للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذَا مَضَى مِثْلُ تِلْكَ اللَّيْلَةِ فِي الْآتِي، وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: قَبْلَ دُخُولِ رَمَضَانَ وَقَعَ بِمُضِيِّهِ قَالَ فِي الْمُحِيطِ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ لَكِنْ قَيَّدَهُ بِكَوْنِ الْحَالِفِ فَقِيهًا يَعْرِفُ الِاخْتِلَافَ وَإِلَّا فَهِيَ لَيْلَةُ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

كِتَابُ الْحَجِّ

ــ

[رد المحتار]

الْآتِي تَحَقَّقَ وُجُودُهَا فِي أَحَدِهِمَا فَحِينَئِذٍ يَقَعُ (قَوْلُهُ إذَا مَضَى إلَخْ) يَعْنِي إذَا كَانَتْ هِيَ اللَّيْلَةَ الْأُولَى فَقَدْ وَقَعَ بِأَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ الْقَابِلِ، وَإِنْ كَانَتْ الثَّانِيَةَ، أَوْ الثَّالِثَةَ إلَخْ فَقَدْ وُجِدَتْ فِي الْمَاضِي، فَيَتَحَقَّقُ عِنْدَهُمَا وُجُودُهَا قَطْعًا بِأَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ الْقَابِلِ رَمْلِيٌّ (قَوْلُهُ لَكِنْ قَيَّدَهُ إلَخْ) أَيْ قَيَّدَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ الْإِفْتَاءَ بِقَوْلِ الْإِمَامِ بِكَوْنِ الْحَالِفِ فَقِيهًا أَيْ عَالِمًا بِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِيهَا وَإِلَّا فَلَوْ كَانَ عَامِّيًّا فَهِيَ لَيْلَةُ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ لِأَنَّ الْعَوَامَّ يُسَمُّونَهَا لَيْلَةَ الْقَدْرِ، فَيَنْصَرِفُ حَلِفُهُ إلَى مَا تَعَارَفَ عِنْدَهُ كَمَا هُوَ أَحَدُ الْأَقْوَالِ فِيهَا وَلَهُ أَدِلَّةٌ كَثِيرَةٌ مِنْ الْأَحَادِيثِ وَأَجَابَ عَنْهَا الْإِمَامُ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي ذَلِكَ الْعَامِ. [تَتِمَّةٌ]

مَا ذَكَرَهُ عَنْ الْإِمَامِ هُوَ قَوْلٌ لَهُ.

وَذَكَرَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْخَانِيَّةِ أَنَّ الْمَشْهُورَ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهَا تَدُورُ أَيْ فِي السَّنَةِ كُلِّهَا قَدْ تَكُونُ فِي رَمَضَانَ وَقَدْ تَكُونُ فِي غَيْرِهِ. اهـ.

قُلْت: وَيُؤَيِّدُهُ مَا ذَكَرَهُ سُلْطَانُ الْعَارِفِينَ سَيِّدِي مُحْيِي الدِّينِ بْنُ عَرَبِيٍّ فِي فُتُوحَاتِهِ الْمَكِّيَّةِ بِقَوْلِهِ: وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ أَعْنِي فِي زَمَانِهَا، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هِيَ فِي السَّنَةِ كُلِّهَا تَدُورُ وَبِهِ أَقُولُ.

فَإِنِّي رَأَيْتهَا فِي شَعْبَانَ وَفِي شَهْرِ رَبِيعٍ، وَفِي شَهْرِ رَمَضَانَ، وَأَكْثَرُ مَا رَأَيْتهَا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَفِي الْعَشْرِ الْآخِرِ مِنْهُ، وَرَأَيْتهَا مَرَّةً فِي الْعَشْرِ الْوَسَطِ مِنْ رَمَضَانَ فِي غَيْرِ لَيْلَةٍ وِتْرٍ وَفِي الْوِتْرِ مِنْهَا فَأَنَا عَلَى يَقِينٍ مِنْ أَنَّهَا تَدُورُ فِي السَّنَةِ فِي وِتْرٍ وَشَفْعٍ مِنْ الشَّهْرِ اهـ وَفِيهَا لِلْعُلَمَاءِ أَقْوَالٌ أُخَرُ بَلَغَتْ سِتَّةً وَأَرْبَعِينَ.

[خَاتِمَةٌ]

قَالَ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ: اعْلَمْ أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ لَيْلَةٌ فَاضِلَةٌ يُسْتَحَبُّ طَلَبُهَا، وَهِيَ أَفْضَلُ لَيَالِيِ السَّنَةِ وَكُلُّ عَمَلِ خَيْرٍ فِيهَا يَعْدِلُ أَلْفَ عَمَلٍ فِي غَيْرِهَا وَعَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ مَنْ شَهِدَ الْعِشَاءَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فَقَدْ أَخَذَ نَصِيبَهُ مِنْهَا وَعَنْ الشَّافِعِيِّ الْعِشَاءُ وَالصُّبْحُ وَيَرَاهَا مِنْ الْمُؤْمِنِينَ مَنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَعَنْ الْمُهَلَّبِ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ لَا تُمْكِنُ رُؤْيَتُهَا عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَهُوَ غَلَطٌ، وَيَنْبَغِي لِمَنْ يَرَاهَا أَنْ يَكْتُمَهَا وَيَدْعُوَ اللَّهَ تَعَالَى بِالْإِخْلَاصِ اهـ.

اللَّهُمَّ إنَّا نَسْأَلُك الْإِخْلَاصَ فِي الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ وَحُسْنَ الْخِتَامِ عِنْدَ انْتِهَاءِ الْأَجَلِ وَالْعَوْنَ عَلَى الْإِتْمَامِ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

[كِتَابُ الْحَجِّ]

لَمَّا كَانَ مُرَكَّبًا مِنْ الْمَالِ وَالْبَدَنِ وَكَانَ وَاجِبًا فِي الْعُمُرِ مَرَّةً وَمُؤَخَّرًا فِي حَدِيثِ «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ» أَخَّرَهُ وَخَتَمَ بِهِ الْعِبَادَاتِ أَيْ الْخَالِصَةَ وَإِلَّا فَنَحْوُ النِّكَاحِ، وَالْعَتَاقِ، وَالْوَقْفِ يَكُونُ عِبَادَةً عِنْدَ النِّيَّةِ لَكِنَّهُ لَمْ يُشْرَعْ لِقَصْدِ التَّعَبُّدِ فَقَطْ، وَلِذَا صَحَّ بِلَا نِيَّةٍ بِخِلَافِ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ الْأَرْبَعَةِ فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا عِبَادَةً لِاشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فِيهَا هَذَا مَا ظَهَرَ لِي.

وَأَوْرَدَ فِي النَّهْرِ عَلَى قَوْلِهِمْ مُرَكَّبٌ إنَّهُ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ مَحْضَةٌ وَالْمَالُ إنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِي وُجُودِهِ لَا أَنَّهُ جَزْءُ مَفْهُومِهِ. اهـ.

وَفِيهِ أَنَّ كَوْنَهُ عِبَادَةً مُرَكَّبَةً مِمَّا اتَّفَقَتْ عَلَيْهِ كَلِمَتُهُمْ أُصُولًا وَفُرُوعًا حَتَّى أَوْجَبُوا الْحَجَّ عَنْ الْمَيِّتِ وَإِنْ فَاتَ عَمَلُ الْبَدَنِ لِبَقَاءِ الْجُزْءِ الْآخَرِ وَهُوَ الْمَالُ كَمَا سَيَجِيءُ تَقْرِيرُهُ، وَلَيْسَ قَوْلُهُمْ إنَّهُ مُرَكَّبٌ تَعْرِيفًا لَهُ لِبَيَانِ مَاهِيَّتِه حَتَّى يُقَالَ إنَّ الْمَالَ شَرْطٌ فِيهِ لَا جَزْءُ مَفْهُومِهِ، بَلْ الْمُرَادُ بَيَانُ أَنَّ التَّعَبُّدَ بِهِ لَا يُتَوَصَّلُ إلَيْهِ غَالِبًا إلَّا بِأَعْمَالِ الْبَدَنِ وَإِنْفَاقِ الْمَالِ

<<  <  ج: ص:  >  >>