للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزِّنَا بِالْأُجْرَةِ يُسْقِطُ الْحَدَّ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا ابْنُ كَمَالٍ، لَكِنْ صَرَّحَ فِي الْمُضْمَرَاتِ بِوُجُوبِ الْحَدِّ فِيهِ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ ظَاهِرٌ (يَا ابْنَ الْفَاجِرَةِ، أَنْتِ مَأْوَى اللُّصُوصِ، أَنْتِ مَأْوَى الزَّوَانِي، يَا مَنْ يَلْعَبُ بِالصِّبْيَانِ، يَا حَرَامْ زَادَهْ) مَعْنَاهُ الْمُتَوَلِّدُ مِنْ الْوَطْءِ الْحَرَامِ فَيَعُمُّ حَالَةَ الْحَيْضِ. لَا يُقَالُ: فِي الْعُرْفِ لَا يُرَادُ ذَلِكَ بَلْ يُرَادُ وَلَدُ الزِّنَا. لِأَنَّا نَقُولُ: كَثِيرًا مَا يُرَادُ بِهِ الْخَدَّاعُ اللَّئِيمُ فَلِذَا لَا يُحَدُّ

[فَرْعٌ] أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالدِّيَاثَةِ أَوْ عُرِفَ بِهَا لَا يُقْتَلُ مَا لَمْ يَسْتَحِلَّ وَيُبَالَغُ فِي تَعْزِيرِهِ أَوْ يُلَاعَنُ جَوَاهِرُ الْفَتَاوَى. وَفِيهَا: فَاسِقٌ تَابَ وَقَالَ إنْ رَجَعْت إلَى ذَلِكَ فَاشْهَدُوا عَلَيْهِ أَنَّهُ رَافِضِيٌّ فَرَجَعَ لَا يَكُونُ رَافِضِيًّا بَلْ عَاصِيًا، وَلَوْ قَالَ: إنْ رَجَعْت فَهُوَ كَافِرٌ فَرَجَعَ تَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ.

(لَا) يُعَزَّرُ (بِيَا حِمَارُ يَا خِنْزِيرُ، يَا كَلْبُ، يَا تَيْسُ، يَا قِرْدُ) يَا ثَوْرُ يَا بَقَرُ، يَا حَيَّةُ لِظُهُورِ كَذِبِهِ وَاسْتَحْسَنَ فِي الْهِدَايَةِ

ــ

[رد المحتار]

قَوْلُهُ يُسْقِطُ الْحَدَّ) أَيْ حَدَّ الزِّنَا لِشُبْهَةِ الْعَقْدِ، فَلَمْ يَكُنْ قَاذِفًا بِالزِّنَا الْخَالِي عَنْ الْمِلْكِ وَشُبْهَتِهِ، فَلَا يُحَدُّ الْقَاذِفُ أَيْضًا لَكِنَّهُ يُعَزَّرُ.

وَكَتَبَ ابْنُ كَمَالٍ بِهَامِشِ شَرْحِهِ هُنَا أَنَّ النِّسْبَةَ إلَى فِعْلٍ لَا يَجِبُ الْحَدُّ بِذَلِكَ الْفِعْلِ لَا يُوجِبُ الْحَدَّ اهـ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ) لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ صَارَ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً بِمَعْنَى الزَّانِيَةِ فَهُوَ قَذْفٌ بِصَرِيحِ الزِّنَا وَلِأَنَّ الْقَحْبَةَ لَا تَلْتَزِمُ عَقْدَ الْإِجَارَةِ الَّذِي هُوَ عِلَّةُ سُقُوطِ الْحَدِّ عِنْدَ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ يَا مَنْ يَلْعَبُ بِالصِّبْيَانِ) أَيْ مَعَهُمْ نَهْرٌ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ فِي الْعُرْفِ مَنْ يَفْعَلُ مَعَهُمْ الْقَبِيحَ بِقَرِينَةِ الشَّتْمِ وَالْغَضَبِ (قَوْلُهُ فَيَعُمُّ حَالَةَ الْحَيْضِ) أَيْ فَلَمْ يَكُنْ قَذْفًا بِصَرِيحِ الزِّنَا، فَلَا يُوجِبُ الْحَدَّ بَلْ التَّعْزِيرَ

[فَرْعٌ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالدِّيَاثَةِ أَوْ عُرِفَ بِهَا]

(قَوْلُهُ وَيُبَالَغُ فِي تَعْزِيرِهِ) أَيْ فِيمَا إذَا عُرِفَ بِالدِّيَاثَةِ، وَقَوْلُهُ أَوْ يُلَاعَنُ أَيْ فِيمَا إذَا أَقَرَّ بِهَا، فَفِيهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُشَوِّشٌ كَمَا تُفِيدُهُ عِبَارَةُ الْمِنَحِ عَنْ جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى؛ لِأَنَّهُ إذَا لَاعَنَ لَا يَحْتَاجُ إلَى التَّعْزِيرِ وَإِذَا أَكْذَبَ نَفْسَهُ يَلْزَمُهُ الْحَدُّ كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ أَيْضًا.

وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الدَّيُّوثَ مَنْ لَا يَغَارُ عَلَى أَهْلِهِ أَوْ مَحْرَمِهِ؛ فَهُوَ لَيْسَ بِصَرِيحِ الزِّنَا فَكَيْفَ يَجِبُ اللِّعَانُ بِإِقْرَارِهِ بِالدِّيَاثَةِ. قُلْت: الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ إقْرَارُهُ بِمَعْنَاهَا لَا بِلَفْظِهَا أَيْ بِأَنْ قَالَ كُنْت أُدْخِلُ الرِّجَالَ عَلَى زَوْجَتِي يَزْنُونَ بِهَا (قَوْلُهُ تَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ) ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ رُجُوعَهُ عَلَى الْكُفْرِ فَيَنْعَقِدُ يَمِينًا كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ، وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَا يَصِيرُ كَافِرًا بِرُجُوعِهِ، لَكِنْ هَذَا إذَا عُلِمَ أَنَّهُ بِرُجُوعِهِ لَا يَصِيرُ كَافِرًا وَإِلَّا كَفَرَ لِرِضَاهُ بِالْكُفْرِ كَمَا مَرَّ فِي مَحَلِّهِ، وَإِلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ رَافِضِيٍّ كَافِرًا كَمَا مَرَّ، فَلَمْ يَكُنْ تَعْلِيقًا عَلَى الْكُفْرِ

(قَوْلُهُ لِظُهُورِ كَذِبِهِ) أَيْ يَقِينًا كَمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ: الْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ سَبٍّ عَادَ شَيْنُهُ إلَى السَّابِّ فَإِنَّهُ لَا يُعَزَّرُ، فَإِنْ عَادَ الشَّيْنُ فِيهِ إلَى الْمَسْبُوبِ عُزِّرَ اهـ وَإِنَّمَا يَعُودُ شَيْنُهُ إلَى السَّابِّ لِظُهُورِ كَذِبِهِ (قَوْلُهُ وَاسْتَحْسَنَ فِي الْهِدَايَةِ) وَكَذَا فِي الْكَافِي كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

وَنَقَلَ الْقُهُسْتَانِيُّ تَصْحِيحَهُ عَنْ الْفَتَاوَى. وَعِبَارَةُ الْهِدَايَةِ: وَقِيلَ فِي عُرْفِنَا يُعَزَّرُ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ شَيْنًا. وَقِيلَ إنْ كَانَ الْمَسْبُوبُ مِنْ الْأَشْرَافِ كَالْفُقَهَاءِ وَالْعَلَوِيَّةِ يُعَزَّرُ؛ لِأَنَّهُ يَلْحَقُهُمْ الْوَحْشَةُ بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْعَامَّةِ لَا يُعَزَّرُ، وَهَذَا أَحْسَنُ. اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ لَا يُعَزَّرُ مُطْلَقًا وَمُخْتَارُ الْهِنْدُوَانِيُّ أَنَّهُ يُعَزَّرُ مُطْلَقًا، وَالتَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ، قَالَ السَّيِّدُ أَبُو السُّعُودِ: وَقَوَّى شَيْخُنَا مَا اخْتَارَهُ الْهِنْدُوَانِيُّ بِأَنَّهُ الْمُوَافِقُ لِلضَّابِطِ: كُلُّ مَنْ ارْتَكَبَ مُنْكَرًا أَوْ آذَى مُسْلِمًا بِغَيْرِ حَقٍّ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ أَوْ إشَارَةٍ يَلْزَمُهُ التَّعْزِيرُ. قُلْت: وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ لَا يُقْصَدُ بِهَا حَقِيقَةُ اللَّفْظِ حَتَّى يُقَالَ بِظُهُورِ كَذِبِهِ، وَلَوْلَا النَّظَرُ إلَى مَا فِيهَا مِنْ الْأَذَى لَمَا قِيلَ بِالتَّعْزِيرِ بِهَا فِي حَقِّ الْأَشْرَافِ وَإِلَّا فَظُهُورُ الْكَذِبِ فِيهَا مَوْجُودٌ فِي حَقِّ الْكُلِّ فَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِهِمْ مَنْ كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>