للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إنَّ النِّيَابَةَ مُسَاوِيَةٌ فِي الْمَعْرِفَةِ لِلْوَكَالَةِ فَالتَّعْرِيفُ لَهَا بِهَا دَوْرٌ فَلَمَّا ذَكَرَ هَذَا الِاحْتِمَالَ عَرَّفَهَا بِرَسْمٍ آخَرَ فَقَالَ هِيَ جَعْلُ ذِي أَمْرٍ غَيْرِ إمْرَةِ التَّصَرُّفِ فِيهِ لِغَيْرِ الْمُوجِبِ لُحُوقَ حُكْمِهِ جَاعِلَهُ كَأَنَّهُ فَعَلَهُ قَوْلُهُ جَعَلَ الْجَعْلَ بِمَعْنَى التَّصْيِيرِ قَوْلُهُ ذِي أَمْرٍ أَيْ صَاحِبِ أَمْرٍ وَعَدَلَ عَنْ النِّيَابَةِ لِمَا تَقَدَّمَ اُنْظُرْ لِأَيِّ شَيْءٍ عَدَلَ عَنْ حَقٍّ إلَى أَمْرٍ وَقَوْلُهُ أَمْرُ الْأَمْرِ وَالْحَقُّ يَظْهَرُ أَنَّ الْأَمْرَ أَعَمُّ مِنْ الْحَقِّ، قَوْلُهُ غَيْرِ ذِي إمْرَةٍ أَخْرَجَ بِهِ نِيَابَةَ إمَامِ الطَّاعَةِ أَمِيرًا أَوْ قَاضِيًا قَوْلُهُ الْمُوجِبُ لُحُوقَ حُكْمِهِ جَاعِلَهُ صِفَةٌ لِلتَّصَرُّفِ وَجَاعِلُهُ مَفْعُولُ بِلُحُوقٍ وَأَخْرَجَ بِذَلِكَ إمَامَ الصَّلَاةِ قَالَ لِعَدَمِ لُحُوقِ فِعْلِ نَائِبِ الصَّلَاةِ الْجَاعِلِ وَمَعْنَاهُ أَنَّ التَّصَرُّفَ الْمَجْعُولَ وَصَفَهُ بِأَنَّهُ يُوجِبُ لُحُوقَ حُكْمِهِ لِلْجَاعِلِ حَتَّى يَصِيرَ كَأَنَّهُ الْفَاعِلُ وَإِمَامُ الصَّلَاةِ لَيْسَ فِعْلُهُ كَذَلِكَ قَالَ وَتَخْرُجُ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّ فِعْلَ صَاحِبِهَا يُوجِبُ لُحُوقَهُ بِغَيْرِ الْجَاعِلِ.

(فَإِنْ قُلْت) هَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّ نَائِبٌ فِي فِعْلِهِ عَنْ الْمُقَدَّمِ عَلَيْهِ لَا عَنْ الْمُقَدَّمِ وَالْمَعْلُومُ أَنَّهُ عَنْ الْمُقَدَّمِ وَهُوَ الْجَاعِلُ (قُلْت) هَذَا فِيهِ بَحْثٌ فَإِنَّهُ وَإِنْ صَدَقَ أَنَّهُ نَائِبٌ عَنْ الْمُقَدَّمِ فَهُوَ نَائِبٌ عَنْ الْمُقَدَّمِ عَلَيْهِ أَيْضًا فَصَحَّ خُرُوجُهَا وَتَأَمَّلْ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي فَصْلِ الْحَجْرِ وَأَنَّهُ نَقَلَ الْخِلَافَ إذَا قَدَّمَ الْقَاضِي رَجُلًا عَلَى أَيْتَامٍ هَلْ هُوَ وَكِيلٌ عَنْ الْقَاضِي أَوْ أَنَّ الْقَاضِيَ جَبَرَ الْخَلَلَ الَّذِي تَرَكَهُ الْأَبُ وَهُوَ عَدَمُ التَّقْدِيمِ قَالَ وَبَنَوْا عَلَى ذَلِكَ إذَا عَلِمَ الْمُقَدَّمُ رُشْدَ الْمَحْجُورِ هَلْ يَدْفَعُ الْمَالَ لَهُ دُونَ مَشُورَةِ قَاضٍ قَالَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ مَشُورَتِهِ فَتَأَمَّلْ هَذَا النَّقْلَ مَعَ مَا نَقَلَ غَيْرُهُ وَتَأَمَّلْ إنَّ مُقَدَّمَ الْقَاضِي قِيلَ فِيهِ أَنَّهُ وَكِيلٌ عَنْ الْقَاضِي فِي قَوْلٍ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ، ثُمَّ إنَّ الشَّيْخَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَرَضِيَ عَنْهُ أَتَى بِحَدِّ ابْنِ الْحَاجِبِ بِقَوْلِهِ هِيَ نِيَابَةٌ فِيمَا لَا تَتَعَيَّنُ فِيهِ الْمُبَاشَرَةُ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَذَا بَاطِلٌ ضَرُورَةً بِمَا ذَكَرَ خُرُوجَهُ مِنْ إمَامِ الطَّاعَةِ وَمَا ذَكَرَ مَعَهُ هَذَا مَا ذَكَرَ وَيُبْطِلُ طَرْدَهُ أَيْضًا بِأَدَاءِ وَاجِبٍ عَنْ الْغَيْرِ لَا بِأَمْرِهِ كَقَضَاءِ دَيْنٍ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ هَارُونَ وَيُبْطِلُهُ أَيْضًا النِّيَابَةُ فِي الْمَعَاصِي كَالسَّرِقَةِ وَالْغَصْبِ وَرَدَّهُ الشَّيْخُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِأَنَّا نَمْنَعُ صَادِقِيَّةِ النِّيَابَةِ عَلَى ذَلِكَ وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِالِاسْتِقْرَاءِ وَالِاسْتِعْمَالِ فَإِنَّهُمَا دَلَّا عَلَى أَنَّ شَرْطَ النِّيَابَةِ اسْتِحْقَاقُ جَاعِلِهَا فِعْلَ مَا وَقَعَتْ النِّيَابَةُ فِيهِ فَتَأَمَّلْ هَذَا الْكَلَامَ فَإِنَّهُ حَسَنٌ إنْ صَحَّ الِاسْتِقْرَاءُ مِنْ الشَّرْعِ كَمَا ذُكِرَ، وَقَدْ صَحَّ عِنْدَ الشَّيْخِ ذَلِكَ وَلِذَا ذَكَرَ النِّيَابَةَ فِي جِنْسِ حَدِّهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ شَيْخِهِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ

<<  <   >  >>