للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هَذِهِ الدَّعْوَى كَيْفَ يَصْدُقُ الرَّسْمُ عَلَيْهِ.

(قُلْتُ) قَدْ اقْتَرَنَ بِهِ مُرَجِّحٌ فَصَحَّ صِدْقُهُ عَلَيْهِ لِأَنَّ مَعَهُ ذَلِكَ وَهُوَ اسْتِصْحَابُ الْحَالِ فِي بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ بَقِيَ أَنْ يُقَالَ إنْ تَرَجَّحَ قَوْلُهُ بِشَهَادَةٍ تَشْهَدُ لِلْمَطْلُوبِ كَمَا إذَا أَقَامَ بَيِّنَةً تَشْهَدُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ مُدَّعَى عَلَيْهِ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إلَّا أَنْ يُقَالَ ضَمِيرُ بِهِ يَعُودُ عَلَى الْمُرَجِّحِ لَا بِصِفَتِهِ فَحِينَئِذٍ تَدْخُلُ هَذِهِ الصُّورَةُ وَمَسَائِلُ الدَّعْوَى وَالْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَيْهَا يَنْبَنِي حُكْمُ الْقَضَاءِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُوَفِّقُ ثُمَّ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ مَنْ تَجَرَّدَ قَوْلُهُ عَنْ مُصَدِّقٍ يَبْطُلُ عَكْسُهُ بِالْمُدَّعِي وَمَعَهُ بَيِّنَةٌ قَالَ وَنَحْوُهُ لِابْنِ شَاسٍ (فَإِنْ قُلْتَ) لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ إنَّ الشَّهَادَةَ إذَا ثَبَتَتْ لَا يُقَالُ فِي الْقَائِمِ بِهَا مُدَّعٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَجَرَّدْ قَوْلُهُ عَنْ مُصَدِّقٍ وَمَا أَشَرْتُمْ إلَيْهِ مِنْ الْحَدِيثِ لَا يُرَدُّ كَمَا قُلْنَاهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا سَمَّاهُ مُدَّعٍ قَبْلَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ وَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ وَلَا يَتِمُّ الِاسْتِدْلَال بِالْحَدِيثِ إلَّا لَوْ سَمَّاهُ مُدَّعِيًا مَعَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ سَلَّمْنَا ذَلِكَ وَلَنَا أَنْ نَقُولَ تَسْمِيَتُهُ مُدَّعِيًا بَعْدَ الْقِيَامِ بِهَا مِنْ تَسْمِيَةِ الشَّيْءِ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ (قُلْتُ) هَذَا مِمَّا يُمْكِنُ الْبَحْثُ بِهِ وَيَنْفَصِلُ ابْنُ الْحَاجِبِ بِهِ عَنْ الِاعْتِرَاضِ عَلَيْهِ وَنَقَلَ ابْنُ رُشْدٍ فِي مُقَدِّمَاتِهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ الْمُدَّعِي مَنْ قَالَ قَدْ كَانَ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَنْ قَالَ لَمْ يَكُنْ وَمَنْ عَرَّفَهُمَا لَمْ يَلْتَبِسْ عَلَيْهِ الْحُكْمُ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ لَيْسَ قَوْلُهُ هَذَا عَلَى عُمُومِهِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ إنَّمَا يَصِحُّ إذَا تَجَرَّدَتْ دَعْوَى الْمُدَّعِي فِي قَوْلِهِ قَدْ كَانَ مِنْ سَبَبٍ يَدُلُّ عَلَى صِدْقِ دَعْوَاهُ فَإِنْ كَانَ لَهُ سَبَبٌ يَدُلُّ عَلَى تَصْدِيقِ دَعْوَاهُ أَقْوَى مِنْ سَبَبِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْقَائِلِ لَمْ يَكُنْ بُدِّي عَلَيْهِ بِالْيَمِينِ كَمَنْ حَازَ شَيْئًا عَلَى غَيْرِهِ مُدَّةَ الْحِيَازَةِ فِي وَجْهٍ يَدَّعِي الشِّرَاءَ قُبِلَ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ وَهُوَ يَقُولُ قَدْ كَانَ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَقُولُ لَمْ يَكُنْ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ وَبِهِ التَّوْفِيقُ.

(فَإِنْ قُلْتَ) قَالَ الْقَرَافِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُدَّعِي مَنْ كَانَ قَوْلُهُ عَلَى خِلَافِ أَصْلٍ أَوْ عُرْفٍ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَنْ كَانَ قَوْلُهُ عَلَى وَفْقِ أَصْلٍ أَوْ عُرْفٍ فَهَلْ يَرْجِعُ إلَى قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَوْ إلَى كَلَامِ الشَّيْخِ فِي رَسْمِهِ (قُلْتُ) يَظْهَرُ أَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى كَلَامِ الشَّيْخِ وَرَسْمُهُ أَخْصَرُ مِنْهُ وَأَمْنَعُ لِزِيَادَةِ قَوْلِهِ غَيْرِ شَهَادَةٍ وَلَوْ قَالَ لَا بِشَهَادَةٍ لَكَانَ أَخْصَرَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُوَفِّقُ وَهُوَ أَعْلَمُ.

[بَابُ النُّكُولِ]

(ن ك ل) :

<<  <   >  >>