للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَحُكْمُهُ نَيْلُ الثَّوَابِ وَلَوْ مَنْهِيًّا عَنْهُ كَمَا فِي الصَّلَاةِ فِي أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ.

(وَسَبَبُ صَوْمِ) الْمَنْذُورِ النَّذْرُ وَلِذَا لَوْ عَيَّنَ شَهْرًا وَصَامَ شَهْرًا قَبْلَهُ عَنْهُ أَجْزَأَهُ لِوُجُودِ السَّبَبِ وَيَلْغُو التَّعْيِينُ وَالْكَفَّارَاتِ الْحِنْثُ وَالْقَتْلُ وَ (رَمَضَانَ شُهُودُ جُزْءٍ مِنْ الشَّهْرِ) مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ عَلَى الْمُخْتَارِ كَمَا فِي الْخَبَّازِيَّةِ وَاخْتَارَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ الْجُزْءُ الَّذِي يُمْكِنُ إنْشَاءُ الصَّوْمِ فِيهِ مِنْ كُلِّ يَوْمٍ، حَتَّى لَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ فِي لَيْلَةٍ أَوْ فِي آخِرِ أَيَّامِهِ بَعْدَ الزَّوَالِ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى

ــ

[رد المحتار]

الْإِسْلَامَ لِإِغْنَاءِ النِّيَّةِ عَنْهُ إذْ لَا تَصِحُّ بِدُونِهِ وَلَيْسَ الْبُلُوغُ وَالْإِفَاقَةُ مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ لِصِحَّتِهِ بِدُونِهِمَا كَمَا ذَكَرَهُ، نَعَمْ هُمَا مِنْ شُرُوطِ وُجُوبِ رَمَضَانَ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ ثَالِثُهَا الْإِسْلَامُ وَرَابِعُهَا الْعِلْمُ بِالْوُجُوبِ أَوْ الْكَوْنِ فِي دَارِنَا فَلَا مَحَلَّ لِلتَّقْيِيدِ بِهِمَا عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ فِي تَعْرِيفِ مُطْلَقِ الصَّوْمِ لَا خُصُوصِ صَوْمِ رَمَضَانَ كَمَا مَرَّ، وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْ شُرُوطَ وُجُوبِ أَدَائِهِ، وَهِيَ ثَلَاثَةٌ: الصِّحَّةُ وَالْإِقَامَةُ وَالْخُلُوُّ مِنْ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ (قَوْلُهُ: وَحُكْمُهُ) أَيْ الْأُخْرَوِيُّ أَمَّا حُكْمُهُ الدُّنْيَوِيُّ فَهُوَ سُقُوطُ الْوَاجِبِ إنْ كَانَ صَوْمًا لَازِمًا بَحْرٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَنْهِيًّا عَنْهُ) كَصَوْمِ الْأَيَّامِ الْخَمْسَةِ إذْ النَّهْيُ لِمَعْنًى مُجَاوِرٍ وَهُوَ الْإِعْرَاضُ عَنْ ضِيَافَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ فِي صَوْمِهَا ثَوَابًا كَصَلَاةٍ فِي الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ ذَكَرَهُ فِي النَّهْرِ رَادًّا عَلَى الْبَحْرِ قَوْلُهُ: إنَّهُ لَا ثَوَابَ فِي صَوْمِ الْأَيَّامِ الْمَنْهِيَّةِ فَكَلَامُ الشَّارِحِ بَحْثٌ لِصَاحِبِ النَّهْرِ ط.

قُلْت: صَرَّحَ فِي التَّلْوِيحِ بِأَنَّ الْخِلَافَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الشَّافِعِيِّ فِي أَنَّ النَّهْيَ يَقْتَضِي الصِّحَّةَ عِنْدَنَا بِمَعْنَى اسْتِحْقَاقِ الثَّوَابِ وَسُقُوطِ الْقَضَاءِ وَمُوَافَقَةِ أَمْرِ الشَّارِعِ ثُمَّ نُقِلَ عَنْ الطَّرِيقَةِ الْمُعَيَّنَةِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ الصَّوْمَ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ تَرْكٌ لِلْمُفْطِرَاتِ الثَّلَاثِ وَإِعْرَاضٌ عَنْ الضِّيَافَةِ، فَمِنْ حَيْثُ الْأَوَّلُ يَكُونُ عِبَادَةً مُسْتَحْسَنَةً وَمِنْ حَيْثُ الثَّانِي يَكُونُ مَنْهِيًّا لَكِنَّ الْأَوَّلَ بِمَنْزِلَةِ الْأَصْلِ وَالثَّانِي بِمَنْزِلَةِ التَّابِعِ فَبَقِيَ مَشْرُوعًا بِأَصْلِهِ غَيْرَ مَشْرُوعٍ بِوَصْفِهِ. اهـ. لَكِنَّ بَحْثَ مُحَشِّيَةِ الْفَنَرِيِّ فِي إرَادَةِ اسْتِحْقَاقِ الثَّوَابِ بَلْ الْمُرَادُ مَا سِوَاهَا وَالصِّحَّةُ لَا تَقْتَضِي الثَّوَابَ كَالْوُضُوءِ بِلَا نِيَّةٍ وَالصَّلَاةِ مَعَ الرِّيَاءِ. اهـ.

قُلْت: وَيُؤَيِّدُهُ وُجُوبُ الْفِطْرِ بَعْدَ الشُّرُوعِ وَتَصْرِيحُهُمْ بِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ

[سَبَبُ صَوْمِ رَمَضَانَ]

(قَوْلُهُ: وَيَلْغُو التَّعْيِينُ) مِنْ هَذَا يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ صَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ مِنْ كُلِّ أُسْبُوعٍ يَصِحُّ صَوْمُ غَيْرِهِمَا عَنْهُمَا ط.

قُلْت: وَهَذَا فِي غَيْرِ النَّذْرِ الْمُعَلَّقِ لِمَا سَيَأْتِي قُبَيْلَ الِاعْتِكَافِ مِنْ قَوْلِهِ: وَالنَّذْرُ غَيْرُ الْمُعَلَّقِ لَا يَخْتَصُّ بِزَمَانٍ وَمَكَانٍ وَدِرْهَمٍ وَفَقِيرٍ بِخِلَافِ الْمُعَلَّقِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ تَعْجِيلُهُ قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ اهـ أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَى شَرْطٍ لَا يَنْعَقِدُ سَبَبًا لِلْحَالِّ وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُنَاكَ (قَوْلُهُ: وَالْكَفَّارَاتِ) أَيْ سَبَبُ صَوْمِهَا الْحِنْثُ وَالْقَتْلُ أَيْ قَتْلُ النَّفْسِ خَطَأً أَوْ قَتْلُ الصَّيْدِ مُحْرِمًا وَالْأُولَى قَوْلُ الْفَتْحِ وَسَبَبُ صَوْمِ الْكَفَّارَاتِ أَسْبَابُهَا مِنْ الْحِنْثِ وَالْقَتْلِ. اهـ.

؛ لِأَنَّ مِنْهَا الْعَزْمَ عَلَى الْعَوْدِ فِي الظَّاهِرِ وَالْإِفْطَارُ فِي فِطْرِ رَمَضَانَ وَالْحَلْقُ فِي حَلْقِ الْمُحْرِمِ لِعُذْرٍ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُخْتَارِ) اخْتَارَهُ السَّرَخْسِيُّ بَحْرٌ (قَوْلُهُ: وَغَيْرُهُ) كَالْإِمَامِ الدَّبُوسِيِّ وَأَبِي الْيُسْرِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ: الَّذِي يُمْكِنُ إنْشَاءُ الصَّوْمِ فِيهِ) وَهُوَ مَا كَانَ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ الصَّادِقِ إلَى قُبَيْلِ الضَّحْوَةِ الْكُبْرَى أَمَّا اللَّيْلُ وَالضَّحْوَةُ وَمَا بَعْدَهَا فَلَا يُمْكِنُ إنْشَاءُ الصَّوْمِ فِيهِمَا وَالْمَوْجُودُ فِي اللَّيْلِ مُجَرَّدُ النِّيَّةِ لَا إنْشَاءُ الصَّوْمِ ط لَكِنْ صَرَّحَ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّ السَّبَبَ هُوَ الْجُزْءُ الَّذِي لَا يَتَجَزَّأُ مِنْ كُلِّ يَوْمٍ فَيَجِبُ مُقَارِنًا إيَّاهُ اهـ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ الْجُزْءُ الْأَوَّلُ مِنْ كُلِّ يَوْمٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ أَيْضًا وَصَرَّحَ بِهِ هُوَ فِي فَصْلِ الْعَوَارِضِ عِنْدَ قَوْلِ الْكَنْزِ وَلَوْ بَلَغَ صَبِيٌّ أَوْ أَسْلَمَ كَافِرٌ إلَخْ وَدَفَعَ مَا أَوْرَدَهُ ابْنُ الْهُمَامِ مِنْ أَنَّهُ يَلْزَمُ مُقَارَنَةُ السَّبَبِ لِلْوُجُوبِ أَوْ تَقَدُّمُ الْوُجُوبِ عَلَى السَّبَبِ بِأَنَّهُ يَجُوزُ مُقَارَنَتُهُ لَهُ لِلضَّرُورَةِ كَمَا لَوْ شَرَعَ فِي الصَّلَاةِ فِي أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ الْوَقْتِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ اشْتِرَاطُ تَقَدُّمِ السَّبَبِ عَلَى الْوُجُوبِ الْمُسَبَّبِ لِلضَّرُورَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْكَشْفِ الْكَبِيرِ وَتَمَامُ الْكَلَامِ هُنَاكَ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ فِي لَيْلَةٍ) أَيْ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ أَوْ وَسَطِهِ ثُمَّ جُنَّ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ وَمَضَى الشَّهْرُ وَهُوَ مَجْنُونٌ بَحْرٌ، وَقَوْلُهُ أَوْ فِي آخَرِ أَيَّامِهِ بَعْدَ الزَّوَالِ كَذَا وَقَعَ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ وَالْأَحْسَنُ قَوْلُ الْإِمْدَادِ وَفِيمَا بَعْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>