للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُذَكِّرُهُ لَوْ قَوِيًّا وَإِلَّا وَلَيْسَ عُذْرًا فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ

(أَوْ دَخَلَ حَلْقَهُ غُبَارٌ أَوْ ذُبَابٌ أَوْ دُخَانٌ) وَلَوْ ذَاكِرًا اسْتِحْسَانًا لِعَدَمِ إمْكَانِ التَّحَرُّزِ عَنْهُ، وَمُفَادُهُ أَنَّهُ لَوْ أَدْخَلَ حَلْقَهُ الدُّخَانَ أَفْطَرَ أَيَّ دُخَانٍ كَانَ وَلَوْ عُودًا أَوْ عَنْبَرًا لَهُ ذَاكِرًا لِإِمْكَانِ التَّحَرُّزِ عَنْهُ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ كَمَا بَسَطَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ.

(أَوْ أَدْهَنَ أَوْ اكْتَحَلَ أَوْ احْتَجَمَ) وَإِنْ وَجَدَ طَعْمَهُ فِي حَلْقِهِ

(أَوْ قَبَّلَ)

ــ

[رد المحتار]

فِي الصَّحِيحِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ ظَهِيرِيَّةٌ؛ لِأَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ فِي الدِّيَانَاتِ مَقْبُولٌ، فَكَانَ يَجِبُ أَنْ يَلْتَفِتَ إلَى تَأَمُّلِ الْحَالِ لِوُجُودِ الْمُذَكَّرِ بَحْرٌ.

قُلْت: لَكِنْ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ النِّصَابِ وَقَدْ نَسَبُوا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ إلَى أَبِي يُوسُفَ وَنَسَبَ إلَيْهِ الْقُهُسْتَانِيُّ فَسَادَ الصَّوْمِ بِالنِّسْيَانِ مُطْلَقًا وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ وَسَيَأْتِي مَا يَرُدُّهُ (قَوْلُهُ: وَيُذَكِّرُهُ) أَيْ لُزُومًا كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ فَيُكْرَهُ تَرْكُهُ تَحْرِيمًا بَحْرٌ (وَقَوْلُهُ لَوْ قَوِيًّا) أَيْ لَهُ قُوَّةٌ عَلَى إتْمَامِ الصَّوْمِ، بِلَا ضَعْفٍ، وَإِذَا كَانَ يَضْعُفُ بِالصَّوْمِ وَلَوْ أَكَلَ يَتَقَوَّى عَلَى سَائِرِ الطَّاعَةِ يَسَعُهُ أَنْ لَا يُخْبِرَهُ فَتْحٌ وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ الْأَوْلَى أَنْ لَا يُخْبِرَهُ وَتَعْبِيرُ الزَّيْلَعِيِّ بِالشَّابِّ وَالشَّيْخِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، ثُمَّ هَذَا التَّفْصِيلُ جَرَى عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ وَفِي السِّرَاجِ عَنْ الْوَاقِعَاتِ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ يُذَكِّرُهُ مُطْلَقًا نَهْرٌ.

مَطْلَبٌ يُكْرَهُ السَّهَرُ إذَا خَافَ فَوْتَ الصُّبْحِ قَالَ ح عَنْ شَيْخِهِ: وَمِثْلُ أَكْلِ النَّاسِي النَّوْمُ عَنْ صَلَاةٍ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَعْصِيَةٌ فِي نَفْسِهِ كَمَا صَرَّحُوا أَنَّهُ يُكْرَهُ السَّهَرُ إذَا خَافَ فَوْتَ الصُّبْحِ لَكِنَّ النَّاسِيَ أَوْ النَّائِمَ غَيْرُ قَادِرٍ فَسَقَطَ الْإِثْمُ عَنْهُمَا لَكِنْ وَجَبَ عَلَى مَنْ يَعْلَمُ حَالَهُمَا تَذْكِيرَ النَّاسِي وَإِيقَاظَ النَّائِمِ إلَّا فِي حَقِّ الضَّعِيفِ عَنْ الصَّوْمِ مَرْحَمَةً لَهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ) أَيْ النِّسْيَانُ عُذْرًا فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ أَيْ مِنْ حَيْثُ تَرَتُّبُ الْحُكْمِ عَلَى فِعْلِهِ فَلَوْ أَكَلَ الْوَدِيعَةَ نَاسِيًا ضَمِنَهَا أَمَّا مِنْ حَيْثُ الْمُؤَاخَذَةُ فِي الْآخِرَةِ فَهُوَ عُذْرٌ مُسْقِطٌ لِلْإِثْمِ كَمَا فِي حُقُوقِهِ تَعَالَى، وَأَمَّا مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ فِي حُقُوقِهِ تَعَالَى، فَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ مُذَكِّرٍ وَلَا دَاعِيَ إلَيْهِ كَأَكْلِ الْمُصَلِّي لَمْ يَسْقُطْ لِتَقْصِيرِهِ فَإِنَّ حَالَةَ الْمُصَلِّي مُذَكِّرَةٌ وَطُولُ الْوَقْتِ الدَّاعِي إلَى الْأَكْلِ غَيْرُ مَوْجُودٍ، بِخِلَافِ سَلَامِهِ فِي الْقَعْدَةِ الْأُولَى وَأَكْلِ الصَّائِمِ فَإِنَّهُ سَاقِطٌ لِوُجُودِ الدَّاعِي، وَهُوَ كَوْنُ الْقَعْدَةِ مَحَلَّ السَّلَامِ وَطُولُ الْوَقْتِ الدَّاعِي إلَى الطَّعَامِ مَعَ عَدَمِ الْمُذَكِّرِ، بِخِلَافِ تَرْكِ الذَّابِحِ التَّسْمِيَةَ فَإِنَّ حَالَةَ الذَّبْحِ مُنَفِّرَةٌ لَا مُذَكِّرَةٌ مَعَ عَدَمِ الدَّاعِي فَتَسْقُطُ أَيْضًا مِنْ الْبَحْرِ مَعَ زِيَادَةٍ.

(قَوْلُهُ: اسْتِحْسَانًا) وَفِي الْقِيَاسِ يَفْسُدُ أَيْ بِدُخُولِ الذُّبَابِ لِوُصُولِ الْمُفْطِرِ إلَى جَوْفِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَتَغَذَّى بِهِ كَالتُّرَابِ وَالْحَصَادِ هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ إمْكَانِ التَّحَرُّزِ عَنْهُ) فَأَشْبَهَ الْغُبَارَ وَالدُّخَانَ لِدُخُولِهِمَا مِنْ الْأَنْفِ إذَا أَطْبَقَ الْفَمَ كَمَا فِي الْفَتْحِ، وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا وَجَدَ بُدًّا مِنْ تَعَاطِي مَا يُدْخِلُ غُبَارَهُ فِي حَلْقِهِ أَفْسَدَ لَوْ فَعَلَ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ: وَمُفَادُهُ) أَيْ مُفَادُ قَوْلِهِ دَخَلَ أَيْ بِنَفْسِهِ بِلَا صُنْعٍ مِنْهُ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْ أَدْخَلَ حَلْقَهُ الدُّخَانَ) أَيْ بِأَيِّ صُورَةٍ كَانَ الْإِدْخَالُ، حَتَّى لَوْ تَبَخَّرَ بِبَخُورٍ وَآوَاهُ إلَى نَفَسِهِ وَاشْتَمَّهُ ذَاكِرًا لِصَوْمِهِ أَفْطَرَ لِإِمْكَانِ التَّحَرُّزِ عَنْهُ وَهَذَا مِمَّا يَغْفُلُ عَنْهُ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ، وَلَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ كَشَمِّ الْوَرْدِ وَمَائِهِ وَالْمِسْكِ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ بَيْنَ هَوَاءٍ تَطَيَّبَ بِرِيحِ الْمِسْكِ وَشِبْهِهِ وَبَيْنَ جَوْهَرِ دُخَانٍ وَصَلَ إلَى جَوْفِهِ بِفِعْلِهِ إمْدَادٌ وَبِهِ عُلِمَ حُكْمُ شُرْبِ الدُّخَانِ وَنَظَمَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْوَهْبَانِيَّةِ بِقَوْلِهِ:

وَيُمْنَعُ مِنْ بَيْعِ الدُّخَانِ وَشُرْبِهِ ... وَشَارِبُهُ فِي الصَّوْمِ لَا شَكَّ يُفْطِرُ

وَيَلْزَمُهُ التَّكْفِيرُ لَوْ ظَنَّ نَافِعًا ... كَذَا دَافِعًا شَهَوَاتِ بَطْنٍ فَقَرَّرُوا.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ وَجَدَ طَعْمَهُ فِي حَلْقِهِ) أَيْ طَعْمَ الْكُحْلِ أَوْ الدُّهْنِ كَمَا فِي السِّرَاجِ وَكَذَا لَوْ بَزَقَ فَوَجَدَ لَوْنَهُ فِي الْأَصَحِّ بَحْرٌ قَالَ فِي النَّهْرِ؛ لِأَنَّ الْمَوْجُودَ فِي حَلْقِهِ أَثَرٌ دَاخِلٌ مِنْ الْمَسَامِّ الَّذِي هُوَ خَلَلُ الْبَدَنِ وَالْمُفْطِرُ إنَّمَا هُوَ الدَّاخِلُ مِنْ الْمَنَافِذِ

<<  <  ج: ص:  >  >>