للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ قَالَ الشَّيْخُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْمُزَارَعَةُ

شَرِكَةٌ فِي الْحَرْثِ وَبِالثَّانِي عَبَّرَ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ عَبَّرَ بِالْأَوَّلِ (قُلْتُ) أَصْلُهَا لُغَةً مَعْلُومٌ وَشَرْعًا رَدَّهَا إلَى نَوْعٍ مِنْ الشَّرِكَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدُّ الشَّرِكَةِ وَأَنَّهَا خَاصَّةٌ وَعَامَّةٌ وَأَنَّهَا تَدْخُلُ فِي حَدِّ الْأَعَمِّيَّةِ بِاعْتِبَارِ عِوَضِ الْعَمَلِ وَفِي الْأَخَصِّيَّةِ بِاعْتِبَارِ الْعَمَلِ وَأَشَارَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلَى أَنَّ التَّعْبِيرَ بِلَفْظِ الْمُزَارَعَةِ فِيهِ خِلَافٌ وَذَلِكَ ظَاهِرٌ وَيَظْهَرُ فِي سَبَبِ الْخِلَافِ مَا وَرَدَ مِنْ النَّهْيِ «لَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ زَرَعْت وَلْيَقُلْ حَرَثْت» وَالْقُرْآنُ يَشْهَدُ لِهَذَا وَفِي كَوْنِهِ نَسَبَ الْحِرَاثَةَ لِلْآدَمِيِّينَ وَالزِّرَاعَةَ لِلْخَالِقِ (فَإِنْ قُلْتَ) قَالَ ابْنُ رُشْدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِأَنَّ الزِّرَاعَةَ اشْتَمَلَتْ عَلَى حَقِيقَةِ الشَّرِكَةِ وَعَلَى حَقِيقَةِ الْإِجَارَةِ فَكَيْفَ قَالَ الشَّيْخُ شَرِكَةٌ فِي الْحَرْثِ فَهَلَّا قَالَ شَرِكَةٌ وَإِجَارَةٌ فِي الْحَرْثِ كَمَا قَالَهُ فِي الْمُغَارَسَةِ فِي قَوْلِهِ جُعْلٌ وَإِجَارَةٌ وَذَاتُ شَرِكَةٍ فِي الْأَصْلِ (قُلْتُ) وَإِنْ قُلْنَا فِيهَا الْأَمْرَانِ لَكِنْ غَلَبَ عَلَيْهَا أَحَدُهُمَا فَرَأَى الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ غَلَبَ عَلَيْهَا حُكْمُ الشَّرِكَةِ وَالْإِجَارَةُ تَبَعٌ لَهَا فَلِذَا قَالَ شَرِكَةٌ فِي الْحَرْثِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهَا لَا تَلْزَمُ بِالْقَوْلِ وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى تَغْلِيبِ الشَّرِكَةِ وَقَالَ سَحْنُونٌ تَلْزَمُ بِالْقَوْلِ وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى تَغْلِيبِ الْإِجَارَةِ (فَإِنْ قُلْتَ) لَئِنْ صَحَّ جَوَابُك بِهَذَا فَهَلَّا قَالَ الشَّيْخُ عَلَى رَأْيِ كَذَا وَعَلَى رَأْيِ كَذَا فَيَقُولُ شَرِكَةٌ عَلَى رَأْيٍ أَوْ إجَارَةٌ عَلَى رَأْيٍ مُرَاعِيًا فِي الْقَوْلَيْنِ مَا الْغَالِبُ فِيهِمَا (قُلْتُ) لَا يَخْلُو مِنْ مُسَامَحَةٍ وَوَقَعَ لِابْنِ يُونُسَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ قَالَ أُرَاهُمْ أَنَّهُمْ جَعَلُوا إذَا لَمْ يُخْرِجُ الْعَامِلُ إلَّا عَمَلَ يَدِهِ أَنَّهُ أَجِيرٌ وَإِنْ كَافَأَ عَمَلُهُ مَا أَخْرَجَ صَاحِبُهُ وَإِنْ أَخْرَجَ الْعَامِلُ شَيْئًا مِنْ الْمَالِ بَقَرًا أَوْ شَيْئًا مِنْ زَرِيعَةٍ وَلَوْ قَلَّ وَكَافَأَ ذَلِكَ وَعَمَلُ يَدِهِ مَا أَخْرَجَ الْآخَرُ فَإِنَّهُمَا شَرِيكَانِ قَالَ وَالْقِيَاسُ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ وَلَكِنْ هُمْ أَهْدَى إلَى الصَّوَابِ قَالَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَقْرِيرُ كَوْنِ مَا قَالُوهُ هُوَ الصَّوَابُ إنَّ حَقِيقَةَ الشَّرِكَةِ مُبَايِنَةٌ لِحَقِيقَةِ الْإِجَارَةِ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الشَّرِكَةِ عَدَمُ انْفِرَادِ أَحَدِهِمَا بِإِخْرَاجِ الْمَالِ وَالْآخَرِ بِإِخْرَاجِ الْعَمَلِ وَالْإِجَارَةُ عَلَى عَكْسِ ذَلِكَ وَحُكْمُ الشَّرِكَةِ أَنَّ فَائِدَتَهَا يَجِبُ أَنْ تَكُونَ مَعْلُومَةً لِمُسْتَحِقِّهَا بِطَرِيقِ نِسْبَةِ الشَّيْءِ

<<  <   >  >>