للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَوْرَدَ فِيهِ مَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْحَالُ انْتَهَى.

وَفِي الْخَانِيَّةِ تُمَيَّزُ نِسَاؤُهُمْ لَا عَبِيدُهُمْ بِالْكُسْتِيجِ.

[مَطْلَبٌ فِي تَمْيِيزِ أَهْلِ الذِّمَّةِ فِي الْمَلْبَسِ]

(الذِّمِّيُّ إذَا اشْتَرَى دَارًا) أَيْ أَرَادَ شِرَاءَهَا (فِي الْمِصْرِ لَا يَنْبَغِي أَنْ تُبَاعَ مِنْهُ فَلَوْ اشْتَرَى يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهَا مِنْ الْمُسْلِمِ) وَقِيلَ لَا يُجْبَرُ إلَّا إذَا كَثُرَ دُرَرٌ. قُلْت: وَفِي مَعْرُوضَاتِ الْمُفْتِي أَبِي السُّعُودِ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ سُئِلَ عَنْ مَسْجِدٍ لَمْ يَبْقَ فِي أَطْرَافِهِ بَيْتُ أَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَحَاطَ بِهِ الْكَفَرَةُ فَكَانَ الْإِمَامُ وَالْمُؤَذِّنُ فَقَطْ لِأَجْلِ وَظِيفَتِهِمَا يَذْهَبَانِ إلَيْهِ فَيُؤَذِّنَانِ وَيُصَلِّيَانِ بِهِ فَهَلْ تَحِلُّ لَهُمْ الْوَظِيفَةُ؟ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ: تِلْكَ الْبُيُوتُ تَأْخُذُهَا الْمُسْلِمُونَ بِقِيمَتِهَا جَبْرًا عَلَى الْفَوْرِ وَقَدْ وَرَدَ الْأَمْرُ الشَّرِيفُ السُّلْطَانِيُّ بِذَلِكَ فَالْحَاكِمُ لَا يُؤَخِّرُ هَذَا أَصْلًا، وَفِيهَا مِنْ الْجِهَادِ، وَبَعْدَ أَنْ وَرَدَ الْأَمْرُ الشَّرِيفُ السُّلْطَانِيُّ بِعَدَمِ اسْتِخْدَامِ الذِّمِّيِّينَ لِلْعَبِيدِ وَالْجَوَارِي لَوْ اسْتَخْدَمَ ذِمِّيٌّ عَبْدًا أَوْ جَارِيَةً مَاذَا يَلْزَمُهُ؟

ــ

[رد المحتار]

مِنْ إطَالَةِ الْمُقَامِ فَكَذَلِكَ فِي أَرْضِ الْعَرَبِ شَرْحُ السِّيَرِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ حَدَّ الطُّولِ سَنَةٌ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَوْرَدَ فِيهِ مَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْحَالُ) أَيْ فَيَكُونُ الْمَنْعُ هُوَ الْمُتَعَمَّدُ فِي الْمَذْهَبِ.

قُلْت: لَكِنْ الَّذِي ذَكَرَهُ أَصْحَابُ الْمُتُونِ فِي كِتَابِ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ أَنَّ الذِّمِّيَّ لَا يُمْنَعُ مِنْ دُخُولِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَغَيْرِهِ وَذَكَرَ الشَّارِحُ هُنَاكَ أَنَّ قَوْلَ مُحَمَّدٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ الْمَنْعُ مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ هُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَحْدَهُ دُونَ الْإِمَامِ، وَأَنَّ أَصْحَابَ الْمُتُونِ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُتُونَ مَوْضُوعَةٌ لِنَقْلِ مَا هُوَ الْمَذْهَبُ، فَلَا يَعْدِلُ عَمَّا فِيهَا عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ السَّرَخْسِيُّ ذَكَرَ فِي شَرْحِ السِّيَرِ الْكَبِيرِ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ جَاءَ إلَى الْمَدِينَةِ، وَدَخَلَ الْمَسْجِدَ، وَلِذَلِكَ قِصَّةٌ قَالَ فَهَذَا دَلِيلٌ لَنَا عَلَى مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِمَنْعِهِ الْمُشْرِكَ، مِنْ أَنْ يَدْخُلَ شَيْئًا مِنْ الْمَسَاجِدِ ثُمَّ قَالَ: إنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ يُمْنَعُونَ مِنْ دُخُولِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ خَاصَّةً لِلْآيَةِ - {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: ٢٨]- فَأَمَّا عِنْدَنَا لَا يُمْنَعُونَ كَمَا لَا يُمْنَعُونَ عَنْ دُخُولِ سَائِرِ الْمَسَاجِدِ وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ الْحَرْبِيُّ وَالذِّمِّيُّ إلَخْ (قَوْلُهُ وَفِي الْخَانِيَّةِ إلَخْ) كَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمُهُ عَلَى مَسْأَلَةِ الِاسْتِيطَانِ ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ نِسَاءَهُمْ تُمَيَّزُ بِالْكُسْتِيجِ دُونَ الْعَبِيدِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي عِبَارَةِ الْخَانِيَّةِ ذِكْرُ النِّسَاءِ أَصْلًا وَنَصُّهَا: وَلَا يُؤْخَذُ عُبَيْدُ أَهْلِ الذِّمَّةِ بِالْكُسْتِيجَاتِ، وَهَكَذَا نَقَلَهُ عَنْهَا فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ وَعِبَارَةُ النَّهْرِ قَالُوا وَيَجِبُ أَنْ تُمَيَّزَ نِسَاؤُهُمْ أَيْضًا عَنْ نِسَائِنَا فِي الطُّرُقَاتِ وَالْحَمَّامَاتِ وَفِي الْخَانِيَّةِ وَلَا يُؤْخَذُ عُبَيْدُ أَهْلِ الذِّمَّةِ بِالْكُسْتِيجَاتِ. اهـ. . .

مَطْلَبٌ فِي سُكْنَى أَهْلِ الذِّمَّةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمِصْرِ

(قَوْلُهُ الذِّمِّيُّ إذَا اشْتَرَى دَارًا إلَخْ) قَالَ السَّرَخْسِيُّ فِي شَرْحِ السِّيَرِ فَإِنْ مَصَّرَ الْإِمَامُ فِي أَرَاضِيهِمْ لِلْمُسْلِمِينَ كَمَا مَصَّرَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْبَصْرَةَ وَالْكُوفَةَ، فَاشْتَرَى بِهَا أَهْلُ الذِّمَّةِ دُورًا وَسَكَنُوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ، لَمْ يُمْنَعُوا مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّا قَبِلْنَا مِنْهُمْ عَقْدَ الذِّمَّةِ، لِيَقِفُوا عَلَى مَحَاسِنِ الدِّينِ، فَعَسَى أَنْ يُؤْمِنُوا وَاخْتِلَاطُهُمْ بِالْمُسْلِمِينَ وَالسَّكَنِ مَعَهُمْ يُحَقِّقُ هَذَا الْمَعْنَى، وَكَانَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ يَقُولُ: هَذَا إذَا قَلُّوا وَكَانَ بِحَيْثُ لَا تَتَعَطَّلُ جَمَاعَاتُ الْمُسْلِمِينَ وَلَا تَتَقَلَّلُ الْجَمَاعَةُ بِسُكْنَاهُمْ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَأَمَّا إذَا كَثُرُوا عَلَى وَجْهٍ يُؤَدِّي إلَى تَعْطِيلِ بَعْضِ الْجَمَاعَاتِ أَوْ تَقْلِيلِهَا مُنِعُوا مِنْ ذَلِكَ وَأُمِرُوا أَنْ يَسْكُنُوا نَاحِيَةً لَيْسَ فِيهَا لِلْمُسْلِمِينَ جَمَاعَةٌ، وَهَذَا مَحْفُوظٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي الْأَمَالِي. اهـ. (قَوْلُهُ أَيْ أَرَادَ شِرَاءَهَا) إنَّمَا فَسَّرَهُ بِهَذَا لِقَوْلِهِ بَعْدُ لَا يَنْبَغِي أَنْ تُبَاعَ مِنْهُ ط (قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا يُجْبَرُ إلَّا إذَا كَثُرَ) نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الصُّغْرَى بَعْدَ أَنْ نَقَلَهُ عَنْ الْخَانِيَّةِ، بِلَا تَقْيِيدٍ بِالْكَثْرَةِ، وَلَكِنْ لَمْ يُعَبِّرْ عَنْهُ بِقِيلَ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْقَيْدَ يَصْلُحُ تَوْفِيقًا بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ وَهَذَا قَوْلُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ كَمَا عَلِمْته آنِفًا وَمَشَى عَلَيْهِ فِي الْوَهْبَانِيَّةِ وَشَرْحِهَا، وَكَذَا قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>