للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَنْ لِوَلِيٍّ قَالَ طَيُّ مَسَافَةٍ ... يَجُوزُ جَهُولٌ ثُمَّ بَعْضٌ يَكْفُرُ

وَإِثْبَاتُهَا فِي كُلِّ مَا كَانَ خَارِقًا ... عَنْ النَّسَفِيِّ النَّجْمِ يُرْوَى وَيَنْصُرُ

بَابُ الْبُغَاةِ

ــ

[رد المحتار]

السَّالِكِينَ الْمَالِكِينَ لِضَبْطِ أَنْفُسِهِمْ عَنْ قَبَائِحِ الْأَحْوَالِ، فَهُمْ لَا يَسْتَمِعُونَ إلَّا مِنْ الْإِلَهِ، وَلَا يَشْتَاقُونَ إلَّا لَهُ، إنْ ذَكَرُوهُ نَاحُوا، وَإِنْ شَكَرُوهُ بَاحُوا، وَإِنْ وَجَدُوهُ صَاحُوا، وَإِنْ شَهِدُوهُ اسْتَرَاحُوا، وَإِنْ سَرَحُوا فِي حَضْرَةِ قُرْبِهِ سَاحُوا، إذَا غَلَبَ عَلَيْهِمْ الْوَجْدُ بِغَلَبَاتِهِ، وَشَرِبُوا مِنْ مَوَارِدِ إرَادَتِهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ طَرَقَتْهُ طَوَارِقُ الْهَيْبَةِ فَخَرَّ وَذَابَ وَمِنْهُمْ مَنْ بَرَقَتْ لَهُ بَوَارِقُ اللُّطْفِ فَتَحَرَّكَ وَظَابَ، وَمِنْهُمْ مِنْ طَلَعَ عَلَيْهِ الْحُبُّ مِنْ مَطْلَعِ الْقُرْبِ سَكِرَ وَغَابَ، هَذَا مَا عَنَّ لِي فِي الْجَوَابِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

وَمَنْ يَكُ وَجْدُهُ وَجْدًا صَحِيحًا ... فَلَمْ يَحْتَجْ إلَى قَوْلِ الْمُغَنِّي

لَهُ مِنْ زَانَهُ طَرَبٌ قَدِيمٌ ... وَسُكْرٌ دَائِمٌ مِنْ غَيْرِ دَنِّ

اهـ.

مَطْلَبٌ فِي كَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ (قَوْلُهُ وَمَنْ لِوَلِيٍّ إلَخْ) مَنْ مُبْتَدَأٌ وَقَالَ صِلَتُهُ وَجَهُولٌ خَبَرُهُ وَلِوَلِيٍّ مُتَعَلِّقٌ بِيَجُوزُ وَطَيُّ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ يَجُوزُ، وَأَصْلُ التَّرْكِيبِ: وَمَنْ قَالَ طَيُّ مَسَافَةٍ يَجُوزُ لِوَلِيٍّ جَهُولٍ، وَهَذَا قَوْلُ الزَّعْفَرَانِيِّ، وَالْقَائِلُ بِكُفْرِهِ هُوَ ابْنُ مُقَاتِلٍ وَمُحَمَّدُ بْنِ يُوسُفَ ط (قَوْلُهُ وَإِثْبَاتُهَا إلَخْ) قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَقَدْ ذَكَرَ عُلَمَاؤُنَا أَنَّ مَا هُوَ مِنْ الْمُعْجِزَاتِ الْكِبَارِ: كَإِحْيَاءِ الْمَوْتَى، وَقَلْبِ الْعَصَا حَيَّةً وَانْشِقَاقِ الْقَمَرِ. وَإِشْبَاعِ الْجَمْعِ مِنْ الطَّعَامِ، وَخُرُوجِ الْمَاءِ مِنْ بَيْنِ الْأَصَابِعِ لَا يُمْكِنُ إجْرَاؤُهُ كَرَامَةً لِلْوَلِيِّ، وَطَيُّ الْمَسَافَةِ مِنْهُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «زُوِيَتْ لِي الْأَرْضُ» فَلَوْ جَازَ لِغَيْرِهِ لَمْ يَبْقَ فَائِدَةٌ لِلتَّخْصِيصِ، لَكِنْ فِي كَلَامِ الْقَاضِي أَبِي زَيْدٍ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِكُفْرٍ. اهـ. قُلْتُ: وَيَدُلُّ لَهُ مَا قَالُوا فِيمَنْ كَانَ بِالْمَشْرِقِ وَتَزَوَّجَ امْرَأَةً بِالْمَغْرِبِ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ يَلْحَقُهُ فَتَأَمَّلْ. وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ تُؤَيِّدُ الْجَوَازَ. وَقَدْ قَالَ الْعَلَّامَةُ التَّفْتَازَانِيُّ بَعْدَ أَنْ حَكَى عَنْ أَكْثَرِ الْمُعْتَزِلَةِ الْمَنْعَ مِنْ وَأَنَّ الْأُسْتَاذَ أَبَا إِسْحَاقَ يَمِيلُ إلَى قَرِيبٍ مِنْ مَذْهَبِهِمْ، وَحَكَى مَا قَدَّمْنَاهُ، وَأَنَّ إمَامَ الْحَرَمَيْنِ قَالَ الْمَرَضِيُّ عِنْدَنَا تَجْوِيزُ جُمْلَةِ خَوَارِقِ الْعَادَاتِ فِي مَعْرِضِ الْكَرَامَاتِ. ثُمَّ قَالَ: نَعَمْ قَدْ يَرِدُ فِي بَعْضِ الْمُعْجِزَاتِ نَصٌّ قَاطِعٌ، عَلَى أَنَّ أَحَدًا لَا يَأْتِي بِمِثْلِهِ أَصْلًا كَالْقُرْآنِ ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ الْأَقْوَالِ.

ثُمَّ قَالَ: وَالْإِنْصَافُ مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ النَّسَفِيُّ حِين سُئِلَ عَمَّا يُحْكَى أَنَّ الْكَعْبَةَ كَانَتْ تَزُورُ وَاحِدًا مِنْ الْأَوْلِيَاءِ، هَلْ يَجُوزُ الْقَوْلُ بِهِ فَقَالَ: نَقْضُ الْعَادَةِ عَلَى سَبِيلِ الْكَرَامَةِ لِأَهْلِ الْوِلَايَةِ جَائِزٌ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ. قُلْت: النَّسَفِيُّ هَذَا هُوَ الْإِمَامُ نَجْمُ الدِّينِ عُمَرُ مُفْتِي الْإِنْسِ وَالْجِنِّ رَأْسُ الْأَوْلِيَاءِ فِي عَصْرِهِ. اهـ. مِنْ شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ، وَتَمَامُهُ فِيهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ

[بَابُ الْبُغَاةِ]

ِ أَخَّرَهُ لِقِلَّةِ وُجُودِهِ، وَلِبَيَانِ حُكْمِ مَنْ يُقْتَلُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ مَنْ يُقْتَلُ مِنْ الْكُفَّارِ بَحْرٌ. قُلْت: وَلَمْ يُتَرْجِمْ لَهُ بِكِتَابٍ إشَارَةً إلَى دُخُولِهِ تَحْتَ كِتَابِ الْجِهَادِ لِأَنَّ الْقِتَالَ مَعَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى وَلِذَا كَانَ الْمَقْتُولُ مِنَّا شَهِيدًا كَمَا سَيَأْتِي إذْ لَا يَخْتَصُّ الْجِهَادُ بِقِتَالِ الْكُفَّارِ، وَبِهِ انْدَفَعَ مَا فِي النَّهْرِ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَالْبُغَاةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>