للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْعِدَا أَوْ طَلَبُهُ قَالَ فَبَغَى عَلَيْهِ وَفِي الشَّرْعِ صَيَّرَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْجِنْسَ الِامْتِنَاعَ مِنْ الطَّاعَةِ قَوْلُهُ " مِنْ طَاعَةِ " كَالِامْتِنَاعِ مِنْ امْتِثَالِ أَمْرٍ مِنْ إمَامٍ أَوْ غَيْرِهِ قَوْلُهُ " مَنْ ثَبَتَتْ إمَامَتُهُ " أَيْ انْعَقَدَتْ شَرْعًا فَخَرَجَ بِهِ مَنْ لَمْ تَنْعَقِدْ لَهُ إمَامَةٌ وَعَمَّمَ فِي انْعِقَادِ الْإِمَامَةِ بِأَيِّ شَيْءٍ تَنْعَقِدُ بِهِ ظَاهِرُهُ وَلَوْ مِنْ رَجُلٍ وَفِيهِ مَا هُوَ مَعْلُومٌ وَالصَّحِيحُ صِحَّةُ انْعِقَادِ ذَلِكَ بِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ وَكَذَلِكَ يَدْخُلُ فِيهِ انْعِقَادُ الْإِمَامَةِ لِرَجُلَيْنِ مُتَبَاعِدَيْ الْأَصْقَاعِ اُنْظُرْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ " فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ " أَخْرَجَ بِهِ إذَا أَمَرَهُ الْإِمَامُ بِمَعْصِيَةٍ فَإِنَّ مَنْ امْتَنَعَ مِنْ طَاعَتِهِ غَيْرَ بَاغٍ وَفِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ إمَّا حَالٌّ أَوْ يَتَعَلَّقُ بِالِامْتِنَاعِ قَوْلُهُ " بِمُغَالَبَةٍ " أَخْرَجَ بِهِ الِامْتِنَاعَ مِنْ طَاعَتِهِ مِنْ غَيْرِ مُغَالَبَةٍ فَإِنَّهُ لَا يُسَمَّى بَغْيًا قَوْلُهُ " وَلَوْ تَأَوُّلًا " وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ الِامْتِنَاعِ بِمُغَالَبَةٍ فِي كُلِّ حَالَةٍ بِغَيْرِ تَأْوِيلٍ أَوْ بِتَأْوِيلٍ لِيَدْخُلَ فِيهِ بُغَاةُ الشَّامِ وَالْبَصْرَةِ وَالْحَرُورِيَّةِ ثُمَّ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ هُوَ الْخُرُوجُ عَنْ طَاعَةِ الْإِمَامِ مُغَالَبَةً مُتَعَقِّبٌ بِاخْتِصَاصِهِ بِمَنْ دَخَلَ فِي طَاعَتِهِ ثُمَّ خَرَجَ وَأَمَّا مَنْ امْتَنَعَ مِنْ طَاعَتِهِ فَلَا يَدْخُلُ فِي حَدِّهِ مَعَ أَنَّهُ بَاغٍ هَذَا مَعْنَى مَا ذَكَرَ وَأَجَابَ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِالْخُرُوجِ عَدَمُ التَّأَسِّي لِقَوْلِهِ إنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ (قُلْتُ) وَهَذَا فِيهِ تَسَامُحٌ فِي التَّعْرِيفِ لَا يَخْفَى قَالَ وَتَعَقَّبَ بِإِطْلَاقِ الطَّاعَةِ ظَاهِرُهُ فِي مَعْصِيَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَلَا يُسَمَّى فِي الْمَعْصِيَةِ بَغْيًا هَذَا اعْتِرَاضٌ عَلَى طَرْدِهِ وَالْأَوَّلُ عَلَى عَكْسُهُ وَأَجَابَ بِأَنَّهُ إذَا أَمَرَ بِالْمَعْصِيَةِ فَهُوَ غَيْرُ إمَامٍ (قُلْت) وَفِي هَذَا بَحْثٌ لَا يَخْفَى فَإِنَّ مَعْصِيَتَهُ لَا تُوجِبُ عَزْلَ الْإِمَامَةِ وَإِنَّمَا يُوجِبُ عَزْلَهَا رَدَّتْهُ عَلَى أَصْلِنَا وَيَلْزَمُ عَلَى مَا ذَكَرَ أَنْ يَسْتَغْنِيَ فِي حَدِّهِ عَنْ قَوْلِهِ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ الْإِمَامَةَ مَعَ الْمَعْصِيَةِ وَحَقُّ الشَّيْخِ أَنْ يَزِيدَ أَوْ نَائِبَ الْإِمَامِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَمَنْ ثَبَتَ بَغْيُهُ الْمَذْكُورُ جَازَ قِتَالُهُ وَقَتْلُهُ وَهُنَا مَسَائِلُ يُحْتَاجُ إلَيْهَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ لَا رَبَّ غَيْرُهُ وَلَا مَعْبُودَ سِوَاهُ.

[بَابُ الرِّدَّةِ]

(ر د د) : بَابُ الرِّدَّةِ نَعُوذُ بِاَللَّهِ أَنْ نُرَدَّ عَلَى أَعْقَابِنَا أَوْ تَزِيغَ قُلُوبُنَا رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إذْ هَدَيْتنَا بِحُرْمَةِ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَتَقَعُ بِهِ " الرِّدَّةُ كُفْرٌ بَعْدَ إسْلَامٍ تَقَرَّرَ " قَوْلُهُ " كُفْرٌ " سُمِّيَتْ كُفْرًا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا»

<<  <   >  >>