ غَالِبًا (فَإِنْ قُلْتَ) وَقَعَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ بَيْعِ الْحَصَاةِ وَعَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ» وَفِي رِوَايَةٍ «عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ» وَتَعَرَّضَ الْمَازِرِيُّ لِرَسْمِ الْغَرَرِ فَقَطْ. .

(قُلْتُ) إنَّمَا تَعَرَّضَ لِذَلِكَ وَحْدَهُ لِأَنَّ بَيْعَ الْحَصَاةِ مِنْ الْغَرَرِ وَكَذَلِكَ بَيْعُ الْعُرْبَانِ وَبَيْعُ الْمَلَاقِيحِ وَالْمَضَامِينِ وَكَذَلِكَ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ وَجَمِيعِ أَنْوَاعِ أَوْ أَصْنَافِ الْغَرَرِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ فَرَسْمُ الْغَرَرِ يُغْنِي لِأَنَّهُ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ وَرَسْمُ كُلِّ صِنْفٍ بِخَاصَّتِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ثُمَّ قَالَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ بَيْعُ الْغَرَرِ ذُو الْجَهْلِ وَالْخَطَرِ وَتَعَذُّرُ التَّسْلِيمِ مُتَعَقَّبٌ بِأَنَّ الْجَهْلَ صِفَةٌ لِلْعَاقِدِ وَالْغَرَرَ صِفَةٌ لِلْمَبِيعِ فَهُوَ تَعْرِيفٌ بِمُبَايَنٍ قَالَ وَلِأَنَّ الْخَطَرَ مُسَاوٍ لِلْغَرَرِ وَتَعَذُّرُ التَّسْلِيمِ إنَّمَا ذَكَرَهُ الْأُصُولِيُّونَ حِكْمَةً فِي التَّعْلِيلِ بِالْغَرَرِ (قُلْتُ) وَهَذَا جَلِيٌّ فِي الرَّدِّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْجَهْلَ يَكُونُ مِنْ وَصْفِ الْفَاعِلِ وَيَكُونُ مِنْ وَصْفِ الْمَفْعُولِ يُقَالُ الْعَاقِدُ بِهِ جَهْلٌ بِالْمَبِيعِ وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مَجْهُولٌ أَيْ بِهِ جَهْلٌ بِمَعْنَى مَجْهُولٌ وَفِيهِ غَرَرٌ وَغَرَرُهُ هُوَ جَهْلُهُ لَكِنَّ

<<  <   >  >>