للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيُنْدَبُ لِلصَّلَاةِ؛ كَمَا يُنْدَبُ لِاصْفِرَارِ سِنٍّ وَتَغَيُّرِ رَائِحَةٍ وَقِرَاءَةِ قُرْآنٍ؛ وَأَقَلُّهُ ثَلَاثٌ فِي الْأَعَالِي وَثَلَاثٌ فِي الْأَسَافِلِ (بِمِيَاهٍ) ثَلَاثَةٌ.

(وَ) نُدِبَ إمْسَاكُهُ (بِيُمْنَاهُ) وَكَوْنُهُ لَيِّنًا، مُسْتَوِيًا بِلَا عُقَدٍ، فِي غِلَظِ الْخِنْصَرِ وَطُولِ شِبْرٍ. وَيَسْتَاكُ عَرْضًا لَا طُولًا، وَلَا مُضْطَجِعًا؛ فَإِنَّهُ يُورِثُ كِبَرَ الطِّحَالِ، وَلَا يَقْبِضُهُ؛ فَإِنَّهُ يُورِثُ الْبَاسُورَ، وَلَا يَمُصُّهُ؛

ــ

[رد المحتار]

مِنْ هَذَا نَفْيُ اسْتِحْبَابِهِ عِنْدَنَا لِكُلِّ صَلَاةٍ أَيْضًا حَتَّى يَحْصُلَ التَّنَافِي. وَكَيْفَ لَا يُسْتَحَبُّ لِلصَّلَاةِ الَّتِي هِيَ مُنَاجَاةُ الرَّبِّ تَعَالَى مَعَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلِاجْتِمَاعِ بِالنَّاسِ.

قَالَ فِي إمْدَادِ الْفَتَّاحِ: وَلَيْسَ السِّوَاكُ مِنْ خَصَائِصِ الْوُضُوءِ، فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِي حَالَاتٍ مِنْهَا: تَغَيُّرُ الْفَمِ، وَالْقِيَامُ مِنْ النَّوْمِ وَإِلَى الصَّلَاةِ، وَدُخُولُ الْبَيْتِ، وَالِاجْتِمَاعُ بِالنَّاسِ، وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ؛ لِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ: إنَّ السِّوَاكَ مِنْ سُنَنِ الدِّينِ فَتَسْتَوِي فِيهِ الْأَحْوَالُ كُلُّهَا. اهـ. وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ: وَلَا يَخْتَصُّ بِالْوُضُوءِ كَمَا قِيلَ، بَلْ سُنَّةٌ عَلَى حِدَةٍ عَلَى مَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَفِي حَاشِيَةِ الْهِدَايَةِ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ، وَيُؤَكَّدُ اسْتِحْبَابُهُ عِنْدَ قَصْدِ التَّوَضُّؤِ فَيُسَنُّ أَوْ يُسْتَحَبُّ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ اهـ وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِاسْتِحْبَابِهِ عِنْدَ صَلَاةٍ أَيْضًا الْحَلَبِيُّ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ الصَّغِيرِ، وَفِي هَدِيَّةِ ابْنِ عِمَادٍ أَيْضًا، وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ التَّتِمَّةِ: وَيُسْتَحَبُّ السِّوَاكُ عِنْدَنَا عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ وَوُضُوءٍ وَكُلِّ مَا يُغَيِّرُ الْفَمَ وَعِنْدَ الْيَقَظَةِ. اهـ. فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ الْفَرِيدَ (قَوْلُهُ: وَأَقَلُّهُ إلَخْ) أَقُولُ: قَالَ فِي الْمِعْرَاجِ: وَلَا تَقْدِيرَ فِيهِ، بَلْ يَسْتَاكُ إلَى أَنْ يَطْمَئِنَّ قَلْبُهُ بِزَوَالِ النَّكْهَةِ وَاصْفِرَارِ السِّنِّ، وَالْمُسْتَحَبُّ فِيهِ ثَلَاثٌ بِثَلَاثِ مِيَاهٍ. اهـ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ لَا تَقْدِيرَ فِيهِ مِنْ حَيْثُ تَحْصِيلُ السُّنَّةِ، وَإِنَّمَا تَحْصُلُ بِاطْمِئْنَانِ الْقَلْبِ، فَلَوْ حَصَلَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ فَالْمُسْتَحَبُّ إكْمَالُهَا كَمَا قَالُوا فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ (قَوْلُهُ: فِي الْأَعَالِي) وَيَبْدَأُ مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ الْأَيْسَرِ وَفِي الْأَسَافِلِ كَذَلِكَ بَحْرٌ. (قَوْلُهُ: بِمِيَاهٍ ثَلَاثَةٍ) بِأَنْ يَبِلَّهُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ

(قَوْلُهُ:: وَنُدِبَ إمْسَاكُهُ بِيُمْنَاهُ) كَذَا فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ، قَالَ فِي الدُّرَرِ: لِأَنَّهُ الْمَنْقُولُ الْمُتَوَارَثُ اهـ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ مَنْقُولٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَكِنْ قَالَ مُحَشِّيهِ الْعَلَّامَةُ نُوحٌ أَفَنْدِي: أَقُولُ: دَعْوَى النَّقْلِ تَحْتَاجُ إلَى نَقْلٍ، وَلَمْ يُوجَدْ. غَايَةُ مَا يُقَالُ أَنَّ السِّوَاكَ إنْ كَانَ مِنْ بَابِ التَّطْهِيرِ اُسْتُحِبَّ بِالْيَمِينِ كَالْمَضْمَضَةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ بَابِ إزَالَةِ الْأَذَى فَبِالْيُسْرَى وَالظَّاهِرُ الثَّانِي كَمَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ.

وَاسْتُدِلَّ لِلْأَوَّلِ بِمَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِ حَدِيثِ عَائِشَةَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُعْجِبُهُ التَّيَامُنُ فِي تَرَجُّلِهِ وَتَنَعُّلِهِ وَطُهُورِهِ وَسِوَاكِهِ» وَرُدَّ بِأَنَّ الْمُرَادَ الْبُدَاءَةُ بِالْجَانِبِ الْأَيْمَنِ مِنْ الْفَمِ اهـ مُلَخَّصًا. وَفِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ وَالسُّنَّةُ فِي كَيْفِيَّةِ أَخْذِهِ أَنْ يَجْعَلَ الْخِنْصَرَ أَسْفَلَهُ وَالْإِبْهَامَ أَسْفَلَ رَأْسِهِ وَبَاقِي الْأَصَابِعِ فَوْقَهُ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ مَسْعُودٍ (قَوْلُهُ: وَكَوْنُهُ لَيِّنًا) كَذَا فِي الْفَتْحِ. وَفِي السِّرَاجِ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ السِّوَاكُ لَا رَطْبًا يَلْتَوِي؛ لِأَنَّهُ لَا يُزِيلُ الْقَلَحَ وَهُوَ وَسَخُ الْأَسْنَانِ، وَلَا يَابِسًا يَجْرَحُ اللِّثَةَ وَهِيَ مَنْبَتُ الْأَسْنَانِ. اهـ. فَالْمُرَادُ أَنَّ رَأْسَهُ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ اسْتِعْمَالِهِ يَكُونُ لَيِّنًا: أَيْ لَا فِي غَايَةِ الْخُشُونَةِ وَلَا غَايَةِ النُّعُومَةِ، تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: بِلَا عَقْدٍ) فِي شَرْحِ دُرَرِ الْبِحَارِ: قَلِيلُ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: فِي غِلَظِ الْخِنْصَرِ) كَذَا فِي الْمِعْرَاجِ، وَفِي الْفَتْحِ الْأُصْبُعِ (قَوْلُهُ: وَطُولِ شِبْرٍ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ فِي ابْتِدَاءِ اسْتِعْمَالِهِ، فَلَا يَضُرُّ نَقْصُهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْقَطْعِ مِنْهُ لِتَسْوِيَتِهِ، تَأَمَّلْ، وَهَلْ الْمُرَادُ شِبْرُ الْمُسْتَعْمِلِ أَوْ الْمُعْتَادِ؟ الظَّاهِرُ الثَّانِي لِأَنَّهُ مَحْمَلُ الْإِطْلَاقِ غَالِبًا (قَوْلُهُ:: وَيَسْتَاكُ عَرْضًا لَا طُولًا) أَيْ لِأَنَّهُ يَجْرَحُ لَحْمَ الْأَسْنَانِ. وَقَالَ الْغَزْنَوِيُّ: طُولًا وَعَرْضًا. وَالْأَكْثَرُ عَلَى الْأَوَّلِ بَحْرٌ، لَكِنْ وَفَّقَ فِي الْحِلْيَةِ بِأَنَّهُ يَسْتَاكُ عَرْضًا فِي الْأَسْنَانِ وَطُولًا فِي اللِّسَانِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ، ثُمَّ نُقِلَ عَنْ الْغَزْنَوِيِّ أَنَّهُ يَسْتَاكُ بِالْمُدَارَاةِ خَارِجَ الْأَسْنَانِ وَدَاخِلَهَا أَعْلَاهَا وَأَسْفَلَهَا وَرُءُوسِ الْأَضْرَاسِ وَبَيْنَ كُلِّ سِنَّيْنِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَقْبِضُهُ) أَيْ بِيَدِهِ عَلَى خِلَافِ الْهَيْئَةِ الْمَسْنُونَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَمُصُّهُ) بِضَمِّ الْمِيمِ كَيَخُصُّ، وَأَمَّا بَلْعُ الرِّيقِ بِلَا مَصٍّ، فَفِي الْحِلْيَةِ قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>