للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُعَاوِضَهُ مِثْلَ طَعَامِهِ فِي صِفَتِهِ وَجَوْدَتِهِ وَكَيْلِهِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَإِنْ افْتَرَقَا.

(وَإِنْ مُعَيَّنًا) لَوْ قَالَ " وَلَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ " لَكَانَ أَبْيَنَ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ: إنْ سَمَّى الثَّوَابَ فَهُوَ بَيْعٌ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّهِ فَالثَّوَابُ فَفِيهِ الْخِلَافُ. ابْنُ عَرَفَةَ: الْهِبَةُ بِشَرْطِ عِوَضِ عَيْنَاهُ.

قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَغَيْرُهُ: هِيَ بَيْعٌ. وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ جَوَازُ شَرْطِ الثَّوَابِ غَيْرَ مُعَيَّنٍ خِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ (وَإِلَّا كَحَطَبٍ فَلَا يَلْزَمُ أَخْذُهُ) ابْنُ شَاسٍ: نَوْعُ الثَّوَابِ الَّذِي يَلْزَمُ قَبُولُهُ بِاتِّفَاقِ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ. وَرَوَى أَشْهَبُ: الْخَسَارَةُ فِيهِمَا إلَّا أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى غَيْرِهِمَا.

وَرَأَى سَحْنُونَ أَنَّ كُلَّ مَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ ثَوَابًا وَيَلْزَمَ الْوَاهِبَ قَبُولُهُ إذَا كَانَ فِيهِ وَفَاءٌ بِقِيمَةِ هِبَتِهِ. وَوَافَقَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي عَدَمِ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْعَيْنِ إلَّا أَنَّهُ اسْتَثْنَى مِنْهَا الْحَطَبَ وَالتِّبْنَ وَشِبْهَهُ مِمَّا لَا يُثَابُ فِي الْعَادَةِ بِمِثْلِهِ.

(وَلِلْمَأْذُونِ وَلِلْأَبِ فِي مَالِ وَلَدِهِ الْهِبَةُ لِلثَّوَابِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: يُقْضَى عَلَيْهِ أَنْ يُعَوِّضَ مَنْ يَهَبُهُ قَالَ: وَلِلْأَبِ أَنْ يَهَبَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ لِلثَّوَابِ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لِلْمَأْذُونِ أَنْ يَهَبَ لِلثَّوَابِ كَالْبَيْعِ وَيُعَوِّضَ عَنْهُ وَاهِبَهُ لِلثَّوَابِ لِأَنَّ هَذَا كُلَّهُ بَيْعٌ وَبَيْعُ الْأَبِ جَائِزٌ عَلَى ابْنِهِ الصَّغِيرِ.

(وَإِنْ قَالَ دَارِي صَدَقَةٌ بِيَمِينٍ مُطْلَقًا أَوْ بِغَيْرِهَا وَلَمْ يُعَيِّنْ لَمْ يُقْضَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْمُعَيَّنِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ قَالَ دَارِي صَدَقَةٌ عَلَى الْمَسَاكِينِ أَوْ عَلَى رَجُلٍ بِعَيْنِهِ فِي يَمِينٍ فَحَنِثَ لَمْ يُقْضَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، وَإِنْ قَالَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ يَمِينٍ وَإِنَّمَا بَتَلَهُ لِلَّهِ أَجْبَرَهُ السُّلْطَانُ إنْ كَانَ لِرَجُلٍ بِعَيْنِهِ. عِيَاضٌ: عَلَى هَذَا اخْتَصَرَهَا أَكْثَرُ الْمُخْتَصِرِينَ أَنَّهُ لَا يُقْضَى بِهَا إلَّا إذَا كَانَ لِرَجُلٍ بِعَيْنِهِ.

وَفِي نَوَازِلِ ابْنِ الْحَاجِّ: إنْ كَانَتْ الصَّدَقَةُ بِغَيْرِ يَمِينٍ لِغَيْرِ مُعَيَّنِينَ كَالْمَرْضَى وَالْمَسَاكِينِ فَفِيهَا قَوْلَانِ فِي حَبْسِ الْمُدَوَّنَةِ وَفِي الْهِبَاتِ مِنْهَا. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ قَالَ لِمِدْيَانٍ أَنَا أَهَبُك فَلَا يَلْزَمُهُ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَمَّا مَا أَدْخَلَهُ فِي وَعْدِهِ فَلَازِمٌ كَقَوْلِهِ زَوِّجْ بِنْتَك وَالصَّدَاقُ عَلَيَّ، فَهَذَا الْوَعْدُ يَلْزَمُهُ إلَّا أَنْ يَمُوتَ الْمُعْطِي قَبْلَ الْقَبْضِ.

(وَفِي مَسْجِدٍ مُعَيَّنٍ قَوْلَانِ) سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ تَصَدَّقَ أَوْ وَهَبَ لِمَسْجِدٍ بِعَيْنِهِ، هَلْ يُجْبَرُ عَلَى إخْرَاجِهَا وَإِنْفَاذِهَا؟ فَقَالَ: يُجْبَرُ كَمَنْ تَصَدَّقَ عَلَى رَجُلٍ بِعَيْنِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ: يُؤْمَرُ وَلَا يُجْبَرُ وَتُوقَفُ غَيْرُهُمَا وَقَالَ: لَا أَدْرِي.

(وَقُضِيَ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ فِيهَا بِحُكْمِنَا) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: يُقْضَى بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ فِي الْهِبَاتِ بِحُكْمِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِذَا كَانَا ذِمِّيَّيْنِ فَامْتَنَعَ الْوَاهِبُ مِنْ دَفْعِ الْهِبَةِ لَمْ أَعْرِضْ لَهُمَا، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ التَّظَالُمِ الَّذِي أَمْنَعُهُمْ مِنْهُ لِأَنَّ كُلَّ أَمْرٍ يَكُونُ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ فَإِنَّمَا يُحْكَمُ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>