للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْأُصُولِيُّونَ قَالَ وَمَسَائِلُ الْمَذْهَبِ تَدُلُّ عَلَى اخْتِلَافٍ فِي ذَلِكَ كَمَسْأَلَةِ اسْتِثْنَاءِ جِلْدِ الشَّاةِ الْمَبِيعَةِ فِي السَّفَرِ إذَا كَانَ لَهُ قِيمَةً وَغَيْرَ ذَلِكَ وَحَاصِلُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ يَقُولُ مَنْ اشْتَرَطَ كَوْنَ الْقَاضِي وَاحِدًا فِي صِحَّةِ الْوِلَايَةِ وَهُوَ ابْنُ رُشْدٍ رَأَى أَنَّ التَّعْلِيلَ بِالْمَظِنَّةِ لَا بِالْحِكْمَةِ وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا حَقَّقَ الِاخْتِلَافَ بِالتَّنَاقُضِ فِي الْقَوْلِ أَدَّى ذَلِكَ إلَى عَدَمِ حُصُولِ الْحُكْمِ وَذَلِكَ يُخِلُّ بِمَا فِيهِ مَصْلَحَةُ نَصْبِ الْقَاضِي وَإِنْ وُجِدَ اتِّفَاقٌ مِنْهُمَا فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ فَذَلِكَ لَا يُبْطِلُ الْمَظِنَّةَ لِأَنَّ التَّعْلِيلَ بِهَا مُقَدَّمٌ عَلَى التَّعْلِيلِ بِالْحِكْمَةِ فَلِذَلِكَ صَحَّ عِنْدَهُ أَنَّ الشَّرْطَ الْمَذْكُورَ يُعْتَبَرُ فِي صِحَّةِ انْعِقَادِ الْوِلَايَةِ وَعِيَاضٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - رَأَى أَنَّ التَّعْلِيلَ عِنْدَهُ بِالْحِكْمَةِ فَلِذَلِكَ صَحَّ أَنْ يَقُولَ إنَّ الِاتِّفَاقَ إذَا وَقَعَ يَجِبُ الْإِمْضَاءُ فِيهِ فَإِذَا وُجِدَ الِاتِّفَاقُ مِنْهُمَا مَضَى الْحُكْمُ وَإِذَا فُقِدَ. فُقِدَ الْحُكْمُ (فَإِنْ قُلْتَ) إذَا صَحَّحَ الشَّيْخُ وَجْهَ الْقَوْلَيْنِ بِمَا ذَكَرَ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ التَّعْلِيلَ بِالْمَظِنَّةِ أَصْوَبُ فَلِأَيِّ شَيْءٍ قَالَ إنَّ الْأَظْهَرَ قَوْلُ عِيَاضٍ (قُلْتُ) لَعَلَّهُ رَأَى أَنَّ الْحِكْمَةَ إذَا كَانَتْ مُنْضَبِطَةً فَالتَّعْلِيلُ بِهَا يَصِحُّ وَهُوَ أَوْلَى وَفِيهِ بَحْثٌ (فَإِنْ قُلْتَ) قَدْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ النَّازِلَةَ الْمُعَيَّنَةَ يَصِحُّ ذَلِكَ فِيهَا بِاتِّفَاقٍ وَالْمَعْنَى الَّذِي أَشَرْتُمْ إلَيْهِ مِنْ جَوَازِ الِاخْتِلَافِ مَوْجُودٌ (يُجَابُ) عَنْ ذَلِكَ بِمَا أُجِيبَ بِهِ فِي صُورَةِ الْحُكْمَيْنِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ الِانْتِقَالُ عَنْهُمَا إلَى غَيْرِهِمَا بِخِلَافِ الْقَضَاءِ الْعَامِّ فَلَا يَكُونُ فِيهِ تَعْدَادٌ وَظَهَرَ كَلَامُ الشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنَّ الْقَضَاءَ الْعَامَّ هُوَ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ قَالَ وَلَا أَظُنُّ أَنَّهُمْ يَخْتَلِفُونَ فِي الْجُزْئِيَّةِ الْمُعَيَّنَةِ وَذَكَرَ قَضِيَّةَ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -.

[بَابٌ فِي الشُّرُوطِ فِي الْقَضَاءِ الَّتِي عَدَمُهَا يُوجِبُ عَزْلَ الْقَاضِي وَتَنْعَقِدُ الْوِلَايَةُ مَعَ فَقْدِهَا]

قَالَ أَيْضًا عَنْ ابْنِ رُشْدٍ كَوْنُهُ سَمِيعًا بَصِيرًا مُتَكَلِّمًا عَدْلًا قَوْلُهُ سَمِيعًا أَخْرَجَ بِهِ الْأَصَمَّ وَالْبَصِيرُ أَخْرَجَ بِهِ الْأَعْمَى وَالْمُتَكَلِّمُ أَخْرَجَ بِهِ الْأَبْكَمَ وَالْعَدْلُ أَخْرَجَ بِهِ الْفَاسِقَ فَأَمَّا غَيْرُ الْعَدْلِ فَمَا مَضَى مِنْ أَحْكَامِهِ فَهُوَ مَاضٍ تَنْعَقِدُ مَعَهُ الْوِلَايَةُ عَلَى قَوْلِ أَصْبَغَ لَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْعَدَالَةَ شَرْطٌ فِي الْوِلَايَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْآمِدِيُّ الْخِلَافَ فِيهِ وَأَمَّا الْعِلْمُ فَاخْتُلِفَ فِيهِ فَقِيلَ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَقِيلَ مِنْ الثَّانِي وَقِيلَ مِنْ الثَّالِثِ وَتَأَمَّلْ مَا ذَكَرَ هُنَا مِنْ وِلَايَةِ الْمُقَلِّدِ وَغَيْرِهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

<<  <   >  >>