للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[بَابٌ فِي الدِّمَاءُ] [الْجِنَايَة عَلَى النَّفْس] [مُوجِبَات الْقِصَاص]

بَابٌ

ابْنُ شَاسٍ: الدِّمَاءُ خَطِيرَةُ الْقَدْرِ فِي الدِّينِ، وَالْقَتْلُ كَبِيرَةٌ فَاحِشَةٌ مُوجِبَةُ الْعُقُوبَةِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمُوجِبَاتُهَا فِي الدُّنْيَا خَمْسَةٌ: الْقِصَاصُ وَالدِّيَةُ وَالْكَفَّارَةُ وَالتَّعْزِيرُ وَالْقِيمَةُ. رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ شَارَكَ فِي دَمِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِشَطْرِ كَلِمَةٍ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَيْنَ عَيْنَيْهِ مَكْتُوبٌ آيِسٌ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ» الْمُتَيْطِيُّ: قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ: مَنْ قَالَ إنَّ الْقَاتِلَ يَخْلُدُ فِي النَّارِ عَلَى التَّأْبِيدِ فَقَدْ أَخْطَأَ وَخَالَفَ السُّنَّةَ لِأَنَّ الذَّنْبَ لَا يُحْبِطُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ إيمَانِهِ وَلَا مَا اكْتَسَبَ مِنْ عَمَلٍ صَالِحٍ، وَلَا بُدَّ أَنْ يُجَازِيَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ كُلَّ مُؤْمِنٍ عَلَى إيمَانِهِ.

قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ {وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} [محمد: ٣٥] {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: ٧] {فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ} [الأنبياء: ٩٤] لَكِنْ مِنْ تَمَامِ تَوْبَةِ الْقَاتِلِ عَرْضُ نَفْسِهِ عَلَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ وَيَصُومُ أَوْ يُعْتِقُ وَيُلَازِمُ الْجِهَادَ.

وَانْظُرْ فِي تَفْسِيرِ ابْنِ عَطِيَّةَ قَوْله تَعَالَى {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} [فاطر: ١٠] (إنْ أَتْلَفَ مُكَلَّفٌ وَإِنْ رَقَّ) أَمَّا أَنَّ الْمُكَلَّفَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَوَدُ إذَا قَتَلَ مَعْصُومًا فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: شَرْطُ إيجَابِ الْقَوَدِ كَوْنُ الْجَانِي بَالِغًا عَاقِلًا فِيهَا، وَالْمَجْنُونُ الَّذِي يُفِيقُ أَحْيَانًا فِي حَالِ إفَاقَتِهِ كَالسَّلِيمِ.

وَأَمَّا الرَّقِيقُ فَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ: الْعَبِيدُ مُكَلَّفُونَ وَجِنَايَتُهُمْ مُتَعَلِّقَةٌ بِرِقَابِهِمْ دُونَ سَادَاتِهِمْ لَا يَلْزَمُ سَادَاتِهِمْ أَكْثَرُ مِنْ إسْلَامِهِمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>