للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَعْدَهُ (يَقْضِي) مَا أَحْرَمَ بِهِ لِصِحَّةِ الشُّرُوعِ (وَيَذْبَحُ) لِلتَّحَلُّلِ قَبْلَ أَوَانِهِ بِالرَّفْضِ

بَابُ الْإِحْصَارِ هُوَ لُغَةً: الْمَنْعُ. وَشَرْعًا: مَنْعٌ عَنْ رُكْنٍ (إذَا أُحْصِرَ بِعُدُوٍّ أَوْ مَرَضٍ) أَوْ مَوْتِ مَحْرَمٍ أَوْ هَلَاكِ نَفَقَةٍ

ــ

[رد المحتار]

قُلْت: وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ قَوْلَهُ أَوْ لِعُمْرَتَيْنِ مَعْطُوفٌ عَلَى الظَّرْفِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْجَمْعِ فَيَتَعَلَّقُ بِهِ أَيْضًا لَا بِإِحْرَامَيْنِ بِقَرِينَةِ إعَادَتِهِ حَرْفَ الْجَرِّ. وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّهُ مَشَى عَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ، وَقَدْ عَلِمْت تَرْجِيحَهَا أَيْضًا فَلَا مَانِعَ مِنْهُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَبَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ التَّحَلُّلِ بِأَفْعَالِ الْعُمْرَةِ (قَوْلُهُ لِلرَّفْضِ) أَيْ رَفْضِ مَا أَحْرَمَ بِهِ ثَانِيًا وَهُوَ عِلَّةٌ لِلتَّحَلُّلِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالرَّفْضِ وَفِيهِ قَلْبٌ لِأَنَّ الرَّفْضَ الْمَطْلُوبَ مِنْهُ يَكُونُ بِالتَّحَلُّلِ: أَيْ بِالْحَلْقِ، أَوْ بِفِعْلِ شَيْءٍ مِنْ الْمَحْظُورَاتِ مَعَ النِّيَّةِ كَمَا مَرَّ، فَالْأَوْلَى عِبَارَةُ الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ، وَهِيَ لِلرَّفْضِ بِالتَّحَلُّلِ قَبْلَ أَوَانِهِ فَافْهَمْ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

[بَابُ الْإِحْصَارِ]

ِ لَمَّا كَانَ التَّحَلُّلُ بِالْإِحْصَارِ نَوْعَ جِنَايَةٍ بِدَلِيلِ أَنَّ مَا يَلْزَمُهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ ذَكَرَهُ عَقِبَ الْجِنَايَاتِ، وَأَخَّرَهُ لِأَنَّ مَبْنَاهُ عَلَى الِاضْطِرَارِ وَتِلْكَ عَلَى الِاخْتِيَارِ نَهْرٌ (قَوْلُهُ لُغَةً الْمَنْعُ) أَيْ بِخَوْفٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ عَجَزٍ أَمَّا لَوْ مَنَعَهُ عَدُوٌّ بِحَبْسٍ فِي سِجْنٍ أَوْ مَدِينَةٍ فَهُوَ حَصْرٌ كَمَا فِي الْكَشَّافِ وَغَيْرِهِ. وَفِي الْمُغْرِبِ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ ابْنِ كَمَالٍ (قَوْلُهُ وَشَرْعًا مَنْعٌ عَنْ رُكْنَيْنِ) هُمَا الْوُقُوفُ وَالطَّوَافُ فِي الْحَجِّ، لَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّ الْعُمْرَةَ يَتَحَقَّقُ فِيهَا الْإِحْصَارُ، وَلَهَا رُكْنٌ وَاحِدٌ وَهُوَ الْوُقُوفُ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ عَنْ رُكْنٍ بِالْإِفْرَادِ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْمَاهِيَّةُ: أَيْ عَمَّا هُوَ رُكْنُ النُّسُكِ مُتَعَدِّدًا أَوْ مُتَّحِدًا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِعَدُوٍّ) أَيْ آدَمِيٍّ أَوْ سَبُعٍ (قَوْلُهُ أَوْ مَرَضٍ) أَيْ يَزْدَادُ بِالذَّهَابِ (قَوْلُهُ أَوْ مَوْتِ مَحْرَمٍ) أَرَادَ بِهِ مَنْ لَا تَحْرُمُ خَلْوَتُهُ بِالْمَرْأَةِ فَيَشْمَلُ زَوْجَهَا، وَكَمَوْتِهِمَا عَدَمُهُمَا ابْتِدَاءً؛ فَلَوْ أَحْرَمَتْ وَلَيْسَ لَهَا مَحْرَمٌ وَلَا زَوْجٌ فَهِيَ مُحْصَرَةٌ كَمَا فِي اللُّبَابِ وَالْبَحْرِ، ثُمَّ هَذَا إذَا كَانَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ مَسِيرَةُ سَفَرٍ وَبَلَدُهَا أَقَلُّ مِنْهُ أَوْ أَكْثَرُ، لَكِنْ يُمْكِنُهَا الْمُقَامُ فِي مَوْضِعِهَا وَإِلَّا فَلَا إحْصَارَ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ أَوْ هَلَاكُ نَفَقَةٍ) فَإِنْ سُرِقَتْ نَفَقَتُهُ، إنْ قَدَرَ عَلَى الْمَشْيِ فَلَيْسَ بِمُحْصَرٍ وَإِلَّا فَمُحْصَرٌ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ لِلْحَالِ إلَّا أَنَّهُ يَخَافُ الْعَجْزَ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ جَازَ لَهُ التَّحَلُّلُ لُبَابٌ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ هَذَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّفَقَةِ مَا يَشْمَلُ الرَّاحِلَةَ تَأَمَّلْ.

[تَتِمَّةٌ] زَادَ فِي اللُّبَابِ: مِمَّا يَكُونُ بِهِ مُحْصَرًا أُمُورٌ أُخَرُ. مِنْهَا الْعِدَّةُ، فَلَوْ أَهَلَّتْ بِالْحَجِّ فَطَلَّقَهَا زَوْجُهَا وَلَزِمَتْهَا الْعِدَّةُ صَارَتْ مُحْصَرَةً وَلَوْ مُقِيمَةً أَوْ مُسَافِرَةً مَعَهَا مَحْرَمٌ. وَمِنْهَا لَوْ ضَلَّ عَنْ الطَّرِيقِ لَكِنْ إنْ وَجَدَ مِنْ يَبْعَثُ الْهَدْيَ مَعَهُ فَذَلِكَ الرَّجُلُ يَهْدِيهِ إلَى الطَّرِيقِ وَإِلَّا فَلَا يُمْكِنُهُ التَّحَلُّلُ لِعَجْزِهِ عَنْ تَبْلِيغِ الْهَدْيِ مَحَلَّهُ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: فَهُوَ كَالْمُحْصَرِ الَّذِي لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْهَدْيِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>