للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشَّيْخُ خَلِيلٌ فِي مُخْتَصَرِهِ وَالنَّصُّ فِيهِ كَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ وَبَرِئَ إنْ رَجَعَتْ سَالِمَةً قَالَ شَارِحُهُ مَا مَعْنَاهُ فَإِنْ سَافَرَ الْوَدِيعَةِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ لَهُ، ثُمَّ رَجَعَتْ سَالِمَةً فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إنْ ضَاعَتْ فَهَذِهِ قَوِيَّةُ الشَّبَهِ وَأَقْوَى مِمَّا ذَكَرْنَا فِي الشَّبَهِ.

" الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ " إذَا أَوْدَعَ وَدِيعَةً، ثُمَّ تَعَدَّى الْمُودِعَ وَأَوْدَعَهَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، ثُمَّ رَجَعَتْ إلَى يَدِهِ فَهَلَكَتْ فَقَالُوا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَهَذِهِ قَرِيبَةٌ مِنْ الرَّابِعَةِ فِي قُوَّةِ الشَّبَهِ مِنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَمِنْ غَيْرِهَا وَتُقَوِّي الْقِيَاسَ الدَّالَّ عَلَى عَدَمِ الضَّمَانِ وَهُوَ الصَّوَابُ وَمَنْ قَالَ بِالضَّمَانِ مِنْ أَهْلِ الْعَصْرِ اسْتَدَلَّ عَلَى قَوْلِهِ بِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ اكْتَرَى دَابَّةً وَبَلَغَ الْغَايَةَ، ثُمَّ زَادَ زِيَادَةً عَلَى الْمَسَافَةِ أَوْ حَبَسَهَا أَيَّامًا، ثُمَّ رَجَعَتْ بِحَالِهَا فَقَالَ لِرَبِّهَا الْكِرَاءُ وَلَهُ الْخِيَارُ فِي أَخْذِ قِيمَتِهَا يَوْمَ التَّعَدِّي أَوْ الْكِرَاءِ فِيمَا حَبَسَهَا فِيهِ قَالَ فَكَمَا أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ قَالَ بِالضَّمَانِ وَلَوْ رَجَعَتْ سَالِمَةً فَكَذَلِكَ فِي النَّازِلَةِ الْمَذْكُورَةِ وَالْجَامِعِ ظَاهِرٌ مِمَّا تَقَدَّمَ فَظَهَرَ لِي فِي رَدِّ هَذَا الْقِيَاسِ أَنْ قُلْت: إنْ سَلَّمْنَا صِحَّةَ الْقِيَاسِ الْمَذْكُورِ الْمُعَارِضِ لِقِيَاسِ عَدَمِ الضَّمَانِ يَتَرَجَّحُ الْقِيَاسُ الْأَوَّلُ عَلَى الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ قِيَاسٌ عَلَى أَصْلٍ قَوِيٍّ فِي الشَّبَهِ مِنْ جِنْسِ الْمُشَبَّهِ بِهِ وَهُوَ الْأَصْلُ؛ لِأَنَّ الْبِضَاعَةَ وَالْوَدِيعَةَ وَالْقِرَاضَ كُلٌّ مِنْهَا قَرِيبٌ فِي الشَّبَهِ وَأَقَرَّ جِنْسًا مِنْ الْأَكْرِيَةِ؛ لِأَنَّ الْأَكْرِيَةَ فِيهَا الْمُعَاوَضَةُ وَلَا عِوَضَ فِي الْمَذْكُورِ بِوَجْهٍ وَبَابُ الْأَكْرِيَةِ أَبْعَدُ فِي الشَّبَهِ وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي عَدَمِ الضَّمَانِ فَثَمَّ خُصُوصِيَّاتٌ اخْتَصَّ بِهَا مَا ذَكَرْنَا، ثُمَّ لَنَا أَنْ نَقُولَ: إنَّ الْعِلَّةَ الَّتِي عَلَّلَ بِهَا ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَسَائِلِ السَّابِقَةِ قَالَ: لِأَنَّهُ رَدَّ الْوَدِيعَةَ إلَى الْمَأْمَنِ بَعْدَ التَّعَدِّي فِيهَا وَفِي مَسْأَلَةِ الْكِرَاءِ عَلَّلَ ذَلِكَ بِأَحَدِ وَجْهَيْنِ، أَمَّا لِأَنَّهُ حَبَسَهَا عَنْ أَسْوَاقِهَا أَوْ أَنَّهُ لَمَّا تَعَدَّى فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْهَلَاكُ مِنْ غَيْرِ التَّعَدِّي؛ لِأَنَّ الْحَيَوَانَ لَا يَبْقَى عَلَى حَالٍ وَكِلَا الْعِلَّتَيْنِ لَا يُمْكِنُ وُجُودُهُمَا فِي النَّازِلَةِ الْمَذْكُورَةِ.

ثُمَّ إنَّ مَسْأَلَةَ الْكِرَاءِ قَدْ ضَعَّفَهَا سَحْنُونٌ وَنَاقَضَهَا بِمَسْأَلَةِ الدَّابَّةِ الَّتِي اكْتَرَاهَا وَحَمَلَ عَلَيْهَا وَزْنًا مَعْلُومًا، ثُمَّ زَادَ عَلَيْهَا مَا تُعْطِبُ بِمِثْلِهِ، ثُمَّ نَزَعَ الزِّيَادَةَ، ثُمَّ مَاتَتْ قَالَ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، ثُمَّ مِمَّا يُقَوِّي مَا اخْتَرْنَاهُ أَنَّ سَحْنُونًا - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَاسَ وَاسْتَدَلَّ عَلَى قَوْلِهِ بِمَسْأَلَةِ الْوَدِيعَةِ إذَا رَدَّهَا بَعْدَ تَسْلُفْهَا فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ قِيَاسِنَا الْأَوَّلِ وَتَأَمَّلْ هُنَا مَعَ مُنَاقَضَةِ سَحْنُونَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِالْمَسْأَلَةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا بَقِيَ أَنْ يُقَالَ تَنْظِيرُ سَحْنُونَ بِمَا ذَكَرَ مِنْ الْوَدِيعَةِ يُضَعِّفُ مَا أَشَرْتُمْ إلَيْهِ مِنْ بَعْدِ هَذَا الْقِيَاسِ فِي الْكِرَاءِ الَّذِي قِيسَتْ عَلَيْهِ

<<  <   >  >>