للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ السِّرَاجُ وَالْبِسَاطُ كَذَلِكَ إلَى آخِرِ الْمَصَالِحِ وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ (وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ الْوَقْفُ) لِثُبُوتِهِ اقْتِضَاءً

[مَطْلَبٌ يَبْدَأُ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ بِعِمَارَتِهِ]

وَتُقْطَعُ الْجِهَاتُ لِلْعِمَارَةِ إنْ لَمْ يُخَفْ ضَرَرٌ بَيِّنٌ فَتْحٌ، فَإِنْ خِيفَ كَإِمَامٍ وَخَطِيبٍ وَفِرَاشٍ قُدِّمُوا

ــ

[رد المحتار]

الْوَقْفُ عَلَى جُمْلَةِ الْمُسْتَحِقِّينَ بِلَا تَعْيِينٍ قُدِّرَ لِكُلٍّ فَلَوْ بِهِ فَلَا يَنْبَغِي جَعْلُ الْحُكْمِ كَذَلِكَ اهـ أَيْ بَلْ يُصْرَفُ إلَى كُلٍّ مِنْهُمْ الْقَدْرُ الَّذِي عَيَّنَهُ الْوَاقِفُ، ثُمَّ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى: وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ لَا فَرْقَ بَيْنَ التَّعْيِينِ وَعَدَمِهِ؛ لِأَنَّ الصَّرْفَ إلَى مَا هُوَ قَرِيبٌ مِنْ الْعِمَارَةِ كَالْعِمَارَةِ وَهِيَ مُقَدَّمَةٌ مُطْلَقًا، وَيُقَوِّيهِ تَجْوِيزُهُمْ مُخَالَفَةَ شَرْطِ الْوَاقِفِ فِي سَبْعَةِ مَسَائِلَ مِنْهَا: الْإِمَامُ لَوْ شَرَطَ لَهُ مَا لَا يَكْفِيهِ يُخَالِفُ شَرْطَهُ اهـ. قُلْت: وَهَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ الْبَحْرِ حَيْثُ قَالَ: وَالتَّسْوِيَةُ بِالْعِمَارَةِ تَقْتَضِي تَقْدِيمَهُمَا أَيْ الْإِمَامِ وَالْمُدَرِّسِ عِنْدَ شَرْطِ الْوَاقِفِ إنَّهُ إذَا ضَاقَ رِيعُ الْوَقْفِ قُسِمَ الرِّيعُ عَلَيْهِمْ بِالْحِصَّةِ وَأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ لَا يُعْتَبَرُ. اهـ.

وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الْوَجْهَ يَقْتَضِي أَنَّ مَا كَانَ قَرِيبًا مِنْ الْعِمَارَةِ يُلْحَقُ بِهَا فِي التَّقْدِيمِ عَلَى بَقِيَّةِ الْمُسْتَحِقِّينَ، وَإِنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ قِسْمَةَ الرِّيعِ عَلَى الْجَمِيعِ بِالْحِصَّةِ أَوْ جَعَلَ لِلْكُلِّ قَدْرًا وَكَانَ مَا قَدَّرَهُ لِلْإِمَامِ وَنَحْوِهِ لَا يَكْفِيهِ فَيُعْطِي قَدْرَ الْكِفَايَةِ لِئَلَّا يَلْزَمَ تَعْطِيلُ الْمَسْجِدِ، فَيُقَدِّمُ أَوَّلًا الْعِمَارَةَ الضَّرُورِيَّةَ ثُمَّ الْأَهَمَّ فَالْأَهَمَّ مِنْ الْمَصَالِحِ وَالشَّعَائِرِ بِقَدْرِ مَا يُقَوَّمُ بِهِ الْحَالُ، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ يُعْطَى لِبَقِيَّةِ الْمُسْتَحِقِّينَ إذْ لَا شَكَّ أَنَّ مُرَادَ الْوَاقِفِ انْتِظَامُ حَالِ مَسْجِدِهِ أَوْ مَدْرَسَتِهِ لَا مُجَرَّدُ انْتِفَاعِ أَهْلِ الْوَقْفِ، وَإِنْ لَزِمَ تَعْطِيلُهُ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْحَاوِي الْمَذْكُورِ، وَلَكِنْ يُمْكِنُ إرْجَاعُ الْإِشَارَةِ فِي قَوْلِ الْحَاوِي هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا إلَخْ إلَى صَدْرِ عِبَارَتِهِ، يَعْنِي أَنَّ الصَّرْفَ إلَى مَا هُوَ أَقْرَبُ إلَى الْعِمَارَةِ كَالْإِمَامِ وَنَحْوِهِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْوَقْفُ مُعَيَّنًا عَلَى جَمَاعَةٍ مَعْلُومِينَ كَالْمَسْجِدِ وَالْمَدْرَسَةِ، أَمَّا لَوْ كَانَ مُعَيَّنًا كَالدَّارِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَى الذُّرِّيَّةِ أَوْ الْفُقَرَاءِ فَإِنَّهُ بَعْدَ الْعِمَارَةِ يُصْرَفُ الرِّيعُ إلَى مَا عَيَّنَهُ الْوَاقِفُ بِلَا تَقْدِيمٍ لِأَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ بِقَدْرِ الْكِفَايَةِ لَا بِقَدْرِ الشَّرْطِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ الْآتِي: فَيُعْطُوا الْمَشْرُوطَ وَقَوْلُهُ: فَلَهُمْ أُجْرَةُ عَمَلِهِمْ، فَيَأْتِي الْكَلَامُ فِيهِ (قَوْلُهُ: لِثُبُوتِهِ اقْتِضَاءً) لِأَنَّ قَصْدَ الْوَاقِفِ صَرْفَ الْغَلَّةِ مُؤَبَّدًا وَلَا تَبْقَى دَائِمَةً إلَّا بِالْعِمَارَةِ فَيَثْبُتُ شَرْطُ الْعِمَارَةِ اقْتِضَاءً بَحْرٌ وَمِثْلُهَا مَا هُوَ قَرِيبٌ مِنْهَا كَمَا قَرَّرْنَاهُ آنِفًا.

مَطْلَبٌ فِي قَطْعِ الْجِهَاتِ لِأَجْلِ الْعِمَارَةِ (قَوْلُهُ: وَتُقْطَعُ الْجِهَاتُ) أَيْ تُمْنَعُ مِنْ الصَّرْفِ إلَيْهَا، وَعِبَارَةُ الْفَتْحِ وَتُقْطَعُ الْجِهَاتُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهَا لِلْعِمَارَةِ إنْ لَمْ يُخَفْ ضَرَرٌ بَيِّنٌ فَإِنْ خِيفَ قُدِّمَ اهـ أَيْ إنَّ مَنْ يُخَافُ بِقَطْعِهِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ كَإِمَامٍ وَنَحْوِهِ يُقَدَّمُ أَيْ عَلَى بَقِيَّةِ الْمُسْتَحِقِّينَ مِمَّنْ لَيْسَ فِي قَطْعِهِمْ ضَرَرٌ بَيِّنٌ لَا عَلَى الْعِمَارَةِ فَافْهَمْ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الْعِمَارَةَ الْغَيْرَ الضَّرُورِيَّةِ، فَإِنَّ الْإِمَامَ يُقَدَّمُ عَلَيْهَا وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ: قُدِّمَ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ بِقَرِينَةِ صَدْرِ الْعِبَارَةِ، لَكِنْ يَصِيرُ مُفَادُهُ أَنَّ مَنْ فِي قَطْعِهِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ يُسَاوِي الْعِمَارَةَ فَيُصْرَفُ أَوَّلًا إلَيْهَا وَإِلَيْهِ وَهُوَ خِلَافُ الْمُفَادِ مِنْ التَّعْبِيرِ بِثُمَّ فِي عِبَارَةِ الْحَاوِي كَمَا مَرَّ، فَإِمَّا أَنْ يُرَادَ بِثُمَّ مَعْنَى الْوَاوِ كَمَا هُوَ مُفَادُ كَلَامِ الْبَحْرِ، أَوْ يُرَادَ بِالْعِمَارَةِ فِيمَا مَرَّ الضَّرُورِيَّةُ كَرَفْعِ سَقْفٍ أَوْ جِدَارٍ، فَيُصْرَفُ الرِّيعُ إلَيْهَا أَوَّلًا كَمَا هُوَ مُفَادُ الْمُتُونِ، ثُمَّ الْفَاضِلُ إلَى الْجِهَاتِ الضَّرُورِيَّةِ الْأَهَمُّ فَالْأَهَمُّ دُونَ غَيْرِهَا كَالشَّاهِدِ وَالْجَابِي وَخَازِنِ الْكُتُبِ وَنَحْوِهِمْ، وَيُرَادُ بِمَا فِي الْفَتْحِ الْعِمَارَةُ الْغَيْرُ الضَّرُورِيَّةِ فَتُقَدَّمُ الْجِهَاتُ الضَّرُورِيَّةُ عَلَيْهَا أَوْ تُشَارِكُهَا إذَا كَانَ الرِّيعُ يَكْفِي كُلًّا مِنْهُمَا، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَوْ اُحْتِيجَ قَطْعُ الْكُلِّ لِلْعِمَارَةِ الضَّرُورِيَّةِ قُدِّمَتْ عَلَى جَمِيعِ الْجِهَاتِ؛ إذْ لَيْسَ مِنْ النَّظَرِ خَرَابُ الْمَسْجِدِ لِأَجْلِ إمَامٍ وَمُؤَذِّنٍ. فَالْحَاصِلُ: أَنَّ التَّرْتِيبَ الْمُسْتَفَادَ مِنْ عِبَارَةِ الْحَاوِي بِالنَّظَرِ إلَى تَقْدِيمِ الْعِمَارَةِ الضَّرُورِيَّةِ، عَلَى جَمِيعِ الْجِهَاتِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>