للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَلِذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ سَبَقَ تَعْرِيفُهَا قَبْلَ حَدِّ التَّطْهِيرِ.

وَلَا يُقَالُ إنَّهُ عَرَّفَ النَّجَاسَةَ وَالنَّجَسُ غَيْرُ النَّجَاسَةِ لِأَنَّا نَقُولُ لَمَّا عَرَّفَ النَّجَاسَةَ بِقَوْلِهِ " وَالنَّجَاسَةُ تُوجِبُ لَهُ مَنْعَهَا بِهِ أَوْ فِيهِ " عُلِمَ مِنْ ذَلِكَ حَدُّ النَّجَسِ وَهُوَ الْمَوْصُوفُ بِمَا أَوْجَبَ لَهُ الْمَنْعَ مِنْ الصَّلَاةِ بِهِ أَوْ فِيهِ فَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ الشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي حَدِّ النَّجَاسَةِ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تُوجِبُ لِمَوْصُوفِهَا مَنْعَ جَوَازِ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ بِهِ أَوْ فِيهِ هَذَا حَدُّ النَّجَاسَةِ الْخَبِيثَةِ وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ " فَالْأُولَيَانِ مِنْ خَبَثٌ " وَيُعْرَفُ مِنْ ذَلِكَ حَدُّ النَّجَسِ كَمَا قَدَّمْنَا.

وَأَمَّا الْحَدَثُ فِي قَوْلِهِ " وَالْأَخِيرَةُ مِنْ حَدَثٍ " فَقَدْ أَحَالَ الشَّيْخُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلَى أَنَّهُ سَيَأْتِي حَدُّهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ كَمَا تُعُقِّلَ حَدُّ الطَّهَارَةِ وَالتَّطْهِيرِ وَالطَّهُورِيَّةِ يُتَعَقَّلُ حَدُّ أَضْدَادِ ذَلِكَ وَهِيَ النَّجَاسَةُ وَالتَّنَجُّسُ وَالنَّجِسَةُ فَحَدُّ النَّجَاسَةِ مَا ذُكِرَ وَالتَّنْجِيسُ إلْقَاءُ النَّجَسِ بِطَاهِرٍ نَجَّسَهُ لَا يُقَالُ يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ إذَا وَقَعَ إنَاءُ بَوْلٍ مَثَلًا عَلَى إنَاءٍ طَاهِرٍ فَنَجَّسَهُ فَهَذَا التَّنَجُّسُ وَلَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ إلْقَاءٌ لِأَنَّا نَقُولُ لَا بُدَّ مِنْ مُلْقٍ كَنُزُولِ الْمَطَرِ وَهُبُوبِ الرِّيَاحِ فَلَا بُدَّ لَهُمَا مِنْ مُحَرِّكٍ وَالنَّجِسَةُ لَمْ تُسْتَعْمَلْ شَرْعًا وَلَوْ اُسْتُعْمِلَتْ لَقَالَ فِي رَسْمِهَا: صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تُوجِبُ لِمَوْصُوفِهَا كَوْنَهُ بِحَيْثُ يَصِيرُ الْمُزَالُ بِهِ طَهَارَتُهُ نَجَسًا هَذَا خُلَاصَةُ مَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الشَّيْخِ فِي هَذَا الْفَصْلِ لِهَذِهِ الْحَقَائِقِ التِّسْعَةِ تَصْرِيحًا مِنْهُ وَتَلْوِيحًا وَلَا يَخْلُو مِنْ مُنَاقَشَةٍ (فَإِنْ قُلْتَ) النَّجَسُ فِي لَفْظِ رَسْمِ الشَّيْخِ هَلْ الْمُرَادُ مِنْهُ الذَّاتُ الْمُتَنَجِّسَةُ الَّتِي هِيَ مُقَابَلَةُ الذَّاتِ الطَّاهِرَةِ أَوْ الْمُرَادُ بِهِ النَّجَاسَةُ الْمَحْدُودَةُ قَبْلُ أَوْ الْمُرَادُ بِهِ اسْمُ الْمَصْدَرِ وَهُوَ التَّنْجِيسُ (قُلْتُ) أَمَّا أَنَّ الْمُرَادَ الذَّاتُ الْمَذْكُورَةُ فَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ عَقْلًا وَلَا نَقْلًا وَإِنْ قَرَّرَ بِهِ كَلَامَهُ فَهُوَ تَسَامُحٌ لِأَنَّ الرَّفْعَ لَمْ يَقَعْ بِالذَّاتِ بَلْ التَّحَقُّقُ أَنَّ الْمَرْفُوعَ مَا عَرَضَ لَهَا مِنْ صِفَةٍ أَوْ نِسْبَةٍ أَوْ فِعْلٍ فَلَعَلَّهُ أَطْلَقَ النَّجَسَ عَلَى النَّجَاسَةِ وَالنَّجَاسَةُ يَصِحُّ إزَالَتُهَا بِإِزَالَةِ أَثَرِهَا وَالْحَقُّ أَنَّ النَّجَسَ أُطْلِقَ عَلَى مَا وَقَعَ التَّنَجُّسُ بِهِ وَذَلِكَ يَصِحُّ رَفْعُهُ وَهَذَا مَعْنَى غَيْرِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.

(فَإِنْ قُلْتَ) قَدْ قَالَ الشَّيْخُ فِي بَابِ الْوُضُوءِ. إنَّ الْحَدَثَ الْمَنْعُ مِنْ الصَّلَاةِ وَهُنَا قَالَ " رَفْعُ مَانِعِ الصَّلَاةِ وَمَنْعُ الصَّلَاةِ أَخَصُّ " مَعَ أَنَّ فِيهِ زِيَادَةً وَهِيَ صِدْقُهُ عَلَى طَهَارَتَيْ الْمَاءِ وَالتُّرَابِ فَإِنَّ التَّيَمُّمَ إنَّمَا يَرْفَعُ عَلَى الْمَشْهُورِ الْمَنْعَ لَا الْمَانِعَ الَّذِي هُوَ الصِّفَةُ الْحُكْمِيَّةُ وَالْمَاءُ فِي الْمَانِعِ وَالْمَنْعُ الْمُرَتَّبُ عَلَيْهِ (قُلْتُ) يَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ يَرْفَعُ مَنْعَ الصَّلَاةِ

<<  <   >  >>