للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْغَيْرِ وَقَبِلَ الشَّيْخُ مِنْهُ ذَلِكَ وَالْجَارِي عَلَى حَدِّ الْغَصْبِ الَّذِي أَخْرَجَ مِنْهُ التَّعَدِّيَ بِقَوْلِهِ غَيْرِ مَنْفَعَةِ أَنَّ مُخْتَارَ الشَّيْخِ قَوْلُهُ: مَنْفَعَةِ مِلْكِ ظُلْمًا قَهْرًا لَا بِخَوْفِ قِتَالِ لَا لِقَصْدِ تَمَلُّكِ الرَّقَبَةِ، ثُمَّ يُضِيفُ بَاقِي الْحَدِّ وَهَذَا لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ فِي الْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ نَقَلَ عَنْ الْمَازِرِيِّ هَذَا الْكَلَامَ مَا ذَكَرَهُ إلَّا لِلْفَرْقِ بَيْنَ التَّعَدِّي وَالْغَصْبِ وَاعْتَقَدَ أَنَّ الشَّيْخَ ذَكَرَهُ رَسْمًا لِلتَّعَدِّي فَلِذَا شَرَحْته، ثُمَّ وَقَفْت عَلَى مَا ذَكَرْته عَنْ الشَّيْخِ أَوَّلًا فَإِنْ قِيلَ أَخْذُ مَنْفَعَةِ مِلْكِ الْغَيْرِ هُوَ الِانْتِفَاعُ أَوْ يَسْتَلْزِمُ الِانْتِفَاعُ قُلْنَا بَلْ الْأَخْذُ سَبَبُ الِانْتِفَاعِ قَوْلُهُ " بِمِلْكِ الْغَيْرِ " أَخْرَجَ بِهِ الِانْتِفَاعَ بِمِلْكِهِ قَوْلُهُ " بِغَيْرِ حَقٍّ " أَخْرَجَ بِهِ الْإِجَارَةَ وَالْعَارِيَّةَ وَغَيْرَهُمَا قَوْلُهُ " دُونَ قَصْدِ تَمَلُّكِهِ " أَخْرَجَ بِهِ الْغَصْبَ قَوْلُهُ " أَوْ إتْلَافُهُ " هَذَا قِسْمٌ مِنْ أَقْسَامِ التَّعَدِّي وَالضَّمِيرُ يَعُودُ عَلَى الْمِلْكِ وَهُوَ عُطِفَ عَلَى الِانْتِفَاعِ قَوْلُهُ " أَوْ بَعْضُهُ " لِيَدْخُلَ فِيهِ إهْلَاكُ بَعْضِ الشَّيْءِ وَقَوْلُهُ دُونَ قَصْدِ التَّمَلُّكِ يَخْرُجُ بِهِ الْغَصْبُ أَيْضًا وَتَأَمَّلْ هَذَا مَعَ الرَّسْمِ الَّذِي ذَكَرْنَا عَنْ الشَّيْخِ فِي آخِرِ الِاسْتِحْقَاقِ فِي قَوْلِهِ التَّصَرُّفُ إلَخْ هَلْ يَشْمَلُ جَمِيعَ مَا ذَكَرَ الْمَازِرِيُّ فِي رَسْمِهِ أَمْ لَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، ثُمَّ إنَّ الشَّيْخَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ مَا أَجْمَلَ فِي كَلَامِ الْمَازِرِيِّ فِي قِسْمٍ لِاسْتِهْلَاكٍ فِي مَسَائِلِ التَّعَدِّي فَقَالَ الِانْتِفَاعُ بِمِلْكِ الْغَيْرِ دُونَ حَقٍّ فِيهِ خَطَؤُهُ كَعَمْدِهِ أَوْ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَا إذْنِ قَاضٍ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ لِفَقْدِهِمَا قَالَ فَيَدْخُلُ تَعَدِّي الْمُقَارِضِ وَسَائِرِ الْأُجَرَاءِ وَالْأَجَانِبِ فَتَأَمَّلْ كَلَامَهُ هَذَا مَعَ كَلَامِ الْمَازِرِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَدْ وَقَفْت عَلَى مَا ذَكَرْت مِنْ رَسْمِهِ لِلتَّعَدِّي بَعْدُ فَهُوَ أَخَصْرُ مِنْ كَلَامِ الْمَازِرِيِّ وَلِذَا ذَكَرَ مَا رَأَيْته فَقَوْلُهُ التَّصَرُّفُ مُغَايِرٌ لِلِانْتِفَاعِ؛ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ كَأَنَّهُ مُسَبَّبٌ عَنْ التَّصَرُّفِ وَلَمْ يَقُلْ كَمَا قَدَّمْنَا أَخَذَ إلَخْ قَوْلُهُ " فِي الشَّيْءِ " يَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ مَالٍ قَوْلُهُ " بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهِ " أَخْرَجَ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ رَبٌّ كَالطُّرُقَاتِ وَمَا شَابَهَ ذَلِكَ وَأَخْرَجَ بِبَاقِي رَسْمِهِ الْغَصْبَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَتَأَمَّلْ قَوْلَهُ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهِ فَإِذَا كَانَ رَبُّهُ صَبِيًّا وَأَذِنَ فَيَلْزَمُ أَنْ لَا يَكُونَ ذَلِكَ التَّصَرُّفُ تَعَدِّيًا إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُعْتَبَرُ الْإِذْنُ الشَّرْعِيُّ وَإِذْنُ الْمَحْجُورِ لَيْسَ بِإِذْنٍ.

[بَابُ الْفَسَاد الْيَسِير وَالْكَثِير فِي التَّعَدِّي]

(ف س د) : بَابُ الْفَسَادِ الْيَسِيرِ وَالْكَثِيرُ فِي التَّعَدِّي

قَالَ الْيَسِيرُ مَا لَمْ يُبْطِلْ الْمَقْصُودَ وَالْكَثِيرُ مَا أَبْطَلَهُ وَلَوْ قَلَّ وَبِالْجُمْلَةِ فَالْفَرْقُ بَيْنَ الْغَصْبِ وَالتَّعَدِّي قَدْ أَشْكَلَ عَلَى كَثِيرٍ وَمُعْظَمُ التَّفَارِيقِ فِيهَا إشْكَالٌ وَعَلَيْهَا يَنْبَنِي رَسْمُ

<<  <   >  >>