للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَرْكِهِ لِأَنَّهُ حَقُّ الْوَلَدِ، وَيُنْظَرُ إلَى مِثْلِ إمْسَاكِهِ لِتِلْكَ الْمُدَّةِ فَيَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهَا.

(خَلَعَ الْأَبُ صَغِيرَتَهُ بِمَالِهَا، أَوْ مَهْرِهَا طَلُقَتْ) فِي الْأَصَحِّ، كَمَا لَوْ قَبِلَتْ هِيَ وَهِيَ مُمَيِّزَةٌ وَلَمْ يَلْزَمْ الْمَالُ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ وَكَذَا الْكَبِيرَةُ إلَّا إذَا قَبِلَتْ فَيَلْزَمُهَا الْمَالُ، وَلَا يَصِحُّ مِنْ الْأُمِّ مَا لَمْ تُلْزَمْ الْبَدَلَ وَلَا عَلَى صَغِيرٍ أَصْلًا (كَمَا لَوْ خَالَعَتْ) الْمَرْأَةُ (بِذَلِكَ) أَيْ بِمَالِهَا، أَوْ بِمَهْرِهَا

ــ

[رد المحتار]

لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَةِ آدَابِ الرِّجَالِ وَالتَّخَلُّقِ بِأَخْلَاقِهِمْ، فَإِذَا طَالَ مُكْثُهُ مَعَ الْأُمِّ يَتَخَلَّقُ بِأَخْلَاقِ النِّسَاءِ، وَفِي ذَلِكَ مِنْ الْفَسَادِ مَا لَا يَخْفَى، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ. قَالَ الْمَقْدِسِيَّ: وَفِي قَوْلِهِ صَحَّ فِي الْأُنْثَى بَحْثٌ لِأَنَّ الْمُفْتَى بِهِ الْآنَ أَنَّ الْأُنْثَى لَا تَبْقَى عِنْدَ الْأُمِّ إلَى الْبُلُوغِ فَتَأَمَّلْ اهـ.

قُلْت: الْعِلَّةُ تَضْيِيعُ حَقِّ الْوَلَدِ، وَلَا تَضْيِيعَ فِي إبْقَاءِ الْأُنْثَى إلَى الْبُلُوغِ عِنْدَ أُمِّهَا، نَعَمْ يَرِدُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ مُدَّةَ الْبُلُوغِ مَجْهُولَةٌ وَلَعَلَّ الْجَهَالَةَ تُغْتَفَرُ لِأَنَّ الْغَالِبَ الْبُلُوغُ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ حَقُّ الْوَلَدِ) لِأَنَّ إبْقَاءَهُ عِنْدَ زَوْجِهَا الْأَجْنَبِيِّ مُضِرٌّ بِالْوَلَدِ، وَلِذَا سَقَطَ حَقُّهَا فِي الْحَضَانَةِ. وَمِثْلُهُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ: وَلَوْ خَالَعَهَا عَلَى أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ عِنْدَهُ سِنِينَ مَعْلُومَةً صَحَّ الْخُلْعُ وَبَطَلَ الشَّرْطُ لِأَنَّ كَوْنَ الْوَلَدِ الصَّغِيرِ عِنْدَ الْأُمِّ حَقُّ الْوَلَدِ فَلَا يَبْطُلُ بِإِبْطَالِهِمَا (قَوْلُهُ: وَيُنْظَرُ إلَى مِثْلِ إمْسَاكِهِ) أَيْ أَجْرِ مِثْلِ إمْسَاكِهِ كَمَا عَبَّرَ فِي الْخُلَاصَةِ.

[مَطْلَبٌ فِي خُلْعِ الصَّغِيرَةِ]

(قَوْلُهُ: طَلُقَتْ) أَيْ بَائِنًا لَوْ بِلَفْظِ الْخُلْعِ كَمَا يَأْتِي، وَمَرَّ أَيْضًا (قَوْلُهُ: فِي الْأَصَحِّ) وَقِيلَ لَا تَطْلُقُ لِأَنَّهُ مُعَلَّقٌ بِلُزُومِ الْمَالِ وَقَدْ عُدِمَ. وَوَجْهُ الْأَصَحِّ أَنَّهُ مُعَلَّقٌ بِقَبُولِ الْأَبِ وَقَدْ وُجِدَ بَزَّازِيَّةٌ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ قَبِلَتْ هِيَ) أَشَارَ بِالْكَافِ إلَى أَنَّهَا مَسْأَلَةٌ اتِّفَاقِيَّةٌ فَافْهَمْ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: هَذَا أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْخِلَافِ إذَا قَبِلَ الْأَبُ، فَإِنْ قَبِلَتْ وَهِيَ عَاقِلَةٌ تَعْقِلُ أَنَّ النِّكَاحَ جَالِبٌ وَالْخُلْعَ سَالِبٌ وَقَعَ الطَّلَاقُ بِالِاتِّفَاقِ وَلَا يَلْزَمُهَا الْمَالُ. اهـ. قُلْت: وَيَقَعُ كَثِيرًا أَنَّهُ يُطَلِّقُهَا بِمُقَابَلَةِ إبْرَائِهَا إيَّاهُ مِنْ مَهْرِهَا. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَقَعُ الرَّجْعِيُّ لِعَدَمِ سُقُوطِ الْمَهْرِ.

ثُمَّ رَأَيْت فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مَا نَصُّهُ: وَاقِعَةٌ: وَقَالَ لِامْرَأَتِهِ الصَّبِيَّةِ: أَنْتِ طَالِقٌ بِمَهْرِكِ فَقَبِلَتْ يَنْبَغِي أَنْ تَطْلُقَ رَجْعِيًّا وَلَا يَسْقُطَ الْمَهْرُ اهـ وَيَأْتِي مَا يُؤَيِّدُهُ عَنْ شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَلْزَمْ الْمَالُ) أَيْ لَا عَلَيْهَا وَلَا عَلَى الْأَبِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ سَلَمَةَ وَعَنْهُ: يَلْزَمُهُ وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ، جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ. وَأَمَّا إذَا ضَمِنَهُ فَلَا كَلَامَ فِي لُزُومِهِ عَلَيْهِ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمَتْنِ الْآتِيَةُ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَمَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّ الْأَبَ إذَا عَلِمَ أَنَّ الْخُلْعَ خَيْرٌ لَهَا بِأَنْ كَانَ الزَّوْجُ لَا يُحْسِنُ عِشْرَتَهَا فَالْخُلْعُ عَلَى صَدَاقِهَا صَحِيحٌ فَإِنْ قَضَى بِهِ قَاضٍ نَفَذَ قَضَاؤُهُ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَالْمُرَادُ بِالْقَاضِي الْمَالِكِيُّ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْكَبِيرَةُ إلَخْ) أَيْ إذَا خَلَعَهَا أَبُوهَا بِلَا إذْنِهَا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا الْمَالُ بِالْأَوْلَى لِأَنَّهُ كَالْأَجْنَبِيِّ فِي حَقِّهَا. وَفِي الْفُصُولَيْنِ: إذَا ضَمِنَهُ الْأَبُ، أَوْ الْأَجْنَبِيُّ وَقَعَ الْخُلْعُ. ثُمَّ إنْ أَجَازَتْ نَفَذَ عَلَيْهَا وَبَرِئَ الزَّوْجُ مِنْ الْمَهْرِ وَإِلَّا تَرْجِعُ بِهِ عَلَى الزَّوْجِ وَالزَّوْجُ عَلَى الْمُخَالِعِ، وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ تَوَقَّفَ الْخُلْعُ عَلَى إجَازَتِهَا، فَإِنْ أَجَازَتْ جَازَ وَبَرِئَ الزَّوْجُ عَنْ الْمَهْرِ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ. قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: وَلَا تَطْلُقُ. وَقَالَ غَيْرُهُ: يَنْبَغِي أَنْ تَطْلُقَ لِأَنَّهُ مُعَلَّقٌ بِالْقَبُولِ وَقَدْ وُجِدَ اهـ أَيْ بِقَبُولِ الْمُخَالِعِ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ تَوَقَّفَ عَلَى قَبُولِهَا فِي حَقِّ الْمَالِ. قَالَ: وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ وَاقِعٌ، وَقِيلَ: لَا يَقَعُ إلَّا بِإِجَازَتِهَا. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ مِنْ الْأُمِّ إلَخْ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: قَيَّدَ بِالْأَبِ لِأَنَّهُ لَوْ جَرَى الْخُلْعُ بَيْنَ زَوْجِ الصَّغِيرَةِ وَأُمِّهَا، فَإِنْ أَضَافَتْ الْأُمُّ الْبَدَلَ إلَى مَالِ نَفْسِهَا، أَوْ ضَمِنَتْ تَمَّ الْخُلْعُ كَالْأَجْنَبِيِّ وَإِلَّا فَلَا رِوَايَةَ فِيهِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ، بِخِلَافِ الْأَبِ (قَوْلُهُ: وَلَا عَلَى صَغِيرٍ أَصْلًا) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَقَيَّدَ بِالْأُنْثَى، لِأَنَّهُ لَوْ خَلَعَ ابْنَهُ الصَّغِيرَ لَا يَصِحُّ وَلَا يَتَوَقَّفُ خُلْعُ الصَّغِيرِ عَلَى إجَازَةِ الْوَلِيِّ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ فِي الصَّغِيرِ لَا يَلْزَمُ الْمَالُ مَعَ وُقُوعِ الطَّلَاقِ، وَفِي الصَّغِيرِ لَا وُقُوعَ أَصْلًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>