للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حَيْثُ قَالَ لَوْ اسْتَغْنَى ابْنُ الْحَاجِبِ عَنْ رَسْمِ النُّسُكِ بِرَسْمِ الْهَدْيِ لَصَحَّ لِأَنَّ تَعْرِيفَ أَحَدِ النَّوْعَيْنِ الْمُنْحَصِرِ جِنْسُهُمَا فِيهِمَا تَعْرِيفٌ لِلْآخَرِ كَتَعْرِيفِ الزَّوْجِ بِأَنَّهُ الْمُنْقَسِمُ بِمُتَسَاوِيَيْنِ فَرَدَّهُ الشَّيْخُ بِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِي الْحَقَائِقِ الْعَقْلِيَّةِ لَا الشَّرْعِيَّةِ ثُمَّ تَقَرَّرَ فِي الشَّرْعِيَّةِ أَنَّهُ يَجُوزُ فِي أَحَدِ النَّوْعَيْنِ أَنْ يَكُونَ خَاصِّيَّةٌ أَخَصَّ مِنْ الْمُسَاوِي لِنَقِيضِ الْآخَرِ كَمَا يُقَالُ الصَّلَاةُ الرُّبَاعِيَّةُ انْحَصَرَتْ فِي تَمَامٍ وَقَصْرٍ وَخَاصِّيَّةُ التَّمَامِ عَدَمُ نَقْصِهَا عَنْ أَرْبَعٍ وَخَاصِّيَّةُ الْقَصْرِ أَخَصُّ مِنْ نَقْصِهَا لِأَنَّهُ نَقْصُ شَطْرِهَا فَانْظُرْهُ مَعَ مَا ذُكِرَ هُنَا.

[بَابُ حَدّ سَبَبِ الْقَصْر فِي الصَّلَاة]

(ح د د) : بَابُ حَدِّ سَبَبِ الْقَصْرِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَرَضِيَ عَنْهُ سَفَرُ مَعْزُومٍ عَلَى طُولٍ جَزْمًا " فَقَوْلُهُ " سَفَرُ مَعْزُومٍ إلَخْ " أَيْ سَبَبُ الْقَصْرِ الْمُبِيحِ لَهُ السَّفَرُ الْمَعْزُومُ " عَلَى طُولِهِ " احْتَرَزَ بِهِ مِنْ غَيْرِ الْجَازِمِ كَمَا إذَا خَرَجَ لِطَلَبِ آبِقٍ لَا يَدْرِي أَيْنَ هُوَ فَهُوَ سَفَرُ مَعْزُومٍ عَلَى طُولِهِ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ بِجَازِمٍ لِأَنَّهُ إذَا وَجَدَهُ رَجَعَ فَلَمْ يَعْزِمْ عَلَى طُولِهِ جَازِمًا بِطُولِهِ وَ " جَزْمًا " حَالٌ مِنْ طُولِهِ أَيْ طُولًا مَجْزُومًا بِهِ (فَإِنْ قُلْتَ) الْمُرَادُ بِطُولِهِ مَسَافَةُ الْقَصْرِ وَإِذَا عَزَمَ عَلَى الْمَسَافَةِ كَانَ جَازِمًا بِهَا فَمَا فَائِدَةُ التَّقْيِيدِ بِالْجَزْمِ (قُلْتُ) لَا يَلْزَمُ ذَلِكَ لِأَنَّ قَصْدَ الطُّولِ لَا يَسْتَدْعِي الْجَزْمَ بِالطُّولِ (فَإِنْ قُلْت) إنَّمَا يَتِمُّ هَذَا عَلَى أَنَّ الْعَزْمَ بِمَعْنَى الْقَصْدِ وَالْإِرَادَةِ وَإِنْ قُلْنَا بِأَنَّ الْعَزْمَ أَخَصُّ فَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ (قُلْنَا) وَلَوْ قُلْنَا بِذَلِكَ لِأَنَّ مُتَعَلِّقَ الْعَزْمِ طُولٌ مُطْلَقًا وَالطُّولُ الْمَجْزُومُ بِهِ أَخَصُّ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا قِيلَ بِأَنَّ الْعَزْمَ بِمَعْنَى الْإِرَادَةِ وَأَنَّ الْإِرَادَةَ أَخَصُّ وَلَمْ يَقُلْ بِالْعَكْسِ عَلَى مَا وَقَعَ هُنَا لِلشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَانْظُرْهُ مَعَ مَا وَقَعَ لَهُ فِي حَدِّ الِاعْتِكَافِ فِي قَوْلِهِ مَعْزُومٍ عَلَى طُولِهِ مَعَ مَا هُنَا وَانْظُرْ كَلَامَ الْقَرَافِيُّ (فَإِنْ قُلْتَ) كَيْفَ قَصَرَ الشَّيْخُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - سَبَبَ الْقَصْرِ فِيمَا ذَكَرَهُ مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْحَاجَّ مِنْ مَكَّةَ يَقْصُرُ وَالسَّبَبُ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ (قُلْنَا) لَعَلَّ الشَّيْخَ يَرَى أَنَّ ذَلِكَ الْأَصْلَ عَدَمُهُ بَعْدَ ثُبُوتِ الْقَاعِدَةِ الشَّرْعِيَّةِ فَكَأَنَّهُ خَرَجَ بِالسَّنَةِ (فَإِنْ قُلْتَ) كَيْفَ ذَكَرَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الطُّولَ فِي التَّعْرِيفِ وَعَرَّفَ بِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهِ (قُلْتُ) قَدْ عَرَّفَهُ بَعْدُ بِقَرِيبٍ (فَإِنْ قُلْتَ) كَيْفَ صَحَّ إطْلَاقُ السَّفَرِ وَلَمْ

<<  <   >  >>