للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ الْحَلِفِ بِالْعِتْقِ

(قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَكُلُّ مَمْلُوكٍ لِي يَوْمئِذٍ حُرٌّ عَتَقَ مَنْ لَهُ حِينَ دُخُولِهِ) وَلَوْ لَيْلًا، سَوَاءٌ (مَلَكَهُ بَعْدَ حَلِفِهِ أَوْ قَبْلَهُ) ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى يَوْمَ إذْ دَخَلْت فَاعْتُبِرَ مِلْكُهُ وَقْتَ دُخُولٍ (وَ) لِذَا لَوْ لَمْ يَقُلْ يَوْمَئِذٍ عَتَقَ مَنْ لَهُ وَقْتَ حَلِفِهِ فَقَطْ كَقَوْلِهِ (كُلُّ عَبْدٍ لِي أَوْ أَمْلِكُهُ حُرٌّ بَعْدَ غَدٍ) أَوْ بَعْدَ شَهْرٍ اُعْتُبِرَ وَقْتُ حَلِفِهِ؛ لِأَنَّ لِي أَوْ أَمْلِكُهُ لِلْحَالِ

ــ

[رد المحتار]

[بَابُ الْحَلِفِ بِالْعِتْقِ]

شُرُوعٌ فِي بَيَانِ التَّعْلِيقِ بَعْدَ ذِكْرِ التَّنْجِيزِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ مَسْأَلَةَ التَّعْلِيقِ بِالْوِلَادَةِ فِي مُعْتَقِ الْبَعْضِ لِبَيَانِ أَنَّهُ يَعْتِقُ مِنْهُ الْبَعْضُ عِنْدَ عَدَمِ الْعِلْمِ نَهْرٌ، وَهُوَ بِكَسْرِ اللَّامِ مَصْدَرٌ سَمَاعِيٌّ، وَجَاءَ بِسُكُونِهَا وَتَدْخُلُهُ التَّاءُ لِلْمَرَّةِ كَقَوْلِهِ:

حَلَفْت لَهَا بِاَللَّهِ حَلْفَةَ فَاجِرِ

وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ فَكُلُّ مَمْلُوكٍ لِي) يَشْمَلُ الْعَبْدَ وَالْأَمَةَ فَإِنَّهُ كَالْآدَمِيِّ يَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ قُهُسْتَانِيٌّ وَيَأْتِي بَيَانُهُ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بَعْدَ قَوْلِهِ لِي زِيَادَةٌ وَهِيَ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لِعَبْدِ غَيْرِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ فَاشْتَرَاهُ فَدَخَلَ لَمْ يَعْتِقْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُضَفْ الْعَبْدُ إلَى مِلْكِهِ لَا صَرِيحًا وَلَا مَعْنًى (قَوْلُهُ وَلَوْ لَيْلًا) أَيْ وَلَوْ كَانَ دُخُولُهُ لَيْلًا أَفَادَ أَنَّ لَفْظَ الْيَوْمِ مُرَادٌ بِهِ الْوَقْتُ؛ لِأَنَّهُ أُضِيفَ إلَى فِعْلٍ لَا يَمْتَدُّ وَهُوَ الدُّخُولُ فَتْحٌ.

مَطْلَبٌ تَحْقِيقٌ مُهِمٌّ فِي يَوْمِئِذٍ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى يَوْمَ إذْ دَخَلْت) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ إضَافَةَ يَوْمَ إلَى الدُّخُولِ أَخْذٌ بِالْحَاصِلِ وَمَيْلٌ إلَى جَانِبِ الْمَعْنَى، وَإِلَّا فَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ التَّرْكِيبُ أَنَّ يَوْمًا مُضَافٌ إلَى إذْ الْمُضَافَةِ إلَى الدُّخُولِ. قَالَ فِي الْفَتْحِ؛ لِأَنَّهُ أُضِيفَ إلَى فِعْلٍ لَا يَمْتَدُّ وَهُوَ الدُّخُولُ وَإِنْ كَانَ فِي اللَّفْظِ إنَّمَا أُضِيفَ إلَى إذْ الْمُضَافَةِ لِلدُّخُولِ، لَكِنَّ مَعْنَى إذْ غَيْرُ مُلَاحَظٍ وَإِلَّا كَانَ الْمُرَادُ يَوْمَ وَقْتِ الدُّخُولِ، وَهُوَ وَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ عَلَى مَعْنَى يَوْمِ الْوَقْتِ الَّذِي فِيهِ الدُّخُولُ تَقْيِيدًا لِلْيَوْمِ، لَكِنْ إذَا أُرِيدَ بِهِ مُطْلَقُ الْوَقْتِ يَصِيرُ الْمَعْنَى وَقْتُ وَقْتِ الدُّخُولِ وَنَحْنُ نَعْلَمُ مِثْلَهُ كَثِيرًا فِي الِاسْتِعْمَالِ الْفَصِيحِ كَنَحْوِ - {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ} [الروم: ٤] {بِنَصْرِ اللَّهِ} [الروم: ٥]- وَلَا يُلَاحَظُ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، إذْ لَا يُلَاحَظُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: وَقْتَ يُغْلَبُونَ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ وَلَا يَوْمَ وَقْتِ يُغْلَبُونَ يَفْرَحُونَ، وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَغَيْرِهِ، فَعُرِفَ أَنَّ لَفْظَ إذْ لَمْ يُذْكَرْ إلَّا تَكْثِيرًا لِلْعِوَضِ عَنْ الْجُمْلَةِ الْمَحْذُوفَةِ أَوْ عِمَادًا لَهُ: أَعْنِي التَّنْوِينَ لِكَوْنِهِ حَرْفًا وَاحِدًا سَاكِنًا تَحْسِينًا، وَلَمْ يُلَاحَظْ مَعْنَاهَا، وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ فِي أَقْوَالِ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ فِي بَعْضِ الْأَلْفَاظِ لَا تَخْفَى عَلَى مَنْ لَهُ نَظَرٌ فِيهَا. اهـ. ح (قَوْلُهُ فَاعْتُبِرَ مِلْكُهُ وَقْتَ دُخُولِهِ) فَيَشْمَلُ مَنْ لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِهِ وَقْتَ الْحَلِفِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ ثُمَّ دَخَلَ وَمَنْ كَانَ وَبَقِيَ حَتَّى دَخَلَ.

(قَوْلُهُ وَلِذَا) أَيْ لِكَوْنِ الْمَعْنَى مَا ذُكِرَ فَإِنَّهُ مُسْتَفَادٌ مِنْ لَفْظَةِ يَوْمَئِذٍ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ لِي أَوْ أَمْلِكُهُ لِلْحَالِ) أَيْ فَإِنَّ لِي مُتَعَلِّقٌ بِثَابِتٍ مَثَلًا وَهُوَ اسْمُ فَاعِلٍ. وَالْمُخْتَارُ فِي الْوَصْفِ مِنْ اسْمِ الْفَاعِلِ أَوْ الْمَفْعُولِ أَنَّ مَعْنَاهُ قَائِمٌ حَالَ التَّكَلُّمِ بِمَنْ نُسِبَ إلَيْهِ عَلَى وَجْهِ قِيَامِهِ بِهِ أَوْ وُقُوعِهِ عَلَيْهِ. وَصِيغَةُ الْمُضَارِعِ وَإِنْ كَانَتْ تُسْتَعْمَلُ لِلِاسْتِقْبَالِ لَكِنْ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ يُرَادُ بِهَا الْحَالُ عُرْفًا وَشَرْعًا وَلُغَةً، وَاللَّامُ لِلِاخْتِصَاصِ، فَلَزِمَ مِنْ التَّرْكِيبِ اخْتِصَاصُ يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ بِالْمُتَّصِفِ بِالْمَمْلُوكِيَّةِ لِلْحَالِ، فَلَوْ نَوَى الِاسْتِقْبَالَ لَمْ يُصَدَّقْ لِصَرْفِهِ عَنْ ظَاهِرِهِ، فَيَعْتِقُ مَا مَلَكَهُ لِلْحَالِ لِمَا ذَكَرْنَا، وَكَذَا مَا اُسْتُحْدِثَ الْمِلْكُ فِيهِ لِإِقْرَارِهِ. وَلَوْ قَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ الْيَوْمَ فَهُوَ حُرٌّ عَتَقَ مَا فِي مِلْكِهِ وَمَا اسْتَفَادَ مِلْكُهُ فِي الْيَوْمِ، وَمِثْلُ الْيَوْمِ الشَّهْرُ وَالسَّنَةُ، فَإِنْ عَنَى أَحَدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>