للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْبَعْضِ وَبَنَى الشَّيْخُ عَلَى هَذَا هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُعِيرَ الْمُسْتَعِيرُ أَمْ لَا وَأَخَذَ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يُعِيرُ وَأَنَّهُ أَحْرَوِيٌّ مِنْ الْإِجَارَةِ وَأَنْكَرَ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَمَا أَيَّدَهُ بِهِ مِنْ الْوَصَايَا مِنْ كِتَابِ الْوَصَايَا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُوَفِّقُ. وَكَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَ أَوَّلًا (فَإِنْ قُلْت) كَيْفَ صَحَّ لِلشَّيْخِ الِاسْتِدْلَال عَلَى مَنْعِ أَنَّ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُعِيرَ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ فِي الْجُعْلِ وَالْإِجَارَةِ (قُلْت) قَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِأَنَّهُ إذَا كَرِهَ فِي الْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُعِيرَ فَكَيْفَ لَا يُكْرَهُ ذَلِكَ فِي الْمُسْتَعِيرِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ فِي تَسَلُّطِهِ فِي الْمَنْفَعَةِ أَضْعَفُ.

(فَإِنْ قُلْت) مَا يَعْنِي بِأَنَّهُ مَلَكَ الْمَنْفَعَةَ لِلْعَيْنِ (قُلْت) يَعْنِي لَعَيْنِ الْمَالِكِ أَيْ مَلَكَهُ لِذَاتِ عَيْنِهِ رِفْقًا بِهِ وَمَسْأَلَةُ الْوَصَايَا الْمَذْكُورَةِ تَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ فِي حَقِّ الْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُعِيرَ فَتَلَخُّصُ الْقَوْلَانِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ وَتَأَمَّلْ مَا ذَكَرَ هُنَا عَنْ بَعْضِهِمْ مَعَ مَا ذَكَرَهُ فِي تَعْرِيفِ الْمُسْتَحَقِّ لِمَنْ عَلَيْهِ حَبْسٌ وَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُوَفِّقُ.

[بَابُ الْمُسْتَعِيرِ]

(ع ور) : بَابُ الْمُسْتَعِيرِ

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَابَلَ مِلْكَ الْمَنْفَعَةِ وَبَنَى عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُعِيرُ كَافِرٌ عَبْدًا مُسْلِمًا وَلَا وَلَدُ وَالِدِهِ وَاعْتَرَضَ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ رَسْمُهُ حَيْثُ قَالَ الْمُسْتَعِيرُ أَهْلٌ لِلتَّبَرُّعِ عَلَيْهِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - رَسْمُهُ قَاصِرٌ؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ وَالْوَالِدَ أَهْلٌ لِلتَّبَرُّعِ عَلَيْهِمَا، ثُمَّ رَدَّ عَلَى شَيْخِهِ الْجَوَابَ عَنْ ابْنِ الْحَاجِبِ اُنْظُرْهُ فَإِنَّهُ حَسَنٌ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ يَنْفَعُنَا بِهِ وَيَرْحَمُهُ بِفَضْلِهِ.

[بَابُ الْمُسْتَعَارِ]

(ع ور) : بَابُ الْمُسْتَعَارِ

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْمُسْتَعَارُ مَا صَحَّ الِانْتِفَاعُ بِهِ بَاقِيَةُ ذَاتِهِ قَوْلُهُ بَاقِيَةُ ذَاتِهِ أَخْرَجَ بِهِ الْقَرْضَ فَلَا يَجُوزُ فِي الطَّعَامِ وَالذَّهَبِ وَلِلَّخْمِيِّ اخْتِيَارٌ حَسَنٌ اُنْظُرْهُ فَصَحَّ مِنْ حَدِّ الشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الْمُسْتَعَارَ هُوَ الذَّاتُ لَا الْمَنْفَعَةُ قَالَ الشَّيْخُ وَهُوَ مُقْتَضَى عُرْفِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ لِمَنْ تَأَمَّلْ وَلَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ رَدَّ بِهِ عَلَى قَوْلِ شَيْخِهِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ الْمُسْتَعَارَ هُوَ الْمَنْفَعَةُ قَالَ الشَّيْخُ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَاهُ أَنْ يُقَالَ: كُلُّ عَارِيَّةٍ مُمْكِنُ كَوْنِهِ مُؤَدَّاةً وَلَا شَيْءَ مِنْ الْمَنْفَعَةِ مُمْكِنٌ كَوْنُهُ مُؤَدَّاةً فَلَا شَيْءَ مِنْ الْعَارِيَّةِ بِمَنْفَعَةِ الصُّغْرَى دَلَّ عَلَيْهَا الْحَدِيثُ فِي أَبِي دَاوُد فَإِنَّهُ قَالَ فِي آخِرِهِ «أَعَارِيَّةٌ مَضْمُونَةٌ أَوْ عَارِيَّةٌ

<<  <   >  >>