للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالتَّنْعِيمُ أَفْضَلُ وَنَظَمَ حُدُودَ الْحَرَمِ ابْنُ الْمُلَقِّنِ فَقَالَ:

وَلِلْحَرَمِ التَّحْدِيدُ مِنْ أَرْضِ طَيْبَةَ ... ثَلَاثُ أَمْيَالٍ إذَا رُمْت إتْقَانَهْ

وَسَبْعُهُ أَمْيَالٍ عِرَاقًا وَطَائِفَ ... وَجُدَّةَ عَشْرٌ ثُمَّ تِسْعٌ جِعْرَانَهْ.

(فَصْلٌ) فِي الْإِحْرَامِ وَصِفَةِ الْمُفْرِدِ بِالْحَجِّ (وَمَنْ شَاءَ الْإِحْرَامَ) وَهُوَ شَرْطُ صِحَّةِ النُّسُكِ

ــ

[رد المحتار]

لِلْحَجِّ مِنْ الْحِلِّ أَوْ لِلْعُمْرَةِ مِنْ الْحَرَمِ لَزِمَهُ دَمٌ إلَّا إذَا عَادَ مُلَبِّيًا إلَى الْمِيقَاتِ الْمَشْرُوعِ لَهُ كَمَا فِي اللُّبَابِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَالتَّنْعِيمُ أَفْضَلُهُ) هُوَ مَوْضِعٌ قَرِيبٌ مِنْ مَكَّةَ عِنْدَ مَسْجِدِ عَائِشَةَ، وَهُوَ أَقْرَبُ مَوْضِعٍ مِنْ الْحِلِّ ط أَيْ الْإِحْرَامُ مِنْهُ لِلْعُمْرَةِ أَفْضَلُ مِنْ الْإِحْرَامِ لَهَا مِنْ الْجِعْرَانَةِ، وَغَيْرِهَا مِنْ الْحِلِّ عِنْدَنَا وَإِنْ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحْرَمَ مِنْهَا لِأَمْرِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَبْدَ الرَّحْمَنِ بِأَنْ يَذْهَبَ بِأُخْتِهِ عَائِشَةَ إلَى التَّنْعِيمِ لِتُحْرِمَ مِنْهُ وَالدَّلِيلُ الْقَوْلِيُّ مُقَدَّمٌ عِنْدَنَا عَلَى الْفِعْلِيِّ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ بِالْعَكْسِ (قَوْلُهُ وَنَظَمَ حُدُودَ الْحَرَمِ ابْنُ الْمُلَقِّنِ) هُوَ مِنْ عُلَمَاءِ الشَّافِعِيَّةِ.

وَنَقَلَ عَنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ لِلنَّوَوِيِّ أَنَّ نَاظِمَ الْأَبْيَاتِ الْمَذْكُورَةِ الْقَاضِي أَبُو الْفَضْلُ النُّوَيْرِيُّ أَنَّ عَلَى الْحَرَمِ عَلَامَاتٍ مَنْصُوبَةً فِي جَمِيعِ جَوَانِبِهِ نَصَبَهَا إبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَكَانَ جِبْرِيلُ يُرِيهِ مَوَاضِعَهَا ثُمَّ أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِتَجْدِيدِهَا، ثُمَّ عُمَرُ ثُمَّ عُثْمَانُ ثُمَّ مُعَاوِيَةُ وَهِيَ إلَى الْآنِ ثَابِتَةٌ فِي جَمِيعِ جَوَانِبِهِ إلَّا مِنْ جِهَةِ جُدَّةَ وَجِهَةِ الْجِعْرَانَةِ فَإِنَّهَا لَيْسَ فِيهَا أَنْصَابٌ اهـ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ وَسَبْعَةُ أَمْيَالٍ إلَخْ) لَوْ قَالَ

وَمِنْ يَمَنَ سَبْعٌ عِرَاقٌ وَطَائِفُ

لَاسْتَوْفَى وَاسْتَغْنَى عَنْ الْبَيْتِ الثَّالِثِ الْمَذْكُورِ فِي الْبَحْرِ وَهُوَ:

وَمِنْ يَمَنَ سَبْعٌ بِتَقْدِيمِ سِينِهَا ... وَقَدْ كَمُلَتْ فَاشْكُرْ لِرَبِّك إحْسَانَهْ

أَفَادَهُ ح عَنْ الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ (قَوْلُهُ جِعْرَانَةَ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَالْأَفْصَحُ إسْكَانُ الْعَيْنِ وَتَخْفِيفُ الرَّاءِ وَتَمَامُهُ فِي ط.

[فَصْلٌ فِي الْإِحْرَامِ وَصِفَةِ الْمُفْرِدِ]

فَصْلٌ فِي الْإِحْرَامِ مُنَاسَبَةُ ذِكْرِهِ بَعْدَ الْمَوَاقِيتِ الَّتِي لَا يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يُجَاوِزَهَا إلَّا مُحْرِمًا وَاضِحَةٌ.

وَهُوَ لُغَةً: مَصْدَرُ أَحْرَمَ إذَا دَخَلَ فِي حُرْمَةٍ لَا تُنْتَهَكُ وَرَجُلٌ حَرَامٌ أَيْ مُحْرِمٌ كَذَا فِي الصِّحَاحِ، وَشَرْعًا: الدُّخُولُ فِي حُرُمَاتٍ مَخْصُوصَةٍ أَيْ الْتِزَامُهَا غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ شَرْعًا إلَّا بِالنِّيَّةِ مَعَ الذِّكْرِ أَوْ الْخُصُوصِيَّةِ، كَذَا فِي الْفَتْحِ فَهُمَا شَرْطَانِ فِي تَحَقُّقِهِ لَا جَزْءُ مَاهِيَّتِه كَمَا تَوَهَّمَهُ فِي الْبَحْرِ حَيْثُ عَرَّفَهُ بِنِيَّةِ النُّسُكِ مِنْ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مِنْ الذِّكْرِ أَوْ الْخُصُوصِيَّةِ نَهْرٌ وَالْمُرَادُ بِالذِّكْرِ التَّلْبِيَةُ وَنَحْوُهَا، وَبِالْخُصُوصِيَّةِ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا مِنْ سَوْقِ الْهَدْيِ أَوْ تَقْلِيدِ الْبُدْنِ، فَلَا بُدَّ مِنْ التَّلْبِيَةِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا فَلَوْ نَوَى وَلَمْ يُلَبِّ أَوْ بِالْعَكْسِ لَا يَصِيرُ مُحْرِمًا وَهَلْ يَصِيرُ مُحْرِمًا بِالنِّيَّةِ وَالتَّلْبِيَةِ أَوْ بِأَحَدِهِمَا بِشَرْطِ الْآخَرِ الْمُعْتَمَدُ مَا ذَكَرَهُ الْحُسَامُ الشَّهِيدُ أَنَّهُ بِالنِّيَّةِ لَكِنْ عِنْدَ التَّلْبِيَةِ كَمَا يَصِيرُ شَارِعًا فِي الصَّلَاةِ بِالنِّيَّةِ لَكِنْ بِشَرْطِ التَّكْبِيرِ لَا بِالتَّكْبِيرِ كَمَا فِي شَرْحِ اللُّبَابِ وَلَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهِ زَمَانٌ وَلَا مَكَانَ وَلَا هَيْئَةٌ وَلَا حَالَةٌ فَلَوْ أَحْرَمَ لَابِسًا لِلْمَخِيطِ أَوْ مُجَامِعًا الْعَقْدَ فِي الْأَوَّلِ صَحِيحًا وَفِي الثَّانِي فَاسِدًا كَمَا فِي اللُّبَابِ (قَوْلُهُ وَصِفَةِ الْمُفْرِدِ بِالْحَجِّ) أَيْ وَالْأَوْصَافُ الَّتِي يَفْعَلُهَا الْحَاجُّ الْمُفْرِدُ بَعْدَ تَحَقُّقِ دُخُولِهِ فِيهِ بِالْإِحْرَامِ، فَهُوَ عَطْفُ مُغَايِرٍ فَافْهَمْ وَقَدَّمَ الْكَلَامَ فِي الْمُفْرِدِ عَلَى الْقَارِنِ وَالْمُتَمَتِّعِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُفْرَدِ مِنْ الْمُرَكَّبِ (قَوْلُهُ النُّسُكِ) أَيْ الْعِبَادَةِ ثُمَّ غَلَبَ عَلَى عِبَادَةَ الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>