للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَمَنْ) (هَاجَرَتْ إلَيْنَا) مُسْلِمَةً أَوْ ذِمِّيَّةً (حَائِلًا) (بَانَتْ بِلَا عِدَّةٍ) فَيَحْصُلُ تَزَوُّجُهَا، أَمَّا الْحَامِلُ فَحَتَّى تَضَعَ عَلَى الْأَظْهَرِ لَا لِلْعِدَّةِ بَلْ لِشَغْلِ الرَّحِمِ بِحَقِّ الْغَيْرِ

(وَارْتِدَادُ أَحَدِهِمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ (فَسْخٌ) فَلَا يُنْقِصُ عَدَدًا (عَاجِلٌ)

ــ

[رد المحتار]

قَالَ فِي الْفَتْحِ بَعْدَ نَقْلِهِ: يُرِيدُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى إذَا أَخْرَجَهَا الرَّجُلُ قَهْرًا حَتَّى مَلَكَهَا لِتَحَقُّقِ التَّبَايُنِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا حِينَئِذٍ حَقِيقَةً وَحُكْمًا. إمَّا حَقِيقَةً فَظَاهِرٌ، وَإِمَّا حُكْمًا فَلِأَنَّهَا فِي دَارِ الْحَرْبِ حُكْمًا وَزَوْجُهَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ قَالَ فِي الْحَوَاشِي السَّعْدِيَّةِ: وَفِي قَوْلِهِ وَأَمَّا حُكْمًا إلَخْ بَحْثٌ. اهـ. وَلَعَلَّ وَجْهَهُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ مَعْنَى الْحُكْمِ أَنْ لَا يَكُونَ فِي الدَّارِ الَّتِي دَخَلَهَا عَلَى سَبِيلِ الرُّجُوعِ بَلْ عَلَى سَبِيلِ الْقَرَارِ، وَهِيَ هُنَا كَذَلِكَ إذْ لَا تُمَكَّنُ مِنْ الرُّجُوعِ، ثُمَّ رَاجَعْت الْمُحِيطَ الرَّضَوِيَّ فَإِذَا الَّذِي فِيهِ مُسْلِمٌ تَزَوَّجَ حَرْبِيَّةً كِتَابِيَّةً فِي دَارِ الْحَرْبِ فَخَرَجَ عَنْهَا الزَّوْجُ وَحْدَهُ بَانَتْ، وَلَوْ خَرَجَتْ الْمَرْأَةُ قَبْلَ الزَّوْجِ لَمْ تَبِنْ، وَعَلَّلَهُ بِمَا مَرَّ وَهَذَا لَا غُبَارَ عَلَيْهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا وَقَعَ فِي نُسْخَةِ صَاحِبِ الْفَتْحِ تَحْرِيفٌ وَالصَّوَابُ مَا أَسْمَعْتُك. اهـ. ح.

قُلْت: وَمَا نَقَلَهُ فِي النَّهْرِ عَنْ الْمُحِيطِ ذَكَرَ مِثْلَهُ فِي كَافِي الْحَاكِمِ الشَّهِيدِ فَالصَّوَابُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى الَّتِي نَقَلَهَا فِي الْفَتْحِ عَنْ الْمُحِيطِ أَنَّهَا لَا تَبِينُ لِاخْتِلَافِ الدَّارِ حَقِيقَةً لَا حُكْمًا

(قَوْلُهُ وَمَنْ هَاجَرَتْ إلَيْنَا إلَخْ) الْمُهَاجِرَةُ التَّارِكَةُ دَارَ الْحَرْبِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ عَلَى عَزْمِ عَدَمِ الْعَوْدِ، وَذَلِكَ بِأَنْ تَخْرُجَ مُسْلِمَةً أَوْ ذِمِّيَّةً أَوْ صَارَتْ كَذَلِكَ بَحْرٌ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ دَاخِلَةٌ فِيمَا قَبْلَهَا، لَكِنْ مَا مَرَّ فِيمَا إذَا خَرَجَ أَحَدُهُمَا مُهَاجِرًا وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا، وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذِهِ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْمُهَاجِرَةُ الْمَرْأَةَ وَوَقَعَتْ الْفُرْقَةُ فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ سَوَاءٌ كَانَتْ حَامِلًا أَوْ حَائِلًا فَتُزَوَّجُ لِلْحَالِ، إلَّا الْحَامِلَ فَتَتَرَبَّصُ لَا عَلَى وَجْهِ الْعِدَّةِ بَلْ لِيَرْتَفِعَ الْمَانِعُ بِالْوَضْعِ.

وَعِنْدَهُمَا عَلَيْهَا الْعِدَّةُ فَتْحٌ وَبِهِ يَظْهَرُ أَنَّ تَقْيِيدَ الْمُصَنِّفِ بِالْحَائِلِ أَيْ غَيْرِ الْحُبْلَى لَا وَجْهَ لَهُ، بِخِلَافِ قَوْلِ الْكَنْزِ وَتُنْكَحُ الْمُهَاجِرَةُ الْحَائِلُ بِلَا عِدَّةٍ فَإِنَّهَا لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْحَامِلِ كَمَا عَلِمْت لَكِنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ الْحَامِلَ لَهَا عِدَّةٌ كَمَا تَوَهَّمَهُ ابْنُ مَالِكٍ وَغَيْرُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَظْهَرِ) مُقَابِلُهُ رِوَايَةُ الْحَسَنِ أَنَّهُ يَصِحُّ نِكَاحُهَا قَبْلَ الْوَضْعِ، لَكِنْ لَا يَقْرَبُهَا زَوْجُهَا حَتَّى تَضَعَ كَالْحُبْلَى مِنْ الزِّنَا وَرَجَّحَهَا الْأَقْطَعُ، لَكِنْ الْأَوْلَى ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ نَهْرٌ، وَصَحَّحَهَا الشَّارِحُونَ وَعَلَيْهَا الْأَكْثَرُ بَحْرٌ (قَوْلُهُ لَا لِلْعِدَّةِ) نَفْيٌ لِقَوْلِهِمَا وَلِمَا تَوَهَّمَهُ ابْنُ مَالِكٍ وَغَيْرُهُ.

(قَوْلُهُ بَلْ لِشَغْلِ الرَّحِمِ بِحَقِّ الْغَيْرِ) أَفَادَ بِهِ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْحَامِلِ مِنْ الزِّنَا فَإِنَّ هَذِهِ حَمْلُهَا ثَابِتُ النَّسَبِ فَيُؤَثِّرُ فِي مَنْعِ الْعَقْدِ احْتِيَاطًا لِئَلَّا يَقَعَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْفِرَاشَيْنِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ بِمَنْزِلَةِ الْجَمْعِ وَطْئًا كَمَا فِي الْفَتْحِ، بِخِلَافِ الْحَامِلِ مِنْ الزِّنَا فَإِنَّ مَاءَ الزِّنَا لَا حُرْمَةَ لَهُ وَلَيْسَ فِيهِ حَقُّ الْغَيْرِ فَلِذَا صَحَّ نِكَاحُهَا فَافْهَمْ

(قَوْلُهُ فَسْخٌ) أَيْ عِنْدَ الْإِمَامِ بِخِلَافِ الْإِبَاءِ عَنْ الْإِسْلَامِ. وَسَوَّى مُحَمَّدٌ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا طَلَاقٌ وَأَبُو يُوسُفَ بِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فَسْخٌ، وَفَرَّقَ الْإِمَامُ بِأَنَّ الرِّدَّةَ مُنَافِيَةٌ لِلنِّكَاحِ لِمُنَافَاتِهَا الْعِصْمَةَ، وَالطَّلَاقُ يَسْتَدْعِي قِيَامَ النِّكَاحِ فَتَعَذَّرَ جَعْلُهَا طَلَاقًا، وَتَمَامُهُ فِي النَّهْرِ.

قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَيَقَعُ طَلَاقُ زَوْجِ الْمُرْتَدَّةِ عَلَيْهَا مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ بِالرِّدَّةِ غَيْرُ مُتَأَبَّدَةٍ فَإِنَّهَا تَرْتَفِعُ بِالْإِسْلَامِ فَيَقَعُ طَلَاقُهُ عَلَيْهَا فِي الْعِدَّةِ مُسْتَتْبِعًا فَائِدَتَهُ مِنْ حُرْمَتِهَا عَلَيْهِ بَعْدَ الثَّلَاثِ حُرْمَةً مُغَيَّاةً بِوَطْءِ زَوْجٍ آخَرَ، بِخِلَافِ حُرْمَةِ الْمَحْرَمِيَّةِ فَإِنَّهَا مُتَأَبَّدَةٌ لَا غَايَةَ لَهَا فَلَا يُفِيدُ لُحُوقُ الطَّلَاقِ فَائِدَةً اهـ. قُلْت: وَهَذَا إذَا لَمْ تَلْحَقْ بِدَارِ الْحَرْبِ. فَفِي الْخَانِيَّةِ قُبَيْلَ الْكِنَايَاتِ: الْمُرْتَدُّ إذَا لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَطَلَّقَ امْرَأَتَهُ لَا يَقَعُ وَإِنْ عَادَ مُسْلِمًا وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ فَطَلَّقَهَا يَقَعُ وَالْمُرْتَدَّةُ إذَا لَحِقَتْ فَطَلَّقَهَا زَوْجُهَا ثُمَّ عَادَتْ مُسْلِمَةً قَبْلَ الْحَيْضِ، فَعِنْدَهُمَا يَقَعُ.

(قَوْلُهُ فَلَا يُنْقِصُ عَدَدًا) فَلَوْ ارْتَدَّ مِرَارًا وَجَدَّدَ الْإِسْلَامَ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَجَدَّدَ النِّكَاحَ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ تَحِلُّ امْرَأَتُهُ مِنْ غَيْرِ إصَابَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>