للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَنْتِ طَلَاقٌ وَالطَّلَاقُ عَزِيمَةٌ ... ثَلَاثٌ وَمَنْ يَخْرِقْ أَعَقَّ وَأَظْلَمَ

كَمْ يَقَعُ؟ فَقَالَ: إنْ رَفَعَ ثَلَاثًا فَوَاحِدَةٌ، وَإِنْ نَصَبَهَا فَثَلَاثٌ، وَتَمَامُهُ فِي الْمُغْنِي وَفِيمَا عَلَّقْنَاهُ عَلَى الْمُلْتَقَى

(وَبِ) قَوْلِهِ (أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا أَوْ فِي غَدٍ يَقَعُ عِنْدَ) طُلُوعِ (الصُّبْحِ، وَصَحَّ فِي الثَّانِي نِيَّةُ الْعَصْرِ) أَيْ آخِرَ النَّهَارِ (قَضَاءً وَصُدِّقَ

ــ

[رد المحتار]

فَبِينِي بِهَا إنْ كُنْتِ غَيْرَ رَفِيقَةٍ ... وَمَا لِامْرِئٍ بَعْدَ الثَّلَاثِ مُقَدَّمٌ

قَالَ فِي النَّهْرِ: وَفِي شَرْحِ الشَّوَاهِدِ لِلْجَلَالِ: الرِّفْقُ ضِدُّ الْعُنْفِ، يُقَالُ رَفَقَ بِفَتْحِ الْفَاءِ يَرْفُقُ بِضَمِّهَا. وَالْخُرْقُ: بِالضَّمِّ وَسُكُونِ الرَّاءِ الِاسْمُ؛ مِنْ خَرِقَ بِالْكِسَرِ يَخْرَقُ بِالْفَتْحِ خَرَقًا بِفَتْحِ الْخَاءِ وَالرَّاءِ: وَهُوَ ضِدُّ الرِّفْقِ وَفِي الْقَامُوسِ أَنَّ مَاضِيَهُ بِالْكَسْرِ كَفَرِحَ وَبِالضَّمِّ كَكَرُمَ وَأَيْمَنَ مِنْ الْيَمِينِ: وَهُوَ الْبَرَكَةُ، وَأَشْأَمَ مِنْ الشُّؤْمِ: وَهُوَ ضِدُّ الْيَمِينِ. وَذَكَرَ ابْنُ يَعِيشَ أَنَّ فِي الْبَيْتِ الثَّانِي حَذْفَ الْفَاءِ وَالْمُبْتَدَأِ، أَيْ فَهُوَ أَعَقُّ وَإِنْ تَعْلِيلَةٌ وَاللَّامُ مُقَدَّرَةٌ: أَيْ لِأَجْلِ كَوْنَك غَيْرَ رَقِيقَةٍ، وَالْمُقَدَّمُ مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ مِنْ قَدَّمَ بِمَعْنَى تَقَدَّمَ: أَيْ لَيْسَ لِأَحَدٍ تَقَدُّمٌ إلَى الْعِشْرَةِ وَالْأُلْفَةِ بَعْدَ تَمَامِ الثَّلَاثِ، إذْ بِهَا تَمَامُ الْفُرْقَةِ. اهـ. مَطْلَبٌ فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ فَأَنْتِ طَلَاقٌ وَالطَّلَاقُ عَزِيمَةٌ (قَوْلُهُ فَأَنْتِ طَلَاقٌ) يُقَالُ فِيهِ مَا قِيلَ فِي: زَيْدٌ عَدْلٌ ط (قَوْلُهُ وَالطَّلَاقُ عَزِيمَةٌ) أَيْ مَعْزُومٌ عَلَيْهِ لَيْسَ بِلَغْوٍ وَلَا لَعِبٍ نَهْرٌ (قَوْلُهُ وَتَمَامُهُ فِي الْمُغْنِي) حَيْثُ قَالَ: أَقُولُ: وَإِنَّ الصَّوَابَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الرَّفْعِ وَالنَّصْبِ مُحْتَمِلٌ لِوُقُوعِ الثَّلَاثِ وَالْوَاحِدَةِ، أَمَّا الرَّفْعُ فَلِأَنَّ الـ فِي وَالطَّلَاقُ إمَّا لِمَجَازِ الْجِنْسِ كَ: زَيْدٌ الرَّجُلُ: أَيْ هُوَ الرَّجُلُ الْمُعْتَدُّ بِهِ، وَإِمَّا لِلْعَهْدِ الذِّكْرِيِّ أَيْ وَهَذَا الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ عَزِيمَةٌ ثَلَاثٌ، فَعَلَى الْعَهْدِيَّةِ تَقَعُ الثَّلَاثُ، وَعَلَى الْجِنْسِيَّةِ تَقَعُ وَاحِدَةٌ. وَأَمَّا النَّصْبُ فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْمَفْعُولِ الْمُطْلَقِ فَيَقْتَضِي وُقُوعَ الثَّلَاثِ، إذْ الْمَعْنَى فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلَاقًا ثَلَاثًا ثُمَّ اعْتَرَضَ بَيْنَهُمَا بِقَوْلِهِ: وَالطَّلَاقُ عَزِيمَةٌ وَأَنْ يَكُونَ حَالًا مِنْ الْمُسْتَتِرِ فِي عَزِيمَةٌ وَحِينَئِذٍ لَا يَلْزَمُ وُقُوعُ الثَّلَاثِ لِأَنَّ الْمَعْنَى وَالطَّلَاقُ عَزِيمَةٌ إذَا كَانَ ثَلَاثًا بَلْ يَقَعُ مَا نَوَاهُ، هَذَا مَا يَقْتَضِيهِ اللَّفْظُ. وَاَلَّذِي أَرَادَهُ الشَّاعِرُ الثَّلَاثَ لِقَوْلِهِ فَبِينِي بِهَا إلَخْ. اهـ. وَذَكَرَ فِي الْفَتْحِ أَنَّ الظَّاهِرَ فِي النَّصْبِ الْمَفْعُولُ الْمُطْلَقُ، وَفِي الرَّفْعِ الْعَهْدُ الذِّكْرِيُّ فَيَقَعُ الثَّلَاثُ، وَلِذَا ظَهَرَ مِنْ الشَّاعِرِ أَنَّهُ أَرَادَهُ.

[مَطْلَبٌ فِي إضَافَةِ الطَّلَاقِ إلَى الزَّمَانِ]

ِ (قَوْلُهُ وَبِقَوْلِهِ أَنْتِ إلَخْ) هَذَا عَقْدٌ لَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا فَصْلًا فِي إضَافَةِ الطَّلَاقِ إلَى الزَّمَانِ (قَوْلُهُ يَقَعُ عِنْدَ طُلُوعِ الصُّبْحِ) أَيْ الْفَجْرِ الصَّادِقِ لَا الْكَاذِبِ، وَلِكَوْنِهِ أَخَصَّ مِنْ الْفَجْرِ عَبَّرَ بِهِ. وَوَجْهُ الْوُقُوعِ عِنْدَ طُلُوعِهِ أَنَّهُ وَصَفَهَا بِالطَّلَاقِ فِي جَمِيعِ الْغَدِ فَيَتَعَيَّنُ الْجُزْءُ الْأَوَّلُ لِعَدَمِ الْمُزَاحِمِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَصَحَّ فِي الثَّانِي نِيَّةُ الْعَصْرِ) لِأَنَّهُ وَصَفَهَا بِهِ فِي جُزْءٍ مِنْهُ بَحْرٌ (قَوْلُهُ أَيْ آخِرَ النَّهَارِ) تَفْسِيرٌ مُرَادٌ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ وَقْتَ الضَّحْوَةِ أَوْ الزَّوَالِ صُدِّقَ كَذَلِكَ ط (قَوْلُهُ قَضَاءً) وَقَالَا: لَا تَصِحُّ كَالْأَوَّلِ، وَلَا خِلَافَ فِي صِحَّتِهَا فِيهِمَا دِيَانَةً. وَالْفَرْقُ لَهُ عُمُومُ مُتَعَلِّقِهَا بِدُخُولِهَا مُقَدَّرَةً لَا مَلْفُوظًا بِهَا لِلْفَرْقِ لُغَةً بَيْنَ صُمْت سَنَةً وَفِي سَنَةٍ. وَشَرْعًا بَيْنَ لَأَصُومَنَّ عُمُرِي حَيْثُ لَا يَبَرُّ إلَّا بِصَوْمِ كُلِّهِ وَفِي عُمُرِي حَيْثُ يَبَرُّ بِسَاعَةٍ، وَبَيْنَ قَوْلِهِ إنْ صُمْت شَهْرًا فَعَبْدُهُ حُرٌّ حَيْثُ يَقَعُ عَلَى صَوْمِ جَمِيعِهِ، بِخِلَافِ إنْ صُمْت فِي هَذَا الشَّهْرِ حَيْثُ يَقَعُ عَلَى صَوْمِ سَاعَةٍ مِنْهُ كَمَا فِي الْمُحِيطِ، فَنِيَّةُ جُزْءٍ مِنْ الزَّمَانِ مَعَ ذِكْرِهَا نِيَّةُ الْحَقِيقَةِ وَمَعَ حَذْفِهَا نِيَّةُ تَخْصِيصِ الْعَامِّ فَلَا يُصَدَّقُ قَضَاءً، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَا يَتَجَزَّأُ الزَّمَانُ فِي حَقِّهِ فَإِنَّهُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْحَذْفِ وَالْإِثْبَاتِ كَصَمْتِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ فِي يَوْمِهَا، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>