للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قُلْت) يَظْهَرُ مِنْ قُوَّةِ لَفْظِهِ أَنَّ الْإِحْرَامَ خَارِجٌ عَنْ مَاهِيَّةِ الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ قَالَ ابْتِدَاءُ الصَّلَاةِ أَيْ ابْتِدَاءُ الدُّخُولِ فِيهَا وَابْتِدَاءُ الدُّخُولِ فِي الشَّيْءِ خَارِجٌ عَنْ الشَّيْءِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِقَوْلِهِمْ ابْتِدَاءُ وَقْتِ الصَّلَاةِ طُلُوعُ الْفَجْرِ وَذَلِكَ مِنْ الْوَقْتِ وَرُبَّمَا قَالُوا آخِرُ الشَّيْءِ خَارِجٌ عَنْ الشَّيْءِ بِدَلِيلِ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَهُوَ آخِرُ الْوَقْتِ فَتَأَمَّلْهُ (فَإِنْ قِيلَ) سَلَّمْنَا أَنَّهُ غَيْرُهُ وَلَا يَلْزَمُ كَوْنُهُ خَارِجًا عَنْهُ لِأَنَّ جُزْءَ الشَّيْءِ غَيْرُهُ (قِيلَ) هَذَا صَحِيحٌ إلَّا أَنَّ اللَّفْظَ قَابِلٌ لِلْبَحْثِ.

(فَإِنْ قِيلَ) كَأَنْ يَمْضِيَ لَنَا مِرَارًا مَا وَجْهُ مَا ذَكَرَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هُنَا فِي حَدِّ إحْرَامِ الصَّلَاةِ وَإِنَّ الْإِحْرَامَ مِنْ مَقُولَةِ الْفِعْلِ وَيَأْتِي لَهُ فِي الْحَجِّ فِي حَدِّ الْإِحْرَامِ أَنَّهُ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ إلَخْ فَيَصِيرُ الْإِحْرَامُ هُنَاكَ صِفَةً تَقْدِيرِيَّةً وَلَا فَرْقَ فِي الْمَعْنَى بَيْنَ الْإِحْرَامَيْنِ فَيُقَالُ عَلَى هَذَا فِي حَدِّ إحْرَامِ الصَّلَاةِ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تُوجِبُ لِمَوْصُوفِهَا حُرْمَةَ مَا يُفْسِدُهَا (قُلْنَا) يَظْهَرُ مِنْهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ أَشَارَ فِي الصَّلَاةِ إلَى الْفِعْلِ الَّذِي تَتَقَرَّرُ بِهِ الصِّفَةُ الْحُكْمِيَّةُ وَمِنْ لَازِمِ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ حَدُّ الْإِحْرَامِ مَعْنَى مَا أَشَرْتُمْ إلَيْهِ لِأَنَّ ابْتِدَاءَ الصَّلَاةِ مَعَ النِّيَّةِ هُوَ مِثَالُ التَّطْهِيرِ فِي الطَّهَارَةِ فَإِذَا تَقَرَّرَ التَّطْهِيرُ الَّذِي هُوَ إزَالَةُ النَّجَسِ أَوْ رَفْعُ الْمَانِعِ حَصَلَتْ الطَّهَارَةُ الْحُكْمِيَّةُ فَكَذَا هُنَا فَكَأَنَّهُ أَرْشَدَ إلَى الْفِعْلِ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ مَا يَتَقَرَّرُ بِهِ إحْرَامُهَا وَرَمْزٌ لِلصِّفَةِ وَفِي الْحَجِّ صَرَّحَ بِحَدِّ الصِّفَةِ وَذَكَرَ بَعْضَ مَا يَنْعَقِدُ بِهِ وَهُوَ ابْتِدَاءٌ إلَخْ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ صَرَّحَ بِالْفِعْلِ الَّذِي تَنْشَأُ عَنْهُ الصِّفَةُ وَرَمَزَ لِلصِّفَةِ وَفِي الْحَجِّ صَرَّحَ بِالصِّفَةِ ثُمَّ صَرَّحَ بِالْفِعْلِ فَعَلَى ذَلِكَ يَصِحُّ لَك أَنْ تُطْلِقَ الْإِحْرَامَ عَلَى مَعْنَى الْفِعْلِ أَوْ عَلَى مَعْنَى الصِّفَةِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَهَذَا لَا يُنَجِّي لِأَنَّ السُّؤَالَ بَاقٍ فَيُقَالُ إنْ صَحَّ مَا ذَكَرْتُمْ فَلِأَيِّ شَيْءٍ ذَكَرَ فِي الْحَجِّ الصِّفَةَ صَرِيحًا وَهُنَا رَمَزَ إلَى الصِّفَةِ وَصَرَّحَ بِالْفِعْلِ الَّذِي هُوَ الِابْتِدَاءُ وَلَا بُدَّ مِنْ النَّظَرِ فِيمَا وَقَعَ فِي الْحَجِّ وَيُتَأَمَّلُ لَفْظُهُ مَعَ مَا ذُكِرَ هُنَا (فَإِنْ قُلْتَ) قَدْ قَالَ فِي الْحَجِّ وَعَدَمُ نَقْضِهِ بِإِحْرَامِ الصَّلَاةِ وَاضِحٌ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَصَدَ الْفِعْلَ فَقَطْ فِي الصَّلَاةِ وَالصِّفَةُ فَقَطْ فِي الْحَجِّ.

(قُلْتُ) بَلْ يَدُلُّ عَلَى مَا أَشَرْتُ إلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ حَدَّ الْإِحْرَامِ فِي الْحَجِّ قَالَ وَعَدَمُ نَقْضِهِ بِإِحْرَامِ الصَّلَاةِ وَاضِحٌ وَإِنَّمَا يُقَالُ وَعَدَمُ نَقْضِ الشَّيْءِ بِكَذَا إذَا كَانَ قَابِلًا لِلدُّخُولِ ثُمَّ ذَكَرَ مَا أَخْرَجَهُ بِهِ وَلَا يُشَكُّ أَنَّ الزِّيَادَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي إحْرَامِ الْحَجِّ تُخْرِجُ إحْرَامَ الصَّلَاةِ (فَإِنْ قِيلَ) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ فِي الْحَجِّ أَنَّ إحْرَامَ الْحَجِّ رُكْنٌ

<<  <   >  >>