للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أَوْ) بِمَاءٍ (اُسْتُعْمِلَ لِ) أَجْلِ (قُرْبَةٍ) أَيْ ثَوَابٍ وَلَوْ مَعَ رَفْعِ حَدَثٍ أَوْ مِنْ مُمَيِّزٍ أَوْ حَائِضٍ لِعَادَةِ أَوْ عِبَادَةٍ أَوْ غُسْلِ مَيِّتٍ أَوْ يَدٍ لِأَكْلٍ أَوْ مِنْهُ بِنِيَّةِ السُّنَّةِ (أَوْ) لِأَجْلِ (رَفْعِ حَدَثٍ) وَلَوْ مَعَ قُرْبَةٍ كَوُضُوءِ مُحْدِثٍ

ــ

[رد المحتار]

[الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ]

مَبْحَثُ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ بِمَاءٍ اُسْتُعْمِلَ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ يَقَعُ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ: الْأَوَّلُ فِي سَبَبِهِ، وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ لِقُرْبَةٍ أَوْ رَفْعِ حَدَثٍ. الثَّانِي فِي وَقْتِ ثُبُوتِهِ، وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ إذَا اسْتَقَرَّ فِي مَكَانِ. الثَّالِثُ فِي صِفَتِهِ: وَقَدْ بَيَّنَهَا بِقَوْلِهِ طَاهِرٌ. الرَّابِعُ فِي حُكْمِهِ، وَقَدْ بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ لَا مُطَهِّرٌ اهـ بَحْرٌ. مَطْلَبٌ فِي تَفْسِيرِ الْقُرْبَةِ وَالثَّوَابِ.

(قَوْلُهُ: أَيْ ثَوَابٌ) قَدَّمْنَا فِي سُنَنِ الْوُضُوءِ أَنَّ الْقُرْبَةَ فِعْلُ مَا يُثَابُ عَلَيْهِ بَعْدَ مَعْرِفَةِ مَنْ يُتَقَرَّبُ إلَيْهِ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى نِيَّةٍ كَالْوَقْفِ وَالْعِتْقِ. فِي الْبَحْرِ عَنْ شَرْحِ النُّقَايَةِ أَنَّهَا مَا تَعَلَّقَ بِهِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ وَهُوَ اسْتِحْقَاقُ الثَّوَابِ اهـ. وَفِي شَرْحِ الْأَشْبَاهِ لِلْبِيرِيِّ قَالَ عُلَمَاؤُنَا: ثَوَابُ الْعَمَلِيِّ فِي الْأُخْرَى عِبَارَةٌ عَمَّا أَوْجَبَهُ اللَّهُ لِلْعَبْدِ جَزَاءً لِعَمَلِهِ، فَتَفْسِيرُ الشَّارِحِ الْقُرْبَةَ بِالثَّوَابِ مِنْ تَفْسِيرِ الشَّيْءِ بِحُكْمِهِ، وَهُوَ شَائِعٌ فِي كَلَامِهِمْ كَمَا مَرَّ، وَهُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ فَاللَّامُ التَّعْلِيلِ: أَيْ لِأَجْلِ نَيْلِ قُرْبَةٍ، نَعَمْ لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي قُرْبَةٍ لَتَعَيَّنَ تَفْسِيرُهَا بِالْفِعْلِ فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ رَفْعِ حَدَثٍ) يُشِيرُ بِهِ وَبِقَوْلِهِ الْآتِي وَلَوْ مَعَ قُرْبَةٍ إلَى أَنَّ أَوْ فِي قَوْلِهِ أَوْ رَفْعِ حَدَثٍ مَانِعَةُ الْخُلُوِّ لَا مَانِعَةُ الْجَمْعِ؛ لِأَنَّ الْقُرْبَةَ وَرَفْعَ الْحَدَثِ قَدْ يَجْتَمِعَانِ، وَقَدْ يَنْفَرِدُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ الْآخَرِ كَمَا سَيَظْهَرُ، فَبَيْنَهُمَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ وَجْهِيٌّ.

(قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ مُمَيِّزٍ) أَيْ إذَا تَوَضَّأَ يُرِيدُ بِهِ التَّطْهِيرَ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَهُوَ مَعْلُومٌ مِنْ سِيَاقِ الْكَلَامِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَرِدْ بِهِ ذَلِكَ لَمْ يَصِرْ مُسْتَعْمَلًا تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: أَوْ حَائِضٍ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ: قَالُوا بِوُضُوءِ الْحَائِضِ يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا؛ لِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهَا الْوُضُوءُ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ وَأَنْ تَجْلِسَ فِي مُصَلَّاهَا قَدْرَهَا كَيْ لَا تَنْسَى عَادَتَهَا، وَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِالْفَرِيضَةِ، وَيَنْبَغِي أَنَّهَا لَوْ تَوَضَّأَتْ لِتَهَجُّدٍ عَادِيٍّ أَوْ صَلَاةِ ضُحًى وَجَلَسَتْ فِي مُصَلَّاهَا أَنْ يَصِيرَ مُسْتَعْمَلًا، وَلَمْ أَرَهُ لَهُمْ اهـ وَأَقَرَّهُ الرَّمْلِيُّ وَغَيْرُهُ، وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ فَلِذَا جَزَمَ بِهِ الشَّارِحُ، فَأَطْلَقَ الْعِبَادَةَ تَبَعًا لِجَامِعِ الْفَتَاوَى فَإِنَّهُ، قَالَ: يُسْتَحَبُّ لَهَا أَنْ تَتَوَضَّأَ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ وَتَجْلِسَ فِي مَسْجِدِهَا تُسَبِّحُ وَتُهَلِّلُ مِقْدَارَ أَدَائِهَا لِئَلَّا تَزُولَ عَادَةُ الْعِبَادَةِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ غُسْلِ مَيِّتٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى رَفْعِ حَدَثٍ، وَكَوْنُ غُسَالَتِهِ مُسْتَعْمَلَةً هُوَ الْأَصَحُّ، وَإِنَّمَا أَطْلَقَ مُحَمَّدٌ نَجَاسَتَهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَخْلُو عَنْ النَّجَاسَةِ غَالِبًا بَحْرٌ. أَقُولُ: قَدْ يُقَالُ إنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا هُوَ قَوْلُ الْعَامَّةِ وَاعْتَمَدَهُ فِي الْبَدَائِعِ مِنْ أَنَّ نَجَاسَةَ الْمَيِّتِ نَجَاسَةُ خَبَثٍ؛ لِأَنَّهُ حَيَوَانٌ دَمَوِيٌّ لَا نَجَاسَةُ حَدَثٍ، وَعَلَيْهِ فَلَا حَاجَةَ إلَى تَأْوِيلِ كَلَامِ مُحَمَّدٍ وَسَنُوَضِّحُهُ فِي أَوَّلِ فَصْلِ الْبِئْرِ، وَيَجُوزُ عَطْفُهُ عَلَى مُمَيِّزٍ أَيْ وَلَوْ مِنْ أَجْلِ غُسْلِ مَيِّتٍ؛ لِأَنَّهُ يُنْدَبُ الْوُضُوءُ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ كَمَا مَرَّ.

(قَوْلُهُ: بِنِيَّةِ السُّنَّةِ) قَيَّدَ بِهِ فِي الْبَحْرِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْمُحِيطِ؛ لِأَنَّهُ أَقَامَ بِهِ قُرْبَةً لِأَنَّهُ سُنَّةٌ. اهـ. قَالَ فِي النَّهْرِ: وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي اشْتِرَاطُهُ فِي كُلِّ سُنَّةٍ كَغَسْلِ الْفَمِ وَالْأَنْفِ وَنَحْوِهِمَا، وَفِي ذَلِكَ تَرَدُّدٌ. اهـ. قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَلَا تَرَدُّدَ فِيهِ، حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ جُنُبًا وَقَصَدَ بِغَسْلِ الْفَمِ وَالْأَنْفِ وَنَحْوِهِمَا مُجَرَّدَ التَّنْظِيفِ لَا إقَامَةَ الْقُرْبَةِ لَا يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا.

(قَوْلُهُ: أَوْ لِأَجْلِ رَفْعِ حَدَثٍ) مُفَادُ اللَّامِ أَنَّهُ قَصَدَ رَفْعَ الْحَدَثِ فَيَكُونُ قُرْبَةً أَيْضًا مَعَ أَنَّ الْمُرَادَ مَا هُوَ أَعَمُّ كَمَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَلَوْ مَعَ قُرْبَةٍ، فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَوْ فِي رَفْعِ حَدَثٍ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: كَوُضُوءِ مُحْدِثٍ) فَإِنَّهُ إنْ كَانَ مَنْوِيًّا اجْتَمَعَ فِيهِ الْأَمْرَانِ، وَإِلَّا كَمَا لَوْ كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>