للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اعْلَمْ أَنَّ طَرِيقَ ثُبُوتِ الْأَحْكَامِ أَرْبَعَةٌ: الِانْقِلَابُ، وَالِاقْتِصَارُ، وَالِاسْتِنَادُ، وَالتَّبْيِينُ فَالِانْقِلَابُ: صَيْرُورَةُ مَا لَيْسَ بِعِلَّةٍ عِلَّةً كَالتَّعْلِيقِ. وَالِاقْتِصَارُ: ثُبُوتُ الْحُكْمِ فِي الْحَالِ. وَالِاسْتِنَادُ: ثُبُوتٌ فِي الْحَالِ مُسْتَنِدًا إلَى مَا قَبْلَهُ بِشَرْطِ بَقَاءِ الْمَحَلِّ كُلَّ الْمُدَّةِ، كَلُزُومِ الزَّكَاةِ حِينَ الْحَوْلِ مُسْتَنِدًا لِوُجُودِ النِّصَابِ. وَالتَّبْيِينُ: أَنْ يَظْهَرَ فِي الْحَالِ تَقَدُّمُ الْحُكْمِ كَقَوْلِهِ إنْ كَانَ زَيْدٌ فِي الدَّارِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَتَبَيَّنَ فِي الْغَدِ وُجُودُهُ فِيهَا تَطْلُقُ مِنْ حِينِ الْقَوْلِ فَتَعْتَدُّ مِنْهُ (أَنْتِ طَالِقٌ مَا لَمْ أُطَلِّقْك أَوْ مَتَى لَمْ أُطَلِّقْك أَوْ مَتَى مَا لَمْ أُطَلِّقْك وَسَكَتَ طَلُقَتْ) لِلْحَالِ بِسُكُوتِهِ (وَفِي إنْ لَمْ أُطَلِّقْك

ــ

[رد المحتار]

[مَطْلَبٌ الِانْقِلَابُ وَالِاقْتِصَارُ وَالِاسْتِنَادُ وَالتَّبْيِينُ]

ُ (قَوْلُهُ أَنَّ طَرِيقَ ثُبُوتِ الْحُكْمِ أَرْبَعَةٌ) الْمُرَادُ جِنْسُ الطَّرِيقِ فَصَحَّ الْإِخْبَارُ بِقَوْلِهِ أَرْبَعَةٌ ط (قَوْلُهُ وَالتَّبْيِينُ) كَذَا عِبَارَتُهُمْ فَهُوَ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى التَّبَيُّنِ أَيْ الظُّهُورِ (قَوْلُهُ كَالتَّعْلِيقِ) كَمَا فِي أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ، فَإِنَّ أَنْتِ طَالِقٌ عِلَّةٌ لِثُبُوتِ حُكْمِهِ وَهُوَ الطَّلَاقُ، مِثْلُ بِعْت عِلَّةٌ لِثُبُوتِ الْمِلْكِ وَأَعْتَقْت عِلَّةٌ لِثُبُوتِ الْحُرِّيَّةِ لَكِنَّهُ بِالتَّعْلِيقِ لَمْ يَنْعَقِدْ عِلَّةً إلَّا عِنْدَ وُجُودِ شَرْطِهِ وَهُوَ دُخُولُ الدَّارِ. وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَنْعَقِدُ عِلَّةً فِي الْحَالِ، وَالتَّعْلِيقُ يُؤَخِّرُ نُزُولَ حُكْمِهِ إلَى وُجُودِ الشَّرْطِ، وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ فِي قَوْلِهِ إنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهُ يَصِحُّ عِنْدَنَا لِانْعِقَادِ عِلَّتِهِ فِي وَقْتِ الْمِلْكِ لَا عِنْدَهُ لِعَدَمِهِ كَمَا بُسِطَ فِي الْأُصُولِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ ثُبُوتُ الْحُكْمِ فِي الْحَالِ) كَإِنْشَاءِ الْبَيْعِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَغَيْرِهَا ح عَنْ الْمِنَحِ (قَوْلُهُ وَالِاسْتِنَادُ إلَخْ) قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ: وَهُوَ دَائِرٌ بَيْنَ التَّبْيِينِ وَالِاقْتِصَارِ، وَذَلِكَ كَالْمَضْمُونَاتِ تُمْلَكُ عِنْدَ أَدَاءِ الضَّمَانِ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ وُجُودِ السَّبَبِ، وَكَالنِّصَابِ فَإِنَّهُ تَجِبُ الزَّكَاةُ عِنْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ وُجُودِهِ وَكَطَهَارَةِ الْمُسْتَحَاضَةِ وَالْمُتَيَمِّمِ تُنْتَقَضُ عِنْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ وَرُؤْيَةِ الْمَاءِ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ الْحَدَثِ وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ لَهُمَا. (قَوْلُهُ بِشَرْطِ بَقَاءِ الْمَحَلِّ إلَخْ) هَذَا الشَّرْطُ هُوَ الْفَارِقُ بَيْنَ الِاسْتِنَادِ وَالتَّبْيِينِ كَمَا أَوْضَحَهُ عَنْ الْمِنَحِ. وَمِنْ فُرُوعِ الْمَسْأَلَةِ مَا قَالُوهُ: لَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ: أَنْتِ حُرَّةٌ قَبْلَ مَوْتِ فُلَانٍ بِشَهْرِ ثُمَّ وَلَدَتْ وَلَدًا ثُمَّ بَاعَهُمَا أَوْ لَمْ يَبِعْهُمَا أَوْ بَاعَ الْأُمَّ فَقَطْ أَوْ بِالْعَكْسِ عَتَقَ الْوَلَدُ عِنْدَهُ لَا عِنْدَهُمَا، وَعَتَقَتْ الْأُمُّ بِالْإِجْمَاعِ لَوْ لَمْ يَبِعْهَا، وَهَذَا لِأَنَّ عِنْدَهُ لَمَّا اسْتَنَدَ الْعِتْقُ سَرَى إلَى الْوَلَدِ، وَعِنْدَهُمَا لَا يَسْرِي لِعَدَمِ الِاسْتِنَادِ، وَلَوْ بَاعَهَا فِي وَسَطِ الشَّهْرِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا ثُمَّ مَاتَ فُلَانٌ لِتَمَامِ الشَّهْرِ؛ فَعِنْدَهُ لَا تَعْتِقُ لِعَدَمِ إمْكَانِ الِاسْتِنَادِ إلَى أَوَّلِ الشَّهْرِ لِزَوَالِ الْمِلْكِ فِي أَثْنَائِهِ وَعِنْدَهُمَا تَعْتِقُ لِأَنَّهُ مُقْتَصِرٌ وَتَمَامُ الْفُرُوعِ فِي حَوَاشِي الْأَشْبَاهِ (قَوْلُهُ حِينَ الْحَوْلِ) أَيْ حِينَ تَمَامِهِ (قَوْلُهُ مُسْتَنِدًا لِوُجُودِ النِّصَابِ) أَيْ فِي أَوَّلِ الْحَوْلِ بِشَرْطِ وُجُودِ النِّصَابِ كُلَّ الْمُدَّةِ. قَالَ ط: الْمُرَادُ أَنْ لَا يُعْدَمَ كُلُّهُ فِي الْأَثْنَاءِ لِأَنَّهُ إذَا عُدِمَ جَمِيعُهُ ثُمَّ مَلَكَ نِصَابًا آخَرَ وَلَوْ بَعْدَ الْأَوَّلِ بِسَاعَةٍ اُعْتُبِرَ حَوْلٌ مُسْتَأْنَفٌ. (قَوْلُهُ تَطْلُقُ مِنْ حِينِ الْقَوْلِ) أَيْ بِلَا اشْتِرَاطِ بَقَاءِ الْمَحَلِّ، حَتَّى لَوْ حَاضَتْ بَعْدَ الْقَوْلِ ثَلَاثًا ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ فِي الدَّارِ لَا تَقَعُ الثَّلَاثُ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ وُقُوعُ الْأَوَّلِ، وَأَنَّ إيقَاعَ الثَّانِي كَانَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ كَمَا فِي الْمِنَحِ عَنْ الْأَكْمَلِ (قَوْلُهُ فَتَعْتَدُّ مِنْهُ) أَيْ مِنْ حِينِ الْقَوْلِ (قَوْلُهُ وَسَكَتَ) مُحْتَرَزُهُ قَوْلُهُ الْآتِي وَفِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ مَا لَمْ أُطَلِّقْك أَنْتِ طَالِقٌ (قَوْلُهُ طَلُقَتْ لِلْحَالِ) وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ زَمَانَ لَمْ أُطَلِّقْك أَوْ حَيْثُ لَمْ أُطَلِّقْك أَوْ يَوْمَ لَمْ أُطَلِّقْك لِأَنَّهُ أَضَافَ الطَّلَاقَ إلَى زَمَانٍ أَوْ مَكَان خَالٍ عَنْ طَلَاقِهَا، وَبِمُجَرَّدِ سُكُوتِهِ وُجِدَ الْمُضَافُ إلَيْهِ فَيَقَعُ " وَمَا " وَإِنْ كَانَتْ مَصْدَرِيَّةً إلَّا أَنَّهَا تَأْتِي نَائِبَةً عَنْ ظَرْفِ الزَّمَانِ، وَمِنْهُ {مَا دُمْتُ حَيًّا} [مريم: ٣١] وَهِيَ وَإِنْ اُسْتُعْمِلَتْ لِلشَّرْطِ إلَّا أَنَّ الْوَضْعَ لِلْوَقْتِ لِأَنَّ التَّطْلِيقَ اسْتَدْعَى الْوَقْتَ لَا مَحَالَةَ فَرُجِّحَتْ جِهَةُ الْوَقْتِ، وَتَمَامُهُ فِي النَّهْرِ. وَفِيهِ: ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ لَا يَظْهَرُ لَهُ أَثَرٌ فِي أَنْتِ طَالِقٌ مَا لَمْ أُطَلِّقْك وَنَحْوِهِ. وَمِنْ ثُمَّ قَيَّدَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مَوْضُوعَ الْمَسْأَلَةِ بِقَوْلِهِ ثَلَاثًا وَهُوَ الْأَوْلَى، نَعَمْ لَوْ قَالَ كُلَّمَا لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْتِ طَالِقٌ وَقَعَ الثَّلَاثُ مُتَتَابِعَاتٍ وَلِذَا لَوْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ لَا غَيْرَ اهـ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ أُطَلِّقْك) ذِكْرُهُمْ إنْ وَإِذَا هُنَا بِالتَّبَعِيَّةِ وَإِلَّا فَالْمُنَاسِبُ لَهُمَا بَابُ التَّعْلِيقِ ط

<<  <  ج: ص:  >  >>