للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(طَهُرَ بِذَكَاةٍ) عَلَى الْمَذْهَبِ (لَا) يَطْهُرُ (لَحْمُهُ عَلَى) قَوْلِ (الْأَكْثَرِ إنْ) كَانَ (غَيْرَ مَأْكُولٍ) هَذَا أَصَحُّ مَا يُفْتَى بِهِ وَإِنْ قَالَ فِي الْفَيْضِ الْفَتْوَى عَلَى طَهَارَتِهِ (وَهَلْ يُشْتَرَطُ) لِطَهَارَةِ جِلْدِهِ (كَوْنُ ذَكَاتِهِ شَرْعِيَّةً) بِأَنْ تَكُونَ مِنْ الْأَهْلِ فِي الْمَحَلِّ بِالتَّسْمِيَةِ (قِيلَ نَعَمْ، وَقِيلَ لَا، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ) ؛ لِأَنَّ ذَبْحَ الْمَجُوسِيِّ وَتَارِكِ التَّسْمِيَةِ عَمْدًا كَلَا ذَبْحٍ (وَإِنْ صُحِّحَ الثَّانِيَ) صَحَّحَهُ الزَّاهِدِيُّ فِي الْقُنْيَةِ وَالْمُجْتَبَى، وَأَقَرَّهُ فِي الْبَحْرِ.

[فَرْعٌ] مَا يَخْرُجُ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ كَسِنْجَابٍ إنْ عَلِمَ دَبْغَهُ بِطَاهِرٍ فَطَاهِرٌ، أَوْ بِنَجِسٍ فَنَجِسٌ، وَإِنْ شَكَّ فَغَسْلُهُ أَفْضَلُ.

ــ

[رد المحتار]

قُلْت: وَعَلَيْهِ فَلَوْ صَلَّى وَمَعَهُ تِرْيَاقٌ فِيهِ لَحْمُ حَيَّةٍ مَذْبُوحَةٍ لَا تَجُوزُ صَلَاتُهُ لَوْ أَكْثَرَ مِنْ دِرْهَمٍ، وَصَرَّحَ فِي الْوَهْبَانِيَّةِ بِأَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فَتَنَبَّهْ. وَخَرَجَ الْخِنْزِيرُ فَإِنَّهُ لَا يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ كَمَا مَرَّ، فَلَا يَطْهُرُ بِالذَّكَاةِ كَمَا فِي الْمُنْيَةِ الظَّاهِرُ أَنَّ الْآدَمِيَّ كَذَلِكَ وَإِنْ قُلْنَا بِطَهَارَةِ جِلْدِهِ بِالدِّبَاغِ، فَلَوْ ذُبِحَ وَلَمْ تَثْبُتْ لَهُ الشَّهَادَةُ ثُمَّ وَقَعَ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ قَبْلَ تَغْسِيلِهِ أَفْسَدَهُ وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ، نَعَمْ رَأَيْت فِي صَيْدِ غُرَرِ الْأَفْكَارِ أَنَّ الذَّكَاةَ لَا تَعْمَلُ فِي الْخِنْزِيرِ وَالْآدَمِيِّ كَمَا لَا تَعْمَلُ الدِّبَاغَةُ فِي جِلْدِهِمَا تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) أَيْ ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ بَحْرٌ لِحَدِيثِ «لَا تَنْتَفِعُوا مِنْ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ» رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ، وَالْإِهَابُ مَا لَمْ يُدْبَغْ. فَيَدُلُّ تَوَقُّفُ الِانْتِفَاعِ قَبْلَ الدَّبْغِ عَلَى عَدَمِ كَوْنِهَا مَيْتَةً: أَيْ وَالذَّكَاةُ لَيْسَتْ إمَاتَةً أَفَادَهُ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ، وَقِيلَ: إنَّمَا يَطْهُرُ جِلْدُهُ بِالذَّكَاةِ إذَا لَمْ يَكُنْ سُؤْرُهُ نَجِسًا (قَوْلُهُ لَا يَطْهُرُ لَحْمُهُ) أَيْ لَحْمُ الْحَيَوَانِ ذِي الْإِهَابِ، فَالضَّمِيرُ عَائِدٌ إلَى " مَا " عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَوْ بِدُونِهِ وَالْإِضَافَةُ لِأَدْنَى مُنَاسَبَةٍ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ هَذَا أَصَحُّ مَا يُفْتَى بِهِ) أَفَادَ أَنَّ مُقَابِلَهُ مُصَحَّحٌ أَيْضًا، فَقَدْ صَحَّحَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالتُّحْفَةِ وَالْبَدَائِعِ، وَمَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي الذَّبَائِحِ كَالْكَنْزِ وَالدُّرَرِ، وَالْأَوَّلُ مُخْتَارُ شُرَّاحِ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِمْ. وَفِي الْمِعْرَاجِ أَنَّهُ قَوْلُ الْمُحَقِّقِينَ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ عِبَارَةُ مَوَاهِبِ الرَّحْمَنِ. وَقَالَ فِي شَرْحِهِ الْمُسَمَّى بِالْبُرْهَانِ بَعْدَ كَلَامٍ: فَجَازَ أَنْ تُعْتَبَرَ الذَّكَاةُ مُطَهِّرَةً لِجِلْدِهِ لِلِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ لِلصَّلَاةِ فِيهِ وَعَلَيْهِ، وَلِدَفْعِ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ بِلُبْسِهِ دُونَ لَحْمِهِ لِعَدَمِ حِلِّ أَكْلِهِ الْمَقْصُودِ مِنْ طَهَارَتِهِ، وَتَمَامُهُ فِي حَاشِيَةِ نُوحٍ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ ذَكَاةَ الْحَيَوَانِ مُطَهِّرَةٌ لِجِلْدِهِ وَلَحْمِهِ إنْ كَانَ الْحَيَوَانُ مَأْكُولًا، وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ نَجِسَ الْعَيْنِ فَلَا تُطَهِّرُ شَيْئًا مِنْهُ، وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ جِلْدُهُ لَا يَحْتَمِلُ الدِّبَاغَةَ فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّ جِلْدَهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ اللَّحْمِ، وَإِلَّا فَيَطْهُرُ جِلْدُهُ فَقَطْ، وَالْآدَمِيُّ كَالْخِنْزِيرِ فِيمَا ذُكِرَ تَعْظِيمًا لَهُ (قَوْلُهُ مِنْ الْأَهْلِ) هُوَ أَنْ يَكُونَ الذَّابِحُ مُسْلِمًا حَلَالًا خَارِجَ الْحَرَمِ أَوْ كِتَابِيًّا (قَوْلُهُ فِي الْمَحَلِّ) أَيْ فِيمَا بَيْنَ اللَّبَّةِ وَاللَّحْيَيْنِ، وَهَذِهِ الذَّكَاةُ الِاخْتِيَارِيَّةُ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَهَا الضَّرُورِيَّةُ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ اتَّفَقَ حِلْيَةٌ، وَإِلَيْهِ يُشِيرُ كَلَامُ الْقُنْيَةِ قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ بِالتَّسْمِيَةِ) أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا بِأَنْ تَرَكَهَا نَاسِيًا (قَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ) وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ ذَبْحَ الْمَجُوسِيِّ) أَيْ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ مِمَّنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا كَالْوَثَنِيِّ وَالْمُرْتَدِّ وَالْمُحْرِمِ (قَوْلُهُ كَلَا ذَبْحٍ) لِحُكْمِ الشَّرْعِ بِأَنَّهُ مَيْتَةٌ فِيمَا يُؤْكَلُ (قَوْلُهُ وَإِنْ صُحِّحَ الثَّانِيَ) يُوهِمُ أَنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يُصَحَّحْ مَعَ أَنَّهُ فِي الْقُنْيَةِ نَقَلَ تَصْحِيحَ الْقَوْلَيْنِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَزِيدَ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَأَقَرَّهُ فِي الْبَحْرِ) حَيْثُ ذَكَرَ أَنَّهُ فِي الْمِعْرَاجِ نَقَلَ عَنْ الْمُجْتَبَى وَالْقُنْيَةِ تَصْحِيحَ الثَّانِي، ثُمَّ قَالَ وَصَاحِبُ الْقُنْيَةِ هُوَ صَاحِبُ الْمُجْتَبَى، وَهُوَ الْإِمَامُ الزَّاهِدِيُّ الْمَشْهُورُ عِلْمُهُ وَفِقْهُهُ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ: أَنَّ صَاحِبَ النِّهَايَةِ ذَكَرَ هَذَا الشَّرْطَ: أَيْ كَوْنَ الذَّكَاةِ شَرْعِيَّةً بِصِيغَةِ قِيلَ مَعْزِيًّا إلَى الْخَانِيَّةِ. اهـ.

[فَرْعٌ مَا يَخْرُجُ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ كَسِنْجَابٍ إنْ عَلِمَ دَبْغَهُ بِطَاهِرٍ]

(قَوْلُهُ كَسِنْجَابٍ) بِالْكَسْرِ: أَيْ جِلْدِهِ (قَوْلُهُ فَنَجِسٌ) أَيْ فَلَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ فِيهِ مَا لَمْ يُغْسَلْ مُنْيَةٌ (قَوْلُهُ فَغَسْلُهُ أَفْضَلُ) ؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ بِمَا هُوَ الْوَثِيقَةُ فِي مَوْضِعِ الشَّكِّ أَفْضَلُ إذَا لَمْ يُؤَدِّ إلَى الْحَرَجِ، وَمِنْ هُنَا قَالُوا لَا بَأْسَ بِلُبْسِ ثِيَابِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَالصَّلَاةِ فِيهَا، إلَّا الْإِزَارَ وَالسَّرَاوِيلَ فَإِنَّهُ تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِيهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>