للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْأُمُورَ الَّتِي عُلِمَ مِنْ قَوَاعِدِ الدِّينِ حُكْمُهَا لَا يُقَالُ فِيهَا الْأَظْهَرُ وَلَا نَظَرَ بَلْ يُقْطَعُ بِالْحُكْمِ فِيهَا وَالْأُمُورُ الدُّنْيَوِيَّةُ الْعَامَّةُ إذَا اُفْتُقِرَ فِيهَا إلَى مَالٍ مِنْ كَافِرٍ فِيهِ إظْهَارُ مِنَّةِ الْكَافِرِ عَلَى عُمُومِ الْمُسْلِمِينَ وَالْإِيَالَةِ بِفِعْلِهِ وَمَا فِيهِ إذْلَالٌ أَوْ إعَانَةٌ عَلَى مِلَّتِهِمْ مَقْطُوعٌ بِتَحْرِيمِهِ فَلَا يُقَالُ فِي مِثْلِ هَذِهِ النَّازِلَةِ نَظَرٌ وَلَا أَظْهَرَ بَلْ الْقَطْعَ بِالْمَنْعِ مِنْ قَبُولِ فِعْلِ هَذَا الْكَافِرِ وَإِظْهَارُ أُبَّهَةِ الْإِسْلَامِ عَلَيْهِ وَاجِبَةٌ (قُلْتُ) الْمَسْأَلَةُ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا الرَّدُّ عَلَى الْبَاجِيِّ إذَا حَبَسَ مُسْلِمٌ عَلَى كَنِيسَةٍ قَالَ الْبَاجِيُّ الْأَظْهَرُ عِنْدِي رَدُّهُ لِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ كَمَا لَوْ صَرَفَهَا إلَى أَهْلِ الْفِسْقِ قَالَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَقِبَ هَذَا الْكَلَامِ قُلْتُ عَادَةُ الْأَشْيَاخِ أَنَّهُمْ لَا يَقُولُونَ الْأَظْهَرُ عِنْدِي إلَّا فِيمَا فِيهِ نَظَرٌ لَا فِي أَمْرٍ ضَرُورِيٍّ وَرَدُّ هَذَا الْحَبْسِ ضَرُورِيٌّ مِنْ الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ لِأَنَّهُ تَسَبَّبَ فِي مَعْصِيَةٍ لَوْ أَعَانَ عَلَيْهَا وَمَا هَذَا شَأْنُهُ حَرَامٌ إجْمَاعًا وَكَذَا مِنْ الْقَوَاعِدِ الْفُرُوعِيَّةِ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ الَّتِي اسْتَدَلَّ بِهَا السَّائِلُ لَيْسَتْ مِثْلَ الْمَسْأَلَةِ الْمُسْتَدَلِّ عَلَيْهَا لِأَنَّ الْمُسْتَدَلَّ عَلَيْهَا مَنْفَعَةٌ عَامَّةٌ دُنْيَوِيَّةٌ وَالْمَسْأَلَةُ الَّتِي ذَكَرَ الْبَاجِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ حَبَسَ عَلَى أَهْلِ الْفِسْقِ فَالْحَبْسُ بَاطِلٌ

(فَإِنْ قُلْتَ) إذَا بَطَلَ الْحَبْسُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ هَلْ يَرْجِعُ مِلْكًا (قُلْتُ) نَعَمْ يَرْجِعُ مِلْكًا لِلْمُحْبِسِ أَوْ لِوَرَثَتِهِ إنْ مَاتَ كَذَا وَقَعَ لِلشَّيْخِ سَيِّدِي عِيسَى - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَفِي جَوَابٍ لَهُ مَا يُوهِمُ خِلَافَ ذَلِكَ وَأَنَّهُ يَرْجِعُ مَرَاجِعَ الْأَحْبَاسِ وَذَكَرَ ذَلِكَ فِي سُؤَالٍ وَقَعَ فِي عَصْرِهِ فِي أُنَاسٍ مِنْ أَهْلِ الْحِمَى حَبَسُوا عَلَى مَسَاجِدِ الْإِبَاضِيَّةِ وَعَلَى الْفُقَرَاءِ مِنْهُمْ الْمُلَازِمِينَ لِلْمَسَاجِدِ الْمَذْكُورَةِ فَإِنْ انْقَرَضُوا رَجَعَ ذَلِكَ لِمَنْ عَلَى مَذْهَبِهِمْ بِالْجَبَلِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَجَعَ ذَلِكَ عَلَى جَزِيرَةِ جِرْبَة قَالَ السَّائِلُ ثُمَّ قَامَ قَائِمٌ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَخَرَّبَ مَسَاجِدَهُمْ فَسَأَلَ السَّائِلُ هَلْ يَكُونُ الْحَبْسُ بَاطِلًا لِانْقِطَاعِ هَذِهِ الطَّائِفَةِ وَيَرْجِعُ مِيرَاثًا أَوْ يَرْجِعُ حَبْسًا أَوْ يَرْجِعُ لِفُقَرَاءِ أَهْلِ السُّنَّةِ فَأَجَابَ الشَّيْخُ سَيِّدِي عِيسَى - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِمَا مَعْنَاهُ الْقِيَامُ عَلَى هَؤُلَاءِ وَاسْتِتَابَتُهُمْ مِنْ الْأُمُورِ اللَّازِمَةِ لِمَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ الْحُكْمَ قَالَ وَإِحْبَاسُهُمْ يَجِبُ إبْطَالُهَا إذَا كَانَتْ عَلَى مَنْ يَتَمَذْهَبُ بِمَذْهَبِهِمْ ثُمَّ قَالَ وَبَعْدَ أَنْ أَرَاحَ اللَّهُ مِنْهُمْ فَتَرْجِعُ إلَى أَقْرَبِ النَّاسِ بِالْمُحْبِسِ مِمَّنْ هُوَ عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ الْحَقِّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَجَعَ إلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ ثُمَّ رُوجِعَ الشَّيْخُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي فَهْمِ جَوَابِهِ لِأَنَّ كَلَامَهُ اقْتَضَى أَوَّلًا أَنَّ الْحَبْسَ بَاطِلٌ وَيَرْجِعُ مِلْكًا وَثَانِيًا اقْتَضَى أَنَّهُ يَرْجِعُ مَرَاجِعَ الْأَحْبَاسِ وَسُئِلَ الشَّيْخُ سَيِّدِي أَبُو الْقَاسِمِ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ الْحُكْمِ فِي

<<  <   >  >>