للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِمُجَرَّدِ الطَّلَاقِ إذَا لَمْ يَكُنْ مُسَلَّمًا لَهَا، وَإِنْ) كَانَ (مُسَلَّمًا) لَهَا لَمْ يَبْطُلْ مِلْكُهَا مِنْهُ بَلْ (تَوَقَّفَ) عَوْدُهُ إلَى مِلْكِهِ (عَلَى الْقَضَاءِ أَوْ الرِّضَا) فَلِهَذَا (لَا نَفَاذَ لِعِتْقِهِ) أَيْ الزَّوْجِ (عِيدَ الْمَهْرُ بَعْدَ طَلَاقِهَا قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْقَضَاءِ وَنَحْوِهِ لِعَدَمِ مِلْكِهِ قَبْلَهُ (وَنَفَذَ تَصَرُّفُ الْمَرْأَةِ) قَبْلَهُ (فِي الْكُلِّ لِبَقَاءِ مِلْكِهَا) وَعَلَيْهَا نِصْفُ قِيمَةِ الْأَصْلِ يَوْمَ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ زِيَادَةَ الْمَهْرِ الْمُنْفَصِلَةَ تَنْتَصِفُ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا بَعْدَهُ

ــ

[رد المحتار]

قَالَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْقُنْيَةِ: لَوْ تَبَرَّعَ بِالْمَهْرِ عَنْ الزَّوْجِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، أَوْ جَاءَتْ الْفُرْقَةُ مِنْ قِبَلِهَا يَعُودُ نِصْفُ الْمَهْرِ فِي الْأَوَّلِ وَالْكُلُّ فِي الثَّانِي إلَى مِلْكِ الزَّوْجِ، بِخِلَافِ الْمُتَبَرِّعِ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ إذَا ارْتَفَعَ السَّبَبُ يَعُودُ إلَى مِلْكِ الْقَاضِي إنْ كَانَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ (قَوْلُهُ بِمُجَرَّدِ الطَّلَاقِ) أَيْ بِالطَّلَاقِ الْمُجَرَّدِ عَنْ الْقَضَاءِ وَالرِّضَا (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مُسَلَّمًا لَهَا) وَكَذَا إذَا كَانَ دَيْنًا لَمْ تَقْبِضْهُ، فَإِنَّهُ يَسْقُطُ نِصْفُ الْمُسَمَّى بِالطَّلَاقِ، وَيَبْقَى النِّصْفُ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ (قَوْلُهُ بَلْ تَوَقَّفَ عَوْدُهُ) أَيْ عَوْدُ النِّصْفِ إلَى مِلْكِهِ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَإِنْ انْفَسَخَ بِالطَّلَاقِ فَقَدْ بَقِيَ الْقَبْضُ بِالتَّسْلِيطِ الْحَاصِلِ بِالْعَقْدِ، وَأَنَّهُ مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ فَلَا يَزُولُ الْمِلْكُ إلَّا بِالْفَسْخِ مِنْ الْقَاضِي لِأَنَّهُ فَسْخٌ لِسَبَبِ الْمِلْكِ أَوْ بِتَسْلِيمِهَا لِأَنَّهُ نَقْضٌ لِلْقَبْضِ حَقِيقَةً بَدَائِعُ (قَوْلُهُ عَبْدَ الْمَهْرِ) مَفْعُولٌ لِعِتْقِ وَالْمُرَادُ نِصْفُهُ وَكَذَا كُلُّهُ بِالْأَوْلَى إذْ لَا حَقَّ لَهُ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ (قَوْلُهُ بَعْدَ طَلَاقِهَا قَبْلَهُ) الظَّرْفَانِ مُتَعَلِّقَانِ بِعِتْقٍ (قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ) الْمُرَادُ بِهِ الرِّضَا. اهـ. ح (قَوْلُهُ لِعَدَمِ مِلْكِهِ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْقَضَاءِ وَنَحْوِهِ، حَتَّى لَوْ قَضَى الْقَاضِي بَعْدَ الْعِتْقِ بِالنِّصْفِ لَهُ لَا يَنْفُذُ ذَلِكَ الْعِتْقُ لِأَنَّهُ عِتْقٌ سَبَقَ مِلْكَهُ كَالْمَقْبُوضِ بِشِرَاءٍ فَاسِدٍ إذَا أَعْتَقَهُ الْبَائِعُ، ثُمَّ رُدَّ عَلَيْهِ لَا يَنْفُذُ ذَلِكَ الْعِتْقُ الَّذِي كَانَ قَبْلَ الرَّدِّ فَتْحٌ.

(قَوْلُهُ وَنَفَذَ تَصَرُّفُ الْمَرْأَةِ) مِنْ جُمْلَةِ الْمُفَرَّعِ عَلَى قَوْلِهِ بَلْ تَوَقَّفَ إلَخْ ط، وَشَمِلَ التَّصَرُّفُ الْعِتْقَ وَالْبَيْعَ وَالْهِبَةَ وَقَوْلُهُ قَبْلَهُ أَيْ قَبْلَ الْقَضَاءِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهَا نِصْفُ قِيمَةِ الْأَصْلِ إلَخْ) لِأَنَّهُ إذَا نَفَذَ تَصَرُّفُهَا فَقَدْ تَعَذَّرَ عَلَيْهَا رَدُّ النِّصْفِ بَعْدَ وُجُوبِهِ فَتَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهِ لِلزَّوْجِ يَوْمَ قَبَضَتْ بَحْرٌ: أَيْ لِأَنَّهُ بِالْقَبْضِ دَخَلَ فِي ضَمَانِهَا (قَوْلُهُ لِأَنَّ زِيَادَةَ الْمَهْرِ) تَعْلِيلٌ لِمَا اُسْتُفِيدَ مِنْ التَّقْيِيدِ بِالْأَصْلِ، وَهُوَ أَنَّ الْمَهْرَ لَوْ زَادَ بَعْدَ الْقَبْضِ لَا تُضْمَنُ الزِّيَادَةُ، لَكِنْ فِي الْمَسْأَلَةِ تَفْصِيلٌ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الْمَهْرِ إمَّا مُتَّصِلَةٌ مُتَوَلِّدَةٌ مِنْ الْأَصْلِ كَسِمَنِ الْجَارِيَةِ وَجَمَالِهَا وَإِثْمَارِ الشَّجَرِ أَوْ غَيْرُ مُتَوَلِّدَةٍ كَصَبْغِ الثَّوْبِ وَالْبِنَاءِ فِي الدَّارِ أَوْ مُنْفَصِلَةٌ مُتَوَلِّدَةٌ كَالْوَلَدِ وَالثَّمَرِ إذَا جُذَّ أَوْ غَيْرُ مُتَوَلِّدَةٍ كَالْكَسْبِ وَالْغَلَّةِ وَكُلٌّ إمَّا أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَيَتَنَصَّفُ إلَّا الْغَيْرُ الْمُتَوَلِّدَةِ بِقِسْمَيْهَا أَوْ بَعْدَهُ فَلَا يَتَنَصَّفُ، فَالْأَقْسَامُ ثَمَانِيَةٌ كَمَا فِي النَّهْرِ وَغَيْرِهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الزِّيَادَةَ لَا تَنْتَصِفُ بَلْ تُسَلَّمُ لِلزَّوْجَةِ إذَا حَدَثَتْ بَعْدَ الْقَبْضِ مُطْلَقًا أَوْ قَبْلَهُ إنْ كَانَتْ غَيْرَ مُتَوَلِّدَةٍ مُتَّصِلَةً وَمُنْفَصِلَةً فَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ الْمُتَوَلِّدَةَ قَبْلَ الْقَبْضِ تَتَنَصَّفُ دُونَ غَيْرِهَا ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ هَذَا إذَا حَدَثَتْ الزِّيَادَةُ قَبْلَ الطَّلَاقِ، فَلَوْ بَعْدَهُ، فَإِنْ كَانَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ تَنَصَّفَتْ كَالْأَصْلِ وَإِنْ بَعْدَ الْقَبْضِ.

فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْقَضَاءِ لِلزَّوْجِ بِالنِّصْفِ فَكَذَلِكَ، وَإِلَّا فَالْمَهْرُ فِي يَدِهَا كَالْمَقْبُوضِ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ لِأَنَّهُ فَسَدَ مِلْكُهَا النِّصْفَ بِالطَّلَاقِ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ، وَبَقِيَ مَسَائِلُ نُقْصَانِ الْمَهْرِ، وَهِيَ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ صُورَةً مَذْكُورَةٌ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ (قَوْلُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ) ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ تَتَنَصَّفُ، وَالْوَاقِعُ فِي النَّهْرِ وَغَيْرِهِ جَعْلُهُ ظَرْفًا لِلزِّيَادَةِ، فَإِنَّ الْمُؤَدَّى وَاحِدٌ ط

قُلْت: وَيَصِحُّ جَعْلُ الظَّرْفِ مُتَعَلِّقًا بِمَحْذُوفٍ حَالٍ مِنْ زِيَادَةٍ فَتَتَّحِدُ الْعِبَارَتَانِ

[مَطْلَبٌ نِكَاحُ الشِّغَارِ]

ِ (قَوْلُهُ فِي الشِّغَارِ) بِكَسْرِ الشِّينِ مَصْدَرُ شَاغَرَ اهـ ح (قَوْلُهُ هُوَ أَنْ يُزَوِّجَهُ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ: وَهُوَ أَنْ يُشَاغِرَ الرَّجُلَ: أَيْ يُزَوِّجَهُ حَرِيمَتَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ الْآخَرُ حَرِيمَتَهُ وَلَا مَهْرَ إلَّا هَذَا، كَذَا فِي الْمُغْرِبِ: أَيْ عَلَى أَنْ يَكُونَ بُضْعَ كُلٍّ صَدَاقًا عَنْ الْآخَرِ، وَهَذَا الْمُقَيَّدُ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي مُسَمَّى الشِّغَارِ، حَتَّى لَوْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ وَلَا مَعْنَاهُ بَلْ قَالَ زَوَّجْتُك بِنْتِي عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي بِنْتَك فَقَبِلَ أَوْ عَلَى أَنْ يَكُونَ بُضْعُ بِنْتِي صَدَاقًا لِبِنْتِك فَلَمْ يَقْبَلْ الْآخَرُ بَلْ زَوَّجَهُ بِنْتَه وَلَمْ يَجْعَلْهَا صَدَاقًا لَمْ يَكُنْ شِغَارًا بَلْ نِكَاحًا صَحِيحًا اتِّفَاقًا وَإِنْ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ فِي الْكُلِّ، لِمَا أَنَّهُ سَمَّى مَا لَا يَصْلُحُ صَدَاقًا، وَأَصْلُ الشُّغُورِ: الْخُلُوُّ، يُقَالُ بَلْدَةٌ شَاغِرَةٌ إذَا خَلَتْ عَنْ السُّكَّانِ، وَالْمُرَادُ هُنَا الْخُلُوُّ عَنْ الْمَهْرِ لِأَنَّهُمَا بِهَذَا الشَّرْطِ كَأَنَّهُمَا أَخْلَيَا الْبُضْعَ عَنْهُ نَهْرٌ (قَوْلُهُ مُعَاوَضَةً بِالْعَقْدَيْنِ) الْمُرَادُ بِالْعَقْدِ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ وَهُوَ الْبُضْعُ كَمَا فِي الْحَوَاشِي السَّعْدِيَّةِ: أَيْ عَلَى أَنْ يَكُونَ كُلُّ بُضْعٍ عِوَضَ الْآخَرِ مَعَ الْقَبُولِ مِنْ الْعَاقِدِ الْآخَرِ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ لَفْظُ الْمُفَاعَلَةِ، فَاحْتَرَزَ عَمَّا إذَا لَمْ يُصَرِّحْ بِكَوْنِ كُلِّ بُضْعٍ عِوَضَ الْبُضْعِ لِلْآخَرِ أَوْ صَرَّحَ بِهِ أَحَدُهُمَا وَقَالَ الْآخَرُ زَوَّجْتُك بِنْتِي كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ لِخُلُوِّهِ عَنْ الْمَهْرِ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا أَوْرَدَهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْكُتُبِ السِّتَّةِ مَرْفُوعًا مِنْ النَّهْيِ عَنْ نِكَاحِ الشِّغَارِ وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي فَسَادَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، وَالْجَوَابُ أَنَّ مُتَعَلِّقَ النَّهْيِ مُسَمَّى الشِّغَارِ الْمَأْخُوذِ فِي مَفْهُومِهِ خُلُوُّهُ عَنْ الْمَهْرِ وَكَوْنُ الْبُضْعِ صَدَاقًا، وَنَحْنُ قَائِلُونَ بِنَفْيِ هَذِهِ الْمَاهِيَّةِ وَمَا يَصْدُقُ عَلَيْهَا شَرْعًا، فَلَا نُثْبِتُ النِّكَاحَ كَذَلِكَ بَلْ نُبْطِلُهُ، فَيَبْقَى نِكَاحًا مُسَمًّى فِيهِ مَا لَا يَصْلُحُ مَهْرًا فَيَنْعَقِدُ مُوجِبًا لِمَهْرِ الْمِثْلِ كَالْمُسَمَّى فِيهِ خَمْرٌ أَوْ خِنْزِيرٌ فَمَا هُوَ مُتَعَلِّقُ النَّهْيِ لَمْ نُثْبِتْهُ، وَمَا أَثْبَتْنَاهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ بَلْ اقْتَضَتْ الْعُمُومَاتُ صِحَّتَهُ، وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ زَادَ الزَّيْلَعِيُّ: أَوْ هُوَ أَيْ النَّهْيُ مَحْمُولٌ عَلَى الْكَرَاهَةِ اهـ أَيْ وَالْكَرَاهَةُ لَا تُوجِبُ الْفَسَادَ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ مَعَ إيجَابِ مَهْرِ الْمِثْلِ لَمْ يَبْقَ شِغَارًا حَقِيقَةً، وَإِنْ سَلَّمَ فَالنَّهْيُ عَلَى مَعْنَى الْكَرَاهَةِ، فَيَكُونُ الشَّرْعُ أَوْجَبَ فِيهِ أَمْرَيْنِ الْكَرَاهَةَ وَمَهْرَ الْمِثْلِ، فَالْأَوَّلُ مَأْخُوذٌ مِنْ النَّهْيِ، وَالثَّانِي مِنْ الْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ مَا سُمِّيَ فِيهِ مَا لَا يَصْلُحُ مَهْرًا يَنْعَقِدُ مُوجِبًا لِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَهَذَا الثَّانِي دَلِيلٌ عَلَى حَمْلِ النَّهْيِ عَلَى الْكَرَاهَةِ دُونَ الْفَسَادِ، وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ انْدَفَعَ مَا أَوْرَدَ مِنْ أَنَّ حَمْلَهُ عَلَى الْكَرَاهَةِ يَقْتَضِي أَنَّ الشِّغَارَ الْآنَ غَيْرُ مَنْهِيٍّ عَنْهُ لِإِيجَابِنَا فِيهِ مَهْرَ الْمِثْلِ.

وَوَجْهُ الدَّفْعِ أَنَّهُ إذَا حُمِلَ النَّهْيُ عَلَى مَعْنَى الْفَسَادِ فَكَوْنُهُ غَيْرَ مَنْهِيٍّ الْآنَ. أَيْ بَعْدَ إيجَابِ مَهْرِ الْمِثْلِ مُسَلَّمٌ وَإِنْ حُمِلَ عَلَى مَعْنَى الْكَرَاهَةِ فَالنَّهْيُ بَاقٍ فَافْهَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>