للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَا سِيَّمَا فِي هَذِهِ الْأَعْصَارِ وَقَدْ بَسَطَهُ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ فِي شَرْحِ دُرَرِ الْبِحَارِ، وَلَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ مُحَمَّدٌ: لَوْ كَانَتْ الْعَوَّامُ عَبِيدِي لَأَعْتَقَتْهُمْ وَأَسْقَطْت وَلَائِي وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ لَا يَهْتَدُونَ فَالْكُلُّ بِهِمْ يَتَغَيَّرُونَ.

بَابُ الِاعْتِكَافِ وَجْهُ الْمُنَاسَبَةِ لَهُ وَالتَّأْخِيرِ اشْتِرَاطُ الصَّوْمِ فِي بَعْضِهِ وَالطَّلَبُ الْآكَدُ فِي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ. (هُوَ) لُغَةً: اللَّبْثُ وَشَرْعًا: (لَبْثٌ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَتُضَمُّ الْمُكْثُ (ذَكَرٍ) وَلَوْ مُمَيَّزًا فِي (مَسْجِدٍ جَمَاعَةً) هُوَ مَا لَهُ إمَامٌ وَمُؤَذِّنٌ أُدِّيَتْ فِيهِ الْخَمْسُ أَوْ لَا.

وَعَنْ الْإِمَامِ اشْتِرَاطُ أَدَاءِ الْخَمْسِ فِيهِ وَصَحَّحَهُ بَعْضُهُمْ وَقَالَ لَا يَصِحُّ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ وَصَحَّحَهُ السُّرُوجِيُّ، وَأَمَّا الْجَامِعُ فَيَصِحُّ فِيهِ

ــ

[رد المحتار]

كَمَا يَفْعَلُ النِّسَاءُ مِنْ نَذْرِ الزَّيْتِ لِسَيِّدِي عَبْدِ الْقَادِرِ وَيُوقَدُ فِي الْمَنَارَةِ جِهَةَ الْمَشْرِقِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَأَقْبَحُ مِنْهُ النَّذْرُ بِقِرَاءَةِ الْمَوْلِدِ فِي الْمَنَابِرِ وَمَعَ اشْتِمَالِهِ عَلَى الْغِنَاءِ وَاللَّعِبِ وَإِيهَابِ ثَوَابِ ذَلِكَ إلَى حَضْرَةِ الْمُصْطَفَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ وَلَا سِيَّمَا فِي هَذِهِ الْأَعْصَارِ) وَلَا سِيَّمَا فِي مَوْلِدِ السَّيِّدِ أَحْمَدَ الْبَدْوِيِّ نَهْرٌ (قَوْلُهُ وَلَقَدْ قَالَ إلَخْ) ذَكَرَ ذَلِكَ هُنَا فِي النَّهْرِ، وَلَا يَخْفَى عَلَى ذَوِي الْأَفْهَامِ أَنَّ مُرَادَ الْإِمَامِ بِهَذَا الْكَلَامِ إنَّمَا هُوَ ذَمُّ الْعَوَّامِ وَالتَّبَاعُدُ عَنْ نِسْبَتِهِمْ إلَيْهِ بِأَيِّ وَجْهٍ يُرَامُ وَلَوْ بِإِسْقَاطِ الْوَلَاءِ الثَّابِتِ الِانْبِرَامِ، وَذَلِكَ بِسَبَبِ جَهْلِهِمْ الْعَامِّ وَتَغْيِيرِهِمْ لِكَثِيرٍ مِنْ الْأَحْكَامِ، وَتَقَرُّبِهِمْ بِمَا هُوَ بَاطِلٌ وَحَرَامٌ؛ فَهُمْ كَالْأَنْعَامِ يَتَغَيَّرُ بِهِمْ الْأَعْلَامُ، وَيَتَبَرَّءُونَ مِنْ شَنَائِعِهِمْ الْعِظَامِ كَمَا هُوَ أَدَبُ الْأَنْبِيَاءِ الْكِرَامِ حَيْثُ يَتَبَرَّءُونَ مِنْ الْأَبَاعِدِ وَالْأَرْحَامِ بِمُخَالَفَتِهِمْ الْمَلِكَ الْعَلَّامَ فَافْهَمْ مَا ذَكَرْنَاهُ وَالسَّلَامُ. .

[بَابُ الِاعْتِكَافِ]

ِ (قَوْلُهُ وَجْهُ الْمُنَاسَبَةِ لَهُ وَالتَّأْخِيرُ) أَيْ وَجْهُ مُنَاسَبَةِ الِاعْتِكَافِ لِلصَّوْمِ حَيْثُ ذُكِرَ مَعَهُ وَوَجْهُ تَأْخِيرِهِ عَنْهُ أَنَّ الصَّوْمَ شَرْطٌ فِي بَعْضِ أَنْوَاعِ الِاعْتِكَافِ وَهُوَ الْوَاجِبُ وَالشَّرْطُ يَتَقَدَّمُ عَلَى الْمَشْرُوطِ، وَأَنَّ الِاعْتِكَافَ يُطْلَبُ مُؤَكَّدًا فِي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ فَيُخْتَمُ الصَّوْمُ بِهِ فَنَاسَبَ خَتْمُ كِتَابِ الصَّوْمِ بِذِكْرِ مَسَائِلِهِ (قَوْلُهُ هُوَ لُغَةً اللَّبْثُ) أَيْ الْمُكْثُ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ وَحَبْسُ النَّفْسِ فِيهِ.

قَالَ فِي الْبَحْرِ هُوَ لُغَةً افْتِعَالٌ مِنْ عَكَفَ إذَا دَامَ مِنْ بَابِ طَلَبَ وَعَكَفَهُ حَبَسَهُ، وَمِنْهُ - {وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا} [الفتح: ٢٥]- سُمِّي بِهِ هَذَا النَّوْعُ مِنْ الْعِبَادَةِ لِأَنَّهُ إقَامَةٌ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ شَرَائِطَ مُغْرِبٍ.

وَفِي النِّهَايَةِ مَصْدَرُ الْمُتَعَدِّي الْعَكْفُ وَمِنْهُ الِاعْتِكَافُ فِي الْمَسْجِدِ وَاللَّازِمِ الْعُكُوفُ مِنْهُ - {يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ} [الأعراف: ١٣٨]- (قَوْلُهُ ذُكِرَ) قَيَّدَ بِهِ وَإِنْ تَحَقَّقَ اعْتِكَافُ الْمَرْأَةِ فِي الْمَسْجِدِ مَيْلًا إلَى تَعْرِيفِ الِاعْتِكَافِ الْمَطْلُوبِ لِأَنَّ اعْتِكَافَ الْمَرْأَةِ فِيهِ مَكْرُوهٌ كَمَا يَأْتِي بَلْ ظَاهِرُ مَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ أَنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ عَدَمُ صِحَّتِهِ لَكِنْ صَرَّحَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ بِأَنَّهُ صَحِيحٌ بِلَا خِلَافٍ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَقَدْ يُقَالُ قَيَّدَ بِهِ نَظَرًا إلَى شَرْطِيَّةِ مَسْجِدِ الْجَمَاعَةِ فَإِنَّهُ شَرْطٌ لِاعْتِكَافِ الرَّجُلِ فَقَطْ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِقَوْلِهِ بَعْدَهُ أَوْ امْرَأَةٍ فِي مَسْجِدِ بَيْتِهَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلَوْ مُمَيِّزًا) فَالْبُلُوغُ لَيْسَ بِشَرْطٍ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَدَائِعِ وَشَمِلَ الْعَبْدَ فَيَصِحُّ اعْتِكَافُهُ بِإِذْنِ الْمَوْلَى، وَلَوْ نَذَرَهُ فَلِلْمَوْلَى مَنْعُهُ وَيَقْضِيهِ بَعْدَ الْعِتْقِ وَكَذَا الْمَرْأَةُ لَكِنْ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا بَعْدَ الْإِذْنِ بِخِلَافِ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْمِلْكِ، وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ فَلَيْسَ لِلْمَوْلَى مَنْعُهُ وَلَوْ تَطَوُّعًا وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ أُدِّيَتْ فِيهِ الْخَمْسُ أَوْ لَا) صَرَّحَ بِهَذَا الْإِطْلَاقِ فِي الْعِنَايَةِ وَكَذَا فِي النَّهْرِ وَعَزَاهُ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ إلَى الْفَيْضِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَخِزَانَةِ الْفَتَاوَى وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا، وَيُفْهَمُ أَيْضًا وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ مِنْ تَعْقِيبِهِ بِالْقَوْلِ الثَّانِي هُنَا تَبَعًا لِلْهِدَايَةِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَصَحَّحَهُ بَعْضُهُمْ) نَقَلَ تَصْحِيحَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ ابْنِ الْهُمَامِ (قَوْلُهُ وَصَحَّحَهُ السُّرُوجِيُّ) وَهُوَ اخْتِيَارُ الطَّحَاوِيِّ قَالَ الْحَبْرُ الرَّمْلِيُّ وَهُوَ أَيْسَرُ خُصُوصًا فِي زَمَانِنَا فَيَنْبَغِي أَنْ يُعَوَّلَ عَلَيْهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْجَامِعُ) لَمَّا كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>