للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَوْلُهُ " قَوْلٌ " أَتَى بِالْقَوْلِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْخَبَرَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الشَّهَادَةِ لِأَنَّ الْقَوْلَ هُوَ الْغَالِبُ فِي اسْتِعْمَالِ الْفُقَهَاءِ فِي الْأَحْكَامِ لِقَوْلِهِمْ تَقْيِيدُ مَقَالَةٍ وَقَوْلِ الْمُدَّعِي وَالْجَوَابِ عَنْ قَوْلِهِ فَنَاسَبَ ذَلِكَ هُنَا قَوْلُهُ " هُوَ بِحَيْثُ " الْحَيْثِيَّةُ الْمَذْكُورَةُ فَائِدَةُ التَّقْيِيدِ بِهَا مِثْلُ مَا قَدَّمَهُ فِي الشَّهَادَةِ لِأَنَّ الْقَصْدَ أَنَّ الْقَوْلَ مَوْصُوفٌ بِتِلْكَ الْحَيْثِيَّةِ فِي حَالَةِ إنْكَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَفَادَ أَنَّ الْقَوْلَ الْمَذْكُورَ إنَّمَا تَصْدُقُ عَلَيْهِ الدَّعْوَى مَعَ اتِّصَافِهِ بِالْحَيْثِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ إذَا أَوْجَبَ حَقًّا لِقَائِلِهِ أَنْ لَا يُسَمَّى دَعْوَى لِأَنَّهُ إذَا أَوْجَبَ حَقًّا لِقَائِلِهِ فَقَدْ ثَبَتَتْ صِحَّتُهُ بِتَمَامِ الْبَيِّنَةِ أَوْ الِاعْتِرَافِ بِهِ فَإِذَا قَالَ لِي عَلَيْك عَشَرَةُ دَنَانِيرَ مِنْ غَيْرِ إثْبَاتٍ كَمَا يَجِبُ فَهُوَ دَعْوَى لِاتِّصَافِ الْقَوْلِ بِالْحَيْثِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَإِذَا سُلِّمَ ذَلِكَ فَلَا يُسَمَّى دَعْوَى وَيُسَمَّى حَقًّا ثَابِتًا وَهَذَا مُوَافِقٌ مَعْنًى لِمَا أَشَارَ إلَيْهِ أَرْبَابُ الْمَعْقُولِ فِي الْخَبَرِ وَأَنَّ لَهُ حَالَاتٍ يَتَّصِفُ بِهَا فَيُقَالُ فِيهِ نَتِيجَةٌ بَعْدَ الْبُرْهَانِ عَلَيْهِ وَيُقَالُ فِيهِ دَعْوَى قَبْلَ ذَلِكَ وَتَأَمَّلْ مَا وَقَعَ لَهُمْ مِنْ الْبَحْثِ فِي رَسْمِ الدَّلَالَةِ فِي قَوْلِهِمْ هِيَ كَوْنُ اللَّفْظِ بِحَيْثُ إذَا أُطْلِقَ دَلَّ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُوَفِّقُ.

قَوْلُهُ " لَوْ سُلِّمَ " مَعْنَاهُ لَوْ قُدِّرَ تَسْلِيمُ الْقَوْلِ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالشَّرْطُ وَالْجَوَابُ صِفَةٌ لِلْقَوْلِ وَأَخْرَجَ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ قُدِّرَ أَنَّ تَسْلِيمَهُ لَا يُوجِبُ حَقًّا لِقَائِلِهِ فَلَا يُسَمَّى دَعْوَى شَرْعِيَّةً وَلَا يَلْزَمُ الْخَصْمَ الْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ لِأَنَّ الدَّعْوَى الْعُرْفِيَّةَ يَلْزَمُ الْحَاكِمَ إلْزَامُ الْجَوَابِ فِيهَا وَإِنْ لَمْ يَجِبْ حُكْمٌ عَلَيْهِ وَلِقَائِلِهِ يَتَعَلَّقُ بِالْحَقِّ.

وَيَخْرُجُ بِذَلِكَ قَوْلُهُ أَنْتَ زَانٍ وَمَا شَابَهَهُ فَإِنَّهُ لَوْ سُلِّمَ لَا يُوجِبُ لَهُ حَقًّا هَذَا مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخِ وَيُنْظَرُ هَذَا فِي كُتُبِ الْفُقَهَاءِ هَلْ يُسَمَّى دَعْوَى أَمْ لَا (فَإِنْ قُلْتَ) بَلْ يُوجِبُ حَقًّا لَهُ وَهُوَ إسْقَاطُ الْحَدِّ عَنْهُ (قُلْتُ) الْمُرَادُ بِالْحَقِّ مَا يَطْلُبُهُ الْمُدَّعِي مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْحَقُّ هُنَا أَعَمُّ مِنْ الْمَالِ أَوْ غَيْرِهِ وَتَأَمَّلْ هَلْ يَرُدُّ عَلَيْهِ إذَا سَلَّمَ ذَلِكَ الْقَوْلَ غَيْرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَلْ تَصْدُقُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَيَكُونُ غَيْرَ مَانِعٍ أَوْ لَا يَلْزَمُ ذَلِكَ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ يَسْتَلْزِمُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْمُنَازِعِ وَهُوَ مَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ لَا مِنْ غَيْرِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ " لِقَائِلِهِ " أَخْرَجَ بِذَلِكَ إذَا أَوْجَبَ الْقَوْلُ حَقًّا عَلَى قَائِلِهِ إذَا سَلَّمَهُ الْمَقُولُ لَهُ كَمَا إذَا قَالَ لِرَجُلٍ لَهُ عِنْدِي دِينَارٌ فَهَذَا قَوْلٌ عَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِهِ أَوْجَبَ حَقًّا عَلَى قَائِلِهِ وَذَلِكَ مِنْ الْإِقْرَارِ فَأَخْرَجَ ذَلِكَ مِنْ هَذَا الرَّسْمِ بِقَوْلِهِ لِقَائِلِهِ.

(فَإِنْ قُلْتَ) إذَا قَالَ رَجُلٌ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَهَذَا قَوْلٌ لَوْ سَلَّمَهُ السَّامِعُ مِنْ رَجُلٍ كَمَا إذَا دَخَلَ الْإِسْلَامَ بِهِ فَإِنَّهُ يُوجِبُ حَقًّا

<<  <   >  >>