للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ مِنْ غَيْرِ فَسَادٍ عَلَى الْأَئِمَّةِ وَلَا عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَلَا عَلَى قَطْعِ سَبِيلٍ مِنْ سُبُلِ الْمُسْلِمِينَ فَلْيَذْهَبُوا حَيْثُ شَاءُوا، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا رَأْيُهُمْ الْقِتَالُ فَوَاَللَّهِ لَوْ أَنَّ أَبْكَارِي خَرَجُوا رَغْمَةً عَنْ جَمَاعَةٍ الْمُسْلِمِينَ لَأَرَقْت دِمَاءَهُمْ أَلْتَمِسُ بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ. ابْنُ شَاسٍ: بِنَاءُ بَغَى لِلطَّلَبِ، وَوَقَعَ التَّعْبِيرُ بِهَا هُنَا عَمَّنْ يَبْغِي مَا لَا يَنْبَغِي عَلَى عَادَةِ اللُّغَةِ فِي تَخْصِيصِ الِاسْمِ بِبَعْضِ مُتَعَلِّقَاتِهِ وَهُوَ الَّذِي يَخْرُجُ عَلَى الْإِمَامِ يَبْتَغِي خُلْفَهُ أَوْ يَمْتَنِعُ مِنْ الدُّخُولِ فِي طَاعَتِهِ أَوْ يَمْنَعُ حَقًّا وَجَبَ عَلَيْهِ بِتَأْوِيلٍ قَاتَلَ الصِّدِّيقُ مَانِعِي الزَّكَاةِ بِالتَّأْوِيلِ وَكَذَلِكَ عَلِيٌّ قَاتَلَ أَهْلَ الشَّامِ.

(كَالْكُفَّارِ) فِي النَّوَادِرِ: إذَا امْتَنَعَ أَهْلُ الْبَغْيِ وَلَوْ كَانُوا مُتَأَوِّلِينَ مِنْ الْإِمَامِ الْعَدْلِ فَلَهُ فِيهِمْ مَا لَهُ فِي الْكُفَّارِ وَلَا يَرْمِيهِمْ بِالنَّارِ وَأَنْ لَا يَكُونَ فِيهِمْ نِسَاءٌ وَلَا ذُرِّيَّةٌ (وَلَا يُسْتَرَقُّونَ) قَالَ سَحْنُونَ فِي الْخَوَارِجِ: سَمَّاهُمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَارِقِينَ وَلَمْ يُسَمِّهِمْ كُفَّارًا، وَسَنَّ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قِتَالَهُمْ فَلَمْ يُكَفِّرْهُمْ وَلَا سَبَاهُمْ وَلَا أَخَذَ أَمْوَالَهُمْ، فَمَوَارِيثُهُمْ قَائِمَةً وَلَهُمْ أَحْكَامُ أَهْلِ الْإِسْلَامِ فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا قُوتِلُوا بِالسُّنَّةِ وَبِمَا أَحْدَثُوا مِنْ الْبِدْعَةِ فَكَانَ ذَلِكَ كَحَدٍّ يُقَامُ عَلَيْهِمْ، وَلَا يُتْبَعُوا بِمَا سَفَكُوا مِنْ دَمٍ وَنَالُوا مِنْ فَرْجٍ لَا بِقَوَدٍ وَلَا بِدِيَةٍ وَلَا صَدَاقٍ وَلَا حَدٍّ (وَلَا تُحَرَّقُ أَشْجَارُهُمْ وَلَا تُرْفَعُ رُءُوسُهُمْ بِأَرْمَاحٍ) تَقَدَّمَ نَصُّ الْقَرَافِيُّ: لَا تُحَرَّقُ مَسَاكِنُهُمْ وَلَا تُقْطَعُ أَشْجَارُهُمْ وَلَا يُسْتَعَانُ عَلَى قِتَالِهِمْ بِمُشْرِكٍ وَلَا يُوَادِعُهُمْ عَلَى مَالٍ (وَلَا يَدْعُوهُمْ بِمَالٍ) تَقَدَّمَ نَصُّ الْقَرَافِيُّ: لَا يُوَادِعُهُمْ عَلَى مَالٍ.

(وَاسْتُعِينَ بِمَالِهِمْ عَلَيْهِمْ إنْ اُحْتِيجَ لَهُ ثُمَّ رُدَّ) قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: مَا أَصَابَ الْإِمَامُ مِنْ عَسْكَرِ أَهْلِ الْبَغْيِ مِنْ كُرَاعٍ أَوْ سِلَاحٍ فَإِنْ كَانَتْ لَهُمْ فِئَةٌ قَائِمَةٌ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَسْتَعِينَ بِهِ الْإِمَامُ وَمَنْ مَعَهُ عَلَى قِتَالِهِمْ إنْ احْتَاجُوا إلَيْهِ، فَإِنْ زَالَتْ الْحَرْبُ رُدَّ لِأَهْلِهِ (كَغَيْرِهِ) قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: وَغَيْرُ السِّلَاحِ وَالْكُرَاعِ تُوقَفُ حَتَّى تُرَدَّ إلَيْهِمْ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ فِئَةٌ قَائِمَةٌ رُدَّ ذَلِكَ مِنْ سِلَاحٍ وَغَيْرِهَا، وَكَذَا فَعَلَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

(وَإِنْ أُمِّنُوا لَمْ يُتَّبَعْ مُنْهَزِمُهُمْ وَلَمْ يُذَفَّفْ عَلَى جَرِيحٍ) قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: إنْ أُسِرَ مِنْ الْخَوَارِجِ أَسِيرٌ وَقَدْ انْقَطَعَتْ الْحَرْبُ فَلَا يُقْتَلُ، وَإِنْ كَانَتْ الْحَرْبُ قَائِمَةً فَلِلْإِمَامِ قَتْلُهُ وَلَوْ كَانُوا جَمَاعَةً إذَا خَافَ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ ضَرَرٌ. وَعَلَى هَذَا يَجْرِي حُكْمُ التَّذْفِيفِ عَلَى الْجَرِيحِ وَاتِّبَاعِ الْمُنْهَزِمِ، وَقَالَهُ سَحْنُونَ. وَعِبَارَةُ ابْنِ الْحَاجِبِ: إذَا ظَهَرَ عَلَيْهِمْ وَأُمِّنُوا فَلَا يُذَفَّفُ عَلَى جَرِيحِهِمْ وَمُنْهَزِمِهِمْ.

(وَكُرِهَ لِرَجُلٍ قَتْلُ أَبِيهِ) ابْنُ سَحْنُونٍ: وَلَا بَأْسَ أَنْ يَقْتُلَ الرَّجُلُ فِي قِتَالِهِمْ أَخَاهُ وَقَرَابَتَهُ، فَأَمَّا الْأَبُ وَحْدَهُ فَلَا أُحِبُّ قَتْلَهُ تَعَمُّدًا وَكَذَلِكَ الْأَبُ الْكَافِرُ (وَوَرِثَهُ) تَقَدَّمَ نَصُّ سَحْنُونٍ: مَوَارِيثُهُمْ قَائِمَةٌ.

(وَلَمْ يَضْمَنْ مُتَأَوِّلٌ أَتْلَفَ نَفْسًا وَمَالًا) .

<<  <  ج: ص:  >  >>