للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خُفْيَةً لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ " السَّرِقَةُ فِي اللُّغَةِ مَعْلُومَةٌ وَأَصْلُهَا اسْمُ مَصْدَرٍ مِنْ سَرَقَ يُقَالُ سَرَقًا فِي الْمَصْدَرِ وَسَرِقَةً فِي اسْمِهِ قَالَ الْمَازِرِيُّ هِيَ أَخْذُ الْمَالِ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِسْرَارِ هَذَا مَعْنَاهَا عُرْفًا فَخَرَجَ أَخْذُهُ قَهْرًا وَغَصْبًا وَحِرَابَةً وَغِيلَةً وَخَدِيعَةً قَالُوا وَيُرَدُّ عَلَيْهِ الِاخْتِلَاسُ وَيُرَدُّ عَلَيْهِ بَعْضُ مَا أَخْرَجَهُ الشَّيْخُ فِي قَيْدِهِ بِالطَّرْدِ وَمَا أَدْخَلَ بِهِ الْعَكْسَ فَقَوْلُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - " أَخْذُ " مِثْلُ عِبَارَةِ الْمَازِرِيِّ فِي الْجِنْسِ وَهَذَا مُنَاسِبٌ لِاسْمِ الْمَصْدَرِ وَإِذَا أُرِيدَ الِاسْمِيُّ يُقَالُ الْمَأْخُوذُ مِنْ مُكَلَّفٍ لَا يَعْقِلُ إلَخْ قَوْلُهُ " مُكَلَّفٍ " فَأَخْرَجَ أَخْذَ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ إلَى أَنْ يَحْتَلِمَ أَوْ يَبْلُغَ سِنَّ الِاحْتِلَامِ عَادَةً (فَإِنْ قُلْتَ) هَذَا أَيْضًا يُرَدُّ عَلَيْهِ مَا قَدَّمْنَا فِي حَدِّ الزِّنَا وَالْقَذْفِ فَيَأْتِي بِحَدٍّ أَعَمَّ وَأَخَصَّ وَلَمْ يَقُلْهُ (قُلْتُ) لَا شَكَّ أَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ مَا يَضْبِطُ اصْطِلَاحَهُ فِي تَعَرُّضِهِ لِرَسْمِ الْأَعَمِّ وَالْأَخَصِّ فِي مَوَاضِعَ وَمَوَاضِعَ إنَّمَا يُرْسَمُ الْأَخَصُّ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ وَتَقَدَّمَ فِي بَعْضِ الْأَبْوَابِ الْجَوَابُ قَوْلُهُ " حُرًّا لَا يَعْقِلُ " أَدْخَلَ بِهِ الصَّبِيَّ قَبْلَ بُلُوغِهِ إذَا لَمْ يَعْقِلْ إذَا أَخَذَ مِنْ حِرْزِهِ فَإِنَّهُ سَرِقَةٌ يُقْطَعُ بِهِ كَذَا وَقَعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَفِيهِ خِلَافٌ.

(فَإِنْ قُلْتَ) مَا مَعْنَى قَوْلِهِ لَا يَعْقِلُ هَلْ لَا يَفْهَمُ شَيْئًا أَوْ لَا يَعْقِلُ قُرْبَةً (قُلْتُ) يَظْهَرُ أَنَّ مَعْنَاهُ لَا يَفْهَمُ لِقُوَّةِ صِغَرِهِ لِأَنَّهُ صَارَ كَالْبَهِيمَةِ لَا تَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهَا وَلَا تَتَكَلَّمُ بِمَا يُفْهَمُ عَنْهَا وَقَدْ وَقَعَ فِيهَا مَا يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَاهُ قَوْلُهُ " نِصَابًا " النِّصَابُ مَعْلُومٌ مِنْ الذَّهَبِ وَمِنْ الْفِضَّةِ وَمِنْ الْعُرُوضِ وَسَيَأْتِي (فَإِنْ قُلْتَ) هَلْ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ نِصَابًا مَا قُصِدَ كَوْنُهُ نِصَابًا أَوْ مَا وُجِدَ فِيهِ النِّصَابُ فَإِنْ قُصِدَ مَا قَصَدَ بِهِ النِّصَابَ فَيُرَدُّ عَلَيْهِ مَنْ سَرَقَ ثَوْبًا خَلْقًا فَوَجَدَ فِيهِ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ عَلَى مَا فَصَّلَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِيهِ مَعَ كَوْنِهِ إنَّمَا قَصَدَ الثَّوْبَ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ نِصَابٌ وَإِنْ قَصَدَ مَا وَجَدَ فِيهِ النِّصَابُ فَيُرَدُّ عَلَيْهِ إذَا سَرَقَ خَشَبَةً فَوَجَدَ فِيهَا ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ فَإِنَّهُ لَا قَطْعَ وَالْأَوَّلُ وَارِدٌ عَلَى الْعَكْسِ وَالثَّانِي عَلَى الطَّرْدِ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ نِصَابٌ مَوْجُودٌ مَقْصُودٌ قَوْلُهُ " مِنْ حِرْزِهِ " أَخْرَجَ بِهِ إذَا لَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ حِرْزه أَوْ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي حِرْزٍ بِوَجْهٍ وَالْحِرْزُ يَأْتِي حَدُّهُ قَوْلُهُ " مَا لَا مُحْتَرَمًا " أَخْرَجَ بِهِ أَخْذَ غَيْرِ الْأَسِيرِ مَالَ حَرْبِيٍّ وَكَذَلِكَ سَرِقَةُ الْخَمْرِ لِأَنَّهُ لَا حُرْمَةَ لَهُ وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَا اُخْتُلِفَ فِيهِ مِمَّا يَجُوزُ مِلْكُهُ مِنْ حَيَوَانٍ وَغَيْرِهِ اُنْظُرْهُ قَوْلُهُ " بِقَصْدٍ وَاحِدٍ " ذَكَرَهُ لِيُدْخِلَ بِهِ

<<  <   >  >>