للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّفِيهِ إلَّا أَنْ يُثْبِتَا أَنَّهُمَا أَنْفَقَا ذَلِكَ فِيمَا لَا غِنَى لَهُمَا عَنْهُ فَيُتْبَعَا فِي الْمَالِ الَّذِي صَرَفَاهُ، فَإِنْ أَذْهَبَا ذَلِكَ الْمَالَ وَأَفَادَا غَيْرَهُ لَمْ يُتْبَعَا فِيهِ.

وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ: مَنْ أَوْدَعَ عِنْدَ صَبِيٍّ شَيْئًا بِإِذْنِ أَهْلِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ فَأَتْلَفَهُ الصَّبِيُّ أَوْ ضَيَّعَهُ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّهُ مُسَلَّطٌ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ أَقْرَضَهُ أَوْ بَاعَهُ، وَكَذَلِكَ السَّفِيهُ. وَمِنْ نَوَازِلِ الْبُرْزُلِيُّ: أَفْتَى الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ بِضَمَانِ رَجُلٍ أَعْطَاهُ صَبِيٌّ مَالًا وَدِيعَةً ثُمَّ رَدَّهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ رَدَّهُ لِمَنْ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُعْطَاهُ.

(وَتَعَلَّقَتْ بِذِمَّةِ الْمَأْذُونِ عَاجِلًا) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَا أَتْلَفَ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ مِنْ وَدِيعَةٍ فِي يَدِهِ فَذَلِكَ فِي ذِمَّتِهِ لَا فِي رَقَبَتِهِ؛ لِأَنَّ الَّذِي أَوْدَعَهُ مُتَطَوِّعٌ بِالْإِيدَاعِ وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَفْسَخَ ذَلِكَ مِنْهُ.

(وَبِذِمَّةِ غَيْرِهِ إلَّا أَنْ يُسْقِطَهُ السَّيِّدُ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: إنْ أَوْدَعْت عَبْدًا مَحْجُورًا عَلَيْهِ وَدِيعَةً فَأَتْلَفَهَا فَهِيَ فِي ذِمَّتِهِ إنْ عَتَقَ يَوْمًا إلَّا أَنْ يَفْسَخَهُ عَنْهُ السَّيِّدُ وَالْعَبْدُ فِي الرِّقِّ فَذَلِكَ لَهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَعِيبُهُ فَيَسْقُطُ ذَلِكَ عَنْ الْعَبْدِ فِي رِقِّهِ وَبَعْدَ عِتْقِهِ.

(وَإِنْ قَالَ هِيَ لِأَحَدِكُمَا وَنَسِيَتْهُ تَحَالَفَا وَقُسِمَتْ بَيْنَهُمَا) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ: فِيمَنْ بِيَدِهِ وَدِيعَةٌ مِائَتَا دِينَارٍ فَأَتَى رَجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ يَدَّعِيهَا وَلَا يَدْرِي لِمَنْ هِيَ مِنْهُمَا قَالَ: تَكُونُ بَيْنَهُمَا بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا، فَمَنْ نَكَلَ مِنْهُمَا فَلَا شَيْءَ لَهُ وَهِيَ كُلُّهَا لِمَنْ حَلَفَ، وَأَمَّا فِي الدَّيْنِ فَيَغْرَمُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةً.

(وَإِنْ أَوْدَعَ اثْنَيْنِ جُعِلَتْ بِيَدِ الْأَعْدَلِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قُلْت: فَالرَّجُلُ يَسْتَوْدِعُ الرَّجُلَيْنِ أَوْ يُبْضِعُهُمَا عِنْدَ مَنْ يَكُونُ ذَلِكَ مِنْهُمَا؟ فَقَالَ مَالِكٌ فِي الْوَصِيَّيْنِ: إنَّ الْمَالَ يُجْعَلُ عِنْدَ أَعْدَلِهِمَا.

قَالَ مَالِكٌ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلَيْنِ وَضَعَهُ السُّلْطَانُ عِنْدَ غَيْرِهِمَا وَتَبْطُلُ وَصِيَّتُهُمَا إذَا لَمْ يَكُونَا عَدْلَيْنِ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِي الْوَدِيعَةِ وَالْبِضَاعَةِ شَيْئًا وَأَرَاهُ مِثْلَهُ. قَالَ سَحْنُونَ: وَإِنْ اقْتَسَمَ الْمُودَعَانِ أَوْ الْعَامِلَانِ الْمَالَ فِي الْقِرَاضِ لَمْ يَضْمَنَا.

قَالَ يَحْيَى: وَلَا يَضْمَنُ الْوَصِيَّانِ إذَا اقْتَسَمَاهُ.

وَقَالَهُ أَشْهَبُ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَضْمَنُ مَا سُلِّمَ وَمَا صَارَ بِيَدِهِ؛ لِأَنَّهُ يَضْمَنُ مَا سُلِّمَ بِالتَّسْلِيمِ وَمَا صَارَ بِيَدِهِ بِرِضَاهُ بِرَفْعِ يَدِ الْآخَرِ عَنْهُ. اُنْظُرْ إيدَاعَ الْمُحْرِم.

قَالَ اللَّخْمِيِّ: لَا يَجُوزُ لِغَيْرِ ذِي مَحْرَمٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَأْمُونًا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>