للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَحَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ إلَّا النِّسَاءَ) قِيلَ وَالطِّيبَ وَالصَّيْدَ

(ثُمَّ طَافَ لِلزِّيَارَةِ يَوْمًا مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ) الثَّلَاثَةِ بَيَانٌ لِوَقْتِهِ الْوَاجِبِ (سَبْعَةً)

ــ

[رد المحتار]

الْقِبْلَةَ وَنَاوَلْته الْجَانِبَ الْأَيْسَرَ فَقَالَ ابْدَأْ بِالْأَيْمَنِ، فَلَمَّا أَرَدْت أَنْ أَذْهَبَ قَالَ ادْفِنْ شَعْرَك فَرَجَعْت فَدَفَنْته. اهـ. نَهْرٌ أَيْ فَهَذَا يُفِيدُ رُجُوعَ الْإِمَامِ إلَى قَوْلِ الْحَجَّامِ، وَلِذَا قَالَ فِي اللُّبَابِ هُوَ الْمُخْتَارُ. قَالَ شَارِحُهُ كَمَا فِي مَنْسَكِ ابْنِ الْعَجَمِيِّ وَالْبَحْرِ، وَقَالَ فِي النُّخْبَةِ: وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَقَدْ رُوِيَ رُجُوعُ الْإِمَامِ عَمَّا نَقَلَ عَنْهُ الْأَصْحَابُ فَصَحَّ تَصْحِيحُ قَوْلِهِ الْأَخِيرِ وَانْدَفَعَ مَا هُوَ الْمَشْهُورُ عَنْهُ عِنْدَ الْمَشَايِخِ. وَقَالَ السُّرُوجِيُّ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَبْدَأُ بِيَمِينِ الْمَحْلُوقِ وَذَكَرَ كَذَلِكَ بَعْضَ أَصْحَابِنَا، وَلَمْ يَعْزُهُ إلَى أَحَدٍ وَالسُّنَّةُ أَوْلَى، وَقَدْ صَحَّ بُدَاءَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِشِقِّ رَأْسِهِ الْكَرِيمِ مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ بَعْدَهُ كَلَامٌ، وَقَدْ أَخَذَ الْإِمَامُ بِقَوْلِ الْحَجَّامِ وَلَمْ يُنْكِرْهُ وَلَوْ كَانَ مَذْهَبُهُ خِلَافَهُ لَمَا وَافَقَهُ اهـ مُلَخَّصًا وَمِثْلُهُ فِي الْمِعْرَاجِ وَغَايَةِ الْبَيَانِ (قَوْلُهُ وَحَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ) أَيْ مِنْ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ كَلُبْسِ الْمَخِيطِ وَقَصِّ الْأَظْفَارِ ط وَأَفَادَ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ بِالرَّمْيِ قَبْلَ الْحَلْقِ شَيْءٌ وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَنَا كَمَا فِي شَرْحِ اللُّبَابِ لِلْقَارِي عَنْ الْفَارِسِيِّ، وَفِي شَرْحِهِ عَلَى النُّقَايَةِ وَالرَّمْيُ غَيْرُ مُحَلِّلٍ مِنْ الْإِحْرَامِ عِنْدَنَا فِي الْمَشْهُورِ، وَمُحَلِّلٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَفِي غَيْرِ الْمَشْهُورِ عِنْدَنَا فَقَدْ نَصَّ عَلَى التَّحَلُّلِ بِالرَّمْيِ عِنْدَنَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ لِخُوَاهَرْ زَادَهْ. وَفِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ بِقَوْلِهِ: وَبَعْدَ الرَّمْيِ قَبْلَ الْحَلْقِ حَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ إلَّا النِّسَاءَ وَالطِّيبُ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَحِلُّ لَهُ الطِّيبُ أَيْضًا اهـ (قَوْلُهُ إلَّا النِّسَاءُ) أَيْ جِمَاعُهُنَّ وَدَوَاعِيهِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ وَالطِّيبُ وَالصَّيْدُ) تَبِعَ فِي ذَلِكَ صَاحِبَ النَّهْرِ فَقَدْ عَزَا إلَى الْخَانِيَّةِ اسْتِثْنَاءَ النِّسَاءِ وَالطِّيبِ وَإِلَى أَبِي اللَّيْثِ اسْتِثْنَاءَ الصَّيْدِ، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ قَاضِي خَانْ قَالَ فِي فَتَاوَاهُ: فَإِذَا حَلَقَ أَوْ قَصَّرَ حَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ إلَّا النِّسَاءُ وَبَعْدَ الرَّمْيِ قَبْلَ الْحَلْقِ يَحِلُّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ إلَّا الطِّيبُ وَالنِّسَاءُ إلَخْ وَمِثْلُهُ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْهُ فِي شَرْحِهِ عَنْ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، فَقَدْ اسْتَثْنَى الطِّيبَ مِنْ الْإِحْلَالِ بِالرَّمْيِ لَا مِنْ الْإِحْلَالِ بِالْحَلْقِ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى خِلَافِ الْمَشْهُورِ كَمَا عَلِمْته آنِفًا، وَقَدْ ذَكَرَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ عِبَارَةَ الْخَانِيَّةِ ثُمَّ قَالَ: وَبِهَذَا يُعْلَمُ بُطْلَانُ مَا يُنْسَبُ لِقَاضِي خَانْ مِنْ أَنَّ الْحَلْقَ لَا يَحِلُّ بِهِ الطِّيبُ. اهـ.

قُلْت: وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ فِي الْبَدَائِعِ: وَأَمَّا حُكْمُ الْحَلْقِ فَهُوَ صَيْرُورَتُهُ حَلَالًا يُبَاحُ لَهُ جَمِيعُ مَا حُظِرَ عَلَيْهِ إلَّا النِّسَاءُ، وَهَذَا قَوْلُ أَصْحَابِنَا. وَقَالَ مَالِكٌ: إلَّا النِّسَاءُ وَالطِّيبُ، وَقَالَ اللَّيْثُ إلَّا النِّسَاءُ وَالصَّيْدُ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْمِعْرَاجِ وَالسِّرَاجِ وَغَايَةِ الْبَيَانِ فَقَدْ عَزَوْا الْأَوَّلَ إلَى الْإِمَامِ مَالِكٍ فَقَطْ وَالثَّانِيَ إلَى اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ أَحَدِ الْأَئِمَّةِ الْمُجْتَهِدِينَ، فَمَا فِي النَّهْرِ مِنْ عَزْوِهِ إلَى أَبِي اللَّيْثِ وَهُوَ السَّمَرْقَنْدِيُّ أَحَدُ مَشَايِخِ مَذْهَبِنَا فَهُوَ تَصْحِيفٌ فَافْهَمْ.

[مطلب فِي طَوَاف الزِّيَارَة]

(قَوْلُهُ ثُمَّ طَافَ لِلزِّيَارَةِ) أَيْ لِفِعْلِ طَوَافِ الزِّيَارَةِ الَّذِي هُوَ ثَانِي رُكْنَيْ الْحَجِّ قَالَ فِي السِّرَاجِ: وَيُسَمَّى طَوَافَ الْإِفَاضَةِ وَطَوَافَ يَوْمِ النَّحْرِ وَالطَّوَافَ الْمَفْرُوضَ اهـ.

وَشَرَائِطُ صِحَّتِهِ: الْإِسْلَامُ وَتَقْدِيمُ الْإِحْرَامِ، وَالْوُقُوفُ، وَالنِّيَّةُ، وَإِتْيَانُ أَكْثَرِهِ، وَالزَّمَانُ، وَهُوَ يَوْمُ النَّحْرِ وَمَا بَعْدَهُ وَالْمَكَانُ وَهُوَ حَوْلَ الْبَيْتِ دَاخِلَ الْمَسْجِدِ، وَكَوْنُهُ بِنَفْسِهِ وَلَوْ مَحْمُولًا فَلَا تَجُوزُ النِّيَابَةُ إلَّا لِمُغْمًى عَلَيْهِ. وَوَاجِبَاتُهُ الْمَشْيُ لِلْقَادِرِ وَالتَّيَامُنُ وَإِتْمَامُ السَّبْعَةِ وَالطَّهَارَةُ عَنْ الْحَدَثِ وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ وَفِعْلُهُ أَيَّامَ النَّحْرِ، وَأَمَّا التَّرْتِيبُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّمْيِ وَالْحَلْقِ فَسُنَّةٌ وَلَا مُفْسِدَ لَهُ وَلَا فَوَاتَ قَبْلَ الْمَمَاتِ، وَلَا يُجْزِي عَنْهُ الْبَدَلُ إلَّا إذَا مَاتَ بَعْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَأَوْصَى بِإِتْمَامِ الْحَجِّ تَجِبُ الْبَدَنَةُ لِطَوَافِ الزِّيَارَةِ وَجَازَ حَجَّةُ لُبَابٌ (قَوْلُهُ سَبْعَةً) أَيْ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>