للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَبَوْلُ مَأْكُولِ) اللَّحْمِ (نَجِسٌ) نَجَاسَةً مُخَفَّفَةً، وَطَهَّرَهُ مُحَمَّدٌ (وَلَا يُشْرَبُ) بَوْلُهُ (أَصْلًا) لَا لِلتَّدَاوِي وَلَا لِغَيْرِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ. .

فُرُوعٌ] اُخْتُلِفَ فِي التَّدَاوِي بِالْمُحَرَّمِ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ الْمَنْعُ كَمَا فِي رَضَاعٍ الْبَحْرُ، لَكِنْ نَقَلَ الْمُصَنِّفُ ثَمَّةَ وَهُنَا عَنْ الْحَاوِي: وَقِيلَ يُرَخَّصُ إذَا عُلِمَ فِيهِ الشِّفَاءُ وَلَمْ يُعْلَمْ دَوَاءٌ آخَرُ كَمَا رُخِّصَ الْخَمْرُ لِلْعَطْشَانِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى

ــ

[رد المحتار]

(قَوْلُهُ وَطَهَّرَهُ مُحَمَّدٌ) أَيْ لِحَدِيثِ الْعُرَنِيِّينَ الَّذِينَ رَخَّصَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِ الْإِبِلِ لِسَقَمٍ أَصَابَهُمْ، وَعَلَيْهِ فَلَا يَفْسُدُ الْمَاءُ مَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَيْهِ فَيُخْرِجُهُ عَنْ الطَّهُورِيَّةِ، وَالْمُتُونُ عَلَى قَوْلِهِمَا، وَلِذَا قَالَ فِي الْإِمْدَادِ: وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا (قَوْلُهُ لَا لِلتَّدَاوِي وَلَا لِغَيْرِهِ) بَيَانٌ لِلتَّعْمِيمِ فِي قَوْلِهِ أَصْلًا (قَوْلُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَإِنَّهُ وَإِنْ وَافَقَهُ عَلَى أَنَّهُ نَجِسٌ لِحَدِيثِ «اسْتَنْزِهُوا مِنْ الْبَوْلِ» إلَّا أَنَّهُ أَجَازَ شُرْبَهُ لِلتَّدَاوِي لِحَدِيثِ الْعُرَنِيِّينَ. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَجُوزُ مُطْلَقًا. وَأَجَابَ الْإِمَامُ عَنْ حَدِيثِ الْعُرَنِيِّينَ بِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَرَفَ شِفَاءَهُمْ بِهِ وَحْيًا وَلَمْ يَتَيَقَّنْ شِفَاءَ غَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّ الْمَرْجِعَ فِيهِ الْأَطِبَّاءُ وَقَوْلُهُمْ لَيْسَ بِحُجَّةٍ، حَتَّى لَوْ تَعَيَّنَ الْحَرَامُ مِدْفَعًا لِلْهَلَاكِ يَحِلُّ كَالْمَيْتَةِ وَالْخَمْرِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ.

[فُرُوعٌ التَّدَاوِي بِالْمُحَرَّمِ]

مَطْلَبٌ فِي التَّدَاوِي بِالْمُحَرَّمِ (قَوْلُهُ اُخْتُلِفَ فِي التَّدَاوِي بِالْمُحَرَّمِ) فَفِي النِّهَايَةِ عَنْ الذَّخِيرَةِ يَجُوزُ إنْ عَلِمَ فِيهِ شِفَاءً وَلَمْ يَعْلَمْ دَوَاءً آخَرَ. وَفِي الْخَانِيَّةِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ» كَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ أَنَّ مَا فِيهِ شِفَاءٌ لَا بَأْسَ بِهِ كَمَا يَحِلُّ الْخَمْرُ لِلْعَطْشَانِ فِي الضَّرُورَةِ، وَكَذَا اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ فِي التَّجْنِيسِ فَقَالَ: لَوْ رَعَفَ فَكَتَبَ الْفَاتِحَةَ بِالدَّمِ عَلَى جَبْهَتِهِ وَأَنْفِهِ جَازَ لِلِاسْتِشْفَاءِ، وَبِالْبَوْلِ أَيْضًا إنْ عَلِمَ فِيهِ شِفَاءً لَا بَأْسَ بِهِ، لَكِنْ لَمْ يُنْقَلْ وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ سَاقِطَةٌ عِنْدَ الِاسْتِشْفَاءِ كَحِلِّ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ لِلْعَطْشَانِ وَالْجَائِعِ. اهـ مِنْ الْبَحْرِ. وَأَفَادَ سَيِّدِي عَبْدُ الْغَنِيِّ أَنَّهُ لَا يَظْهَرُ الِاخْتِلَافُ فِي كَلَامِهِمْ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى الْجَوَازِ لِلضَّرُورَةِ، وَاشْتِرَاطُ صَاحِبِ النِّهَايَةِ الْعِلْمَ لَا يُنَافِيهِ اشْتِرَاطُ مَنْ بَعْدَهُ الشِّفَاءَ وَلِذَا قَالَ وَالِدِي فِي شَرْحِ الدُّرَرِ: إنَّ قَوْلَهُ لَا لِلتَّدَاوِي مَحْمُولٌ عَلَى الْمَظْنُونِ وَإِلَّا فَجَوَازُهُ بِالْيَقِينِيِّ اتِّفَاقٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُصَفَّى. اهـ.

أَقُولُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ مُوَافِقٌ لِمَا مَرَّ فِي الِاسْتِدْلَالِ، لِقَوْلِ الْإِمَامِ: لَكِنْ قَدْ عَلِمْت أَنَّ قَوْلَ الْأَطِبَّاءِ لَا يَحْصُلُ بِهِ الْعِلْمُ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّجْرِبَةَ يَحْصُلُ بِهَا غَلَبَةُ الظَّنِّ دُونَ الْيَقِينِ إلَّا أَنْ يُرِيدُوا بِالْعِلْمِ غَلَبَةَ الظَّنِّ وَهُوَ شَائِعٌ فِي كَلَامِهِمْ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ الْمَنْعُ) مَحْمُولٌ عَلَى الْمَظْنُونِ كَمَا عَلِمْته (قَوْلُهُ لَكِنْ نَقَلَ الْمُصَنِّفُ إلَخْ) مَفْعُولُ نَقَلَ قَوْلُهُ وَقِيلَ يُرَخِّصُ إلَخْ وَالِاسْتِدْرَاكُ عَلَى إطْلَاقِ الْمَنْعِ، وَإِذَا قَيَّدَ بِالْمَظْنُونِ فَلَا اسْتِدْرَاكَ. وَنَصُّ مَا فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ: إذَا سَالَ الدَّمُ مِنْ أَنْفِ إنْسَانٍ وَلَا يَنْقَطِعُ حَتَّى يُخْشَى عَلَيْهِ الْمَوْتُ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ لَوْ كَتَبَ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ أَوْ الْإِخْلَاصَ بِذَلِكَ الدَّمِ عَلَى جَبْهَتِهِ يَنْقَطِعُ فَلَا يُرَخَّصُ لَهُ فِيهِ؛ وَقِيلَ يُرَخَّصُ كَمَا رُخِّصَ فِي شُرْبِ الْخَمْرِ لِلْعَطْشَانِ وَأَكْلِ الْمَيْتَةِ فِي الْمَخْمَصَةِ وَهُوَ الْفَتْوَى. اهـ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُعْلَمْ دَوَاءٌ آخَرُ) هَذَا الْمُصَرَّحُ بِهِ فِي عِبَارَةِ النِّهَايَةِ كَمَا مَرَّ وَلَيْسَ فِي عِبَارَةِ الْحَاوِي، إلَّا أَنَّهُ يُفَادُ مِنْ قَوْلِهِ كَمَا رُخِّصَ إلَخْ؛ لِأَنَّ حِلَّ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُمَا أَفَادَهُ ط. قَالَ: وَنَقَلَ الْحَمَوِيُّ أَنَّ لَحْمَ الْخِنْزِيرِ لَا يَجُوزُ التَّدَاوِي بِهِ وَإِنْ تَعَيَّنَ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>