للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مَطْلَبٌ فِي كَرَاهَةِ بَيْعِ مَا تَقُومُ الْمَعْصِيَةُ بِعَيْنِهِ]

كِتَابُ اللَّقِيطِ عَقَّبَهُ مَعَ اللُّقَطَةِ بِالْجِهَادِ لِعَرْضِيَّتِهِمَا لِفَوَاتِ النَّفْسِ وَالْمَالِ، وَقُدِّمَ اللَّقِيطُ لِتَعَلُّقِهِ بِالنَّفْسِ، وَهِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْمَالِ. (هُوَ) لُغَةً مَا يُلْقَطُ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ ثُمَّ غُلِّبَ عَلَى الْوَلَدِ الْمَنْبُوذِ بِاعْتِبَارِ الْمَآلِ وَشَرْعًا (اسْمٌ لِحَيٍّ مَوْلُودٍ طَرَحَهُ أَهْلُهُ خَوْفًا مِنْ الْعَيْلَةِ أَوْ فِرَارًا مِنْ تُهْمَةِ الرِّيبَةِ) مُضَيِّعُهُ آثِمٌ مُحْرِزُهُ غَانِمٌ (الْتِقَاطُهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ هَلَاكُهُ لَوْ لَمْ يَرْفَعْهُ) وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ غَيْرُهُ فَفَرْضُ عَيْنٍ، وَمِثْلُهُ رُؤْيَةُ أَعْمَى يَقَعُ فِي بِئْرٍ شُمُنِّيٌّ (وَإِلَّا فَمَنْدُوبٌ) لِمَا فِيهِ مِنْ الشَّفَقَةِ وَالْإِحْيَاءِ و (هُوَ حُرٌّ)

ــ

[رد المحتار]

[كِتَابُ اللَّقِيطِ]

ِ أَيْ كِتَابُ لَقْطِ اللَّقِيطِ قُهُسْتَانِيٌّ، وَالْأَوْلَى قَوْلُ الْحَمَوِيِّ كِتَابٌ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ اللَّقِيطِ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَ مَعْقُودٌ لِبَيَانِ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ لَقْطِهِ كَنَفَقَتِهِ وَجِنَايَتِهِ وَإِرْثِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ط (قَوْلُهُ: عَقَّبَهُ مَعَ اللُّقَطَةِ بِالْجِهَادِ) تَبِعَ فِي هَذَا التَّعْبِيرِ صَاحِبَ النَّهْرِ، وَفِيهِ قَلْبٌ، وَصَوَابُهُ عَقِبَ الْجِهَادِ بِهِ مَعَ اللُّقَطَةِ ط.

قُلْت: لَكِنْ فِي الْمِصْبَاحِ كُلُّ شَيْءٍ جَاءَ بَعْدَ شَيْءٍ فَقَدْ عَاقَبَهُ وَعَقِبَهُ تَعْقِيبًا، ثُمَّ قَالَ وَعَقَبْت زَيْدًا عَقِبًا مِنْ بَابِ قَتَلَ وَعُقُوبًا جِئْت بَعْدَهُ، ثُمَّ قَالَ وَالسَّلَامُ يَعْقُبُ التَّشَهُّدَ أَيْ يَتْلُوهُ، فَهُوَ عَقِيبٌ لَهُ. اهـ. فَعَلَى هَذَا إذَا قُلْت أَعْقَبْت زَيْدًا عَمْرًا كَانَ مَعْنَاهُ جَعَلْت زَيْدًا تَالِيًا لِعَمْرٍو؛ لِأَنَّ زَيْدًا فَاعِلٌ فِي الْأَصْلِ كَمَا أَلْبَسْت زَيْدًا جُبَّةً وَكَذَا تَقُولُ أَعْقَبْت السَّلَامَ التَّشَهُّدَ: أَيْ أَتَيْت بِالسَّلَامِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ، وَمِثْلُهُ أَعْقَبْت السَّلَامَ بِالتَّشَهُّدِ بِزِيَادَةِ الْبَاءِ، وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ عَقَّبَ اللَّقِيطَ بِالْجِهَادِ مَعْنَاهُ أَتَى بِهِ عَقِبَ الْجِهَادِ فَلَا قَلْبَ فِيهِ، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي (قَوْلُهُ: لِعَرَضِيَّتِهِمَا) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالرَّاءِ اهـ ح: أَيْ لِتَوَقُّعِ عُرُوضِ الْهَلَاكِ وَالزَّوَالِ فِيهِمَا: أَيْ كَمَا أَنَّ الْأَنْفُسَ وَالْأَمْوَالَ فِي الْجِهَادِ عَلَى شَرَفِ الْهَلَاكِ، وَإِنَّمَا قَدَّمَهُ عَلَيْهِمَا لِكَوْنِهِ فَرْضًا لِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَالِالْتِقَاطُ مَنْدُوبٌ (قَوْلُهُ: مَا يُلْقَطُ) أَيْ يُرْفَعُ مِنْ الْأَرْضِ فَتْحٌ (قَوْلُهُ ثُمَّ غُلِّبَ) أَيْ فِي اللُّغَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمَغْرِبِ وَالْمِصْبَاحِ، فَهُوَ كَاسْتِعْمَالِهِمْ اللَّفْظَ بِمَعْنَى الْمَلْفُوظِ ثُمَّ تَخْصِيصُهُ بِمَا يَلْفِظُهُ الْفَمُ مِنْ الْحُرُوفِ (قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارِ الْمَآلِ) ؛ لِأَنَّهُ يَئُولُ أَمْرُهُ إلَى الِالْتِقَاطِ فِي الْعَادَةِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ مَجَازٌ لُغَوِيٌّ بِعَلَاقَةِ الْأَوَّلِ مِثْلَ - {أَعْصِرُ خَمْرًا} [يوسف: ٣٦]- وَانْظُرْ مَا قَدَّمْنَاهُ فِي بَابِ كَيْفِيَّةِ الْقِسْمَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ سَمَّاهُ قَتِيلًا إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَشَرْعًا اسْمٌ لِحَيٍّ مَوْلُودٍ إلَخْ) كَذَا فِي الْبَحْرِ، وَظَاهِرُ الْفَتْحِ اتِّحَادُ الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ وَاللُّغَوِيِّ، وَعَلَى مَا هُنَا فَالْمُغَايَرَةُ بَيْنَهُمَا بِزِيَادَةِ قَيْدِ الْحَيَاةِ وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ كَذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ حَتَّى يُحْكَمَ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِلدَّارِ فَيُغْسَلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ، وَلَوْ وُجِدَ قَتِيلًا فِي مَحَلَّةٍ تَجِبُ فِيهِ الدِّيَةُ وَالْقَسَامَةُ كَمَا سَنَذْكُرُهُ تَأَمَّلْ، وَالْمُرَادُ بِهِ مَا كَانَ مِنْ بَنِي آدَمَ كَمَا نُقِلَ عَنْ الأتقاني، وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ طَرَحَهُ أَهْلُهُ. احْتِرَازًا عَنْ الضَّائِعِ (قَوْلُهُ: خَوْفًا مِنْ الْعَيْلَةِ) بِالْفَتْحِ: الْفَقْرُ مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ: فِرَارًا مِنْ تُهْمَةِ الرِّيبَةِ) التُّهْمَةُ: بِفَتْحِ الْهَاءِ وَسُكُونِهَا الشَّكُّ وَالرِّيبَةُ مِصْبَاحٌ. وَفِيهِ أَيْضًا: الرِّيبَةُ الظَّنُّ وَالشَّكُّ، لَكِنَّ الْمُرَادَ بِهَا هُنَا الزِّنَا (قَوْلُهُ: مُضَيِّعُهُ) أَيْ طَارِحُهُ أَوْ تَارِكُهُ حَتَّى ضَاعَ أَيْ هَلَكَ (قَوْلُهُ: إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ هَلَاكُهُ) بِأَنْ وَجَدَهُ فِي مَفَازَةٍ وَنَحْوِهَا مِنْ الْمَهَالِكِ، وَلَيْسَ مُرَادُ الْكَنْزِ مِنْ الْوُجُوبِ الِاصْطِلَاحِيِّ بَلْ الِافْتِرَاضُ، فَلَا خِلَافَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ بَاقِي الْأَئِمَّةِ كَمَا قَدْ تَوَهَّمَ بَحْرٌ. قَالَ فِي النَّهْرِ: وَفِيهِ إيمَاءٌ إلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمُلْتَقَطِ كَوْنُهُ مُكَلَّفًا، فَلَا يَصِحُّ الْتِقَاطُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مُسْلِمًا عَدْلًا رَشِيدًا لِمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ الْتِقَاطَ الْكَافِرِ صَحِيحٌ وَالْفَاسِقِ أَوْلَى، وَأَنَّ الْعَبْدَ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ يَصِحُّ الْتِقَاطُهُ أَيْضًا، فَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ أَوْلَى. اهـ.

وَيَأْتِي قَرِيبًا تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى الْمَحْجُورِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَمَنْدُوبٌ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْرُمَ طَرْحُهُ بَعْدَ الْتِقَاطِهِ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْتِقَاطِهِ حِفْظُهُ فَلَا يَمْلِكُ رَدَّهُ إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ حُرٌّ)

<<  <  ج: ص:  >  >>