للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَتَجِبُ) النَّفَقَةُ بِأَنْوَاعِهَا عَلَى الْحُرِّ (لِطِفْلِهِ) يَعُمُّ الْأُنْثَى وَالْجَمْعَ (الْفَقِيرِ) الْحُرِّ، فَإِنَّ نَفَقَةَ الْمَمْلُوكِ عَلَى مَالِكِهِ وَالْغَنِيِّ فِي مَالِهِ الْحَاضِرِ؛ فَلَوْ غَائِبًا فَعَلَى الْأَبِ ثُمَّ يَرْجِعُ إنْ أَشْهَدَ لَا إنْ نَوَى إلَّا دِيَانَةً؛ فَلَوْ كَانَا فَقِيرَيْنِ فَالْأَبُ يَكْتَسِبُ أَوْ يَتَكَفَّفُ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِمْ، وَلَوْ لَمْ يَتَيَسَّرْ أَنْفَقَ عَلَيْهِمْ الْقَرِيبُ

ــ

[رد المحتار]

[مَطْلَبٌ الصَّغِيرُ وَالْمُكْتَسِبُ نَفَقَةً فِي كَسْبِهِ لَا عَلَى أَبِيهِ]

ِ (قَوْلُهُ بِأَنْوَاعِهَا) مِنْ الطَّعَامِ وَالْكُسْوَةِ وَالسُّكْنَى، وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ هُنَا أُجْرَةَ الطَّبِيبِ وَثَمَنَ الْأَدْوِيَةِ، وَإِنَّمَا ذَكَرُوا عَدَمَ الْوُجُوبِ لِلزَّوْجَةِ، نَعَمْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْأَبَ إذَا كَانَ مَرِيضًا أَوْ بِهِ زَمَانَةٌ يَحْتَاجُ إلَى الْخِدْمَةِ فَعَلَى ابْنِهِ خَادِمُهُ وَكَذَلِكَ الِابْنُ (قَوْلُهُ لِطِفْلِهِ) هُوَ الْوَلَدُ حِينَ يَسْقُطُ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ إلَى أَنْ يَحْتَلِمَ، وَيُقَالُ جَارِيَةٌ، طِفْلٌ، وَطِفْلَةٌ، كَذَا فِي الْمُغْرِبِ. وَقِيلَ أَوَّلُ مَا يُولَدُ صَبِيٌّ ثُمَّ طِفْلٌ ح عَنْ النَّهْرِ (قَوْلُهُ يَعُمُّ الْأُنْثَى وَالْجَمْعَ) أَيْ يُطْلَقُ عَلَى الْأُنْثَى كَمَا عَلِمْته، وَعَلَى الْجَمْعِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا} [النور: ٣١] فَهُوَ مِمَّا يَسْتَوِي فِيهِ الْمُفْرَدُ وَالْجَمْعُ كَالْجُنُبِ وَالْفُلْكِ وَالْإِمَامِ - {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان: ٧٤]- وَلَا يُنَافِيهِ جَمْعُهُ عَلَى أَطْفَالٍ أَيْضًا كَمَا جُمِعَ إمَامٌ عَلَى أَئِمَّةٍ أَيْضًا فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ الْفَقِيرِ) أَيْ إنْ لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ الْكَسْبِ، فَإِنْ بَلَغَهُ كَانَ لِلْأَبِ أَنْ يُؤْجِرَهُ أَوْ يَدْفَعَهُ فِي حِرْفَةٍ لِيَكْتَسِبَ وَيُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْ كَسْبِهِ لَوْ كَانَ ذَكَرًا، بِخِلَافِ الْأُنْثَى كَمَا قَدَّمَهُ فِي الْحَضَانَةِ عَنْ الْمُؤَيِّدِيَّةِ. قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ: لَوْ اسْتَغْنَتْ الْأُنْثَى بِنَحْوِ خِيَاطَةٍ وَغَزْلٍ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ نَفَقَتُهَا فِي كَسْبِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَلَا نَقُولُ تَجِبُ عَلَى الْأَبِ مَعَ ذَلِكَ، إلَّا إذَا كَانَ لَا يَكْفِيهَا فَتَجِبُ عَلَى الْأَبِ كِفَايَتُهَا بِدَفْعِ الْقَدْرِ الْمَعْجُوزِ عَنْهُ، وَلَمْ أَرَهُ لِأَصْحَابِنَا. وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ بِخِلَافِ الْأُنْثَى؛ لِأَنَّ الْمَمْنُوعَ إيجَارُهَا، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ عَدَمُ إلْزَامِهَا بِحِرْفَةٍ تَعْلَمُهَا. اهـ أَيْ الْمَمْنُوعَ إيجَارُهَا لِلْخِدْمَةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا فِيهِ تَسْلِيمُهَا لِلْمُسْتَأْجِرِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَخْلُو بِهَا وَذَا لَا يَجُوزُ فِي الشَّرْعِ، وَعَلَيْهِ فَلَهُ دَفْعُهَا لِامْرَأَةٍ تُعَلِّمُهَا حِرْفَةً كَتَطْرِيزٍ وَخِيَاطَةٍ مَثَلًا.

(قَوْلُهُ عَلَى مَالِكِهِ) أَيْ لَا عَلَى أَبِيهِ الْحُرِّ أَوْ الْعَبْدِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَالْغَنِيِّ فِي مَالِهِ الْحَاضِرِ) يَشْمَلُ الْعَقَارَ وَالْأَرْدِيَةَ وَالثِّيَابَ، فَإِذَا اُحْتِيجَ إلَى النَّفَقَةِ كَانَ لِلْأَبِ بَيْعُ ذَلِكَ كُلِّهِ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ غَنِيٌّ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ بَحْرٌ وَفَتْحٌ، لَكِنْ سَيَذْكُرُ الشَّارِحُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلِكُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ أَنَّ الْفَقِيرَ مَنْ تَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ وَلَوْ لَهُ مَنْزِلٌ وَخَادِمٌ عَلَى الصَّوَابِ وَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَلَوْ غَائِبًا) أَيْ فَلَوْ كَانَ لِلْوَلَدِ مَالٌ لَكِنَّهُ غَائِبٌ فَنَفَقَتُهُ عَلَى الْأَبِ إلَى أَنْ يُحْضِرَ مَالَهُ. وَسُئِلَ الرَّمْلِيُّ عَمَّا إذَا كَانَ لَهُ غَلَّةٌ فِي وَقْفٍ: فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَمْ يَرَ مَنْ صَرَّحَ بِالْمَسْأَلَةِ؛ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَالِ الْغَائِبِ.

(قَوْلُهُ إنْ أَشْهَدَ) أَيْ عَلَى أَنَّهُ يُنْفِقُ عَلَيْهِ لِيَرْجِعَ، وَكَالْإِشْهَادِ الْإِنْفَاقُ بِإِذْنِ الْقَاضِي كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ لَا إنْ نَوَى) أَيْ لَا يَرْجِعُ إنْ نَوَى الرُّجُوعَ بِلَا إشْهَادٍ وَلَا إذْنِ قَاضٍ: أَيْ لَا يُصَدَّقُ فِي الْقَضَاءِ أَنَّهُ نَوَى ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ لَهُ الرُّجُوعُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ يَكْتَسِبُ أَوْ يَتَكَفَّفُ) قَدَّمَ الْكَسْبَ؛ لِأَنَّهُ الْوَاجِبُ أَوَّلًا، إذْ لَا يَجُوزُ التَّكَفُّفُ: أَيْ طَلَبُ الْكَفَافِ بِمَسْأَلَةِ النَّاسِ إلَّا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الِاكْتِسَابِ. قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: فَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْكَسْبِ تُفْرَضُ النَّفَقَةُ عَلَيْهِ فَيَكْتَسِبُ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ عَجَزَ لِكَوْنِهِ زَمِنًا أَوْ مُقْعَدًا يَتَكَفَّفُ النَّاسَ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِمْ كَذَا فِي نَفَقَاتِ الْخَصَّافِ. وَذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ أَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَفْرِضُهَا الْقَاضِي عَلَى الْأَبِ وَيَأْمُرُ الْمَرْأَةَ بِالِاسْتِدَانَةِ عَلَى الزَّوْجِ، فَإِذَا قَدَرَ طَالَبَتْهُ بِمَا اسْتَدَانَتْ عَلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ فَرَضَهَا عَلَيْهِ ثُمَّ امْتَنَعَ مَعَ قُدْرَتِهِ. اهـ. وَقَالَ أَيْضًا: وَإِنْ امْتَنَعَ عَنْ الْكَسْبِ حُبِسَ؛ بِخِلَافِ سَائِرِ الدُّيُونِ. ولَا يُحْبَسُ وَالِدٌ وَإِنْ عَلَا فِي دَيْنِ وَلَدِهِ وَإِنْ سَفَلَ إلَّا فِي النَّفَقَةِ؛ لِأَنَّ فِيهِ إتْلَافَ الصَّغِير (قَوْلُهُ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِمْ) أَيْ عَلَى أَوْلَادِهِ الصِّغَارِ؛ وَقِيلَ نَفَقَتُهُمْ فِي بَيْتِ الْمَالِ بَحْرٌ. وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الْمُحِيطِ: وَتُفْرَضُ عَلَى الْمُعْسِرِ بِقَدْرِ الْكِفَايَةِ. وَعَلَى الْمُوسِرِ بِقَدْرِ مَا يَرَاهُ الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يَتَيَسَّرْ) أَيْ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِمْ أَوْ الِاكْتِسَابُ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَإِنْ لَمْ يَفِ كَسْبُهُ بِحَاجَتِهِمْ أَوْ لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>