للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مَطْلَبٌ فِي الِاسْتِدَانَةِ عَلَى الْوَقْفِ]

وَهَلْ لِلْمُتَوَلِّي شِرَاءُ مَتَاعٍ فَوْقَ قِيمَتِهِ ثُمَّ بَيْعُهُ لِلْعِمَارَةِ وَيَكُونُ الرِّبْحُ عَلَى الْوَقْفِ؟ الْجَوَابُ: نَعَمْ.

ــ

[رد المحتار]

وَتَفْسِيرُ الِاسْتِدَانَةِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ أَنْ لَا يَكُونَ لِلْوَاقِفِ غَلَّةٌ فَيَحْتَاجُ إلَى الْقَرْضِ وَالِاسْتِدَانَةِ، أَمَّا إذَا كَانَ لِلْوَقْفِ غَلَّةٌ فَأَنْفَقَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لِإِصْلَاحِ الْوَقْفِ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ فِي غَلَّةِ الْوَقْفِ اهـ وَمُفَادُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَرْضِ الْإِقْرَاضُ مِنْ مَالِهِ لَا الِاسْتِقْرَاضُ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ لِدُخُولِهِ فِي الِاسْتِدَانَةِ مَطْلَبٌ فِي إنْفَاقِ النَّاظِرِ مِنْ مَالِهِ عَلَى الْعِمَارَةِ

وَفِي فَتَاوَى الْحَانُوتِيِّ الَّذِي وَقَفْتُ عَلَيْهِ فِي كَلَامِ أَصْحَابِنَا أَنَّ النَّاظِرَ إذَا أَنْفَقَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ عَلَى عِمَارَةِ الْوَقْفِ، لِيَرْجِعَ فِي غَلَّتِهِ لَهُ الرُّجُوعُ دِيَانَةً، لَكِنْ لَوْ ادَّعَى ذَلِكَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ، بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يُشْهِدَ أَنَّهُ أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ كَمَا فِي الرَّابِعِ وَالثَّلَاثِينَ مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ الِاسْتِدَانَةِ عَلَى الْوَقْفِ وَإِلَّا لَمَا جَازَ إلَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي وَلَمْ يُكَلَّفْ الْإِشْهَادَ. اهـ.

قُلْت: لَكِنْ يَنْبَغِي تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ لِلْوَقْفِ غَلَّةٌ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِ الْقَاضِي كَمَا أَفَادَهُ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ الْخَانِيَّةِ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ فِي الْخَانِيَّةِ أَيْضًا لَا يَمْلِكُ الِاسْتِدَانَةَ إلَّا بِأَمْرِ الْقَاضِي، وَتَفْسِيرُ الِاسْتِدَانَةِ أَنْ يَشْتَرِيَ لِلْوَقْفِ شَيْئًا وَلَيْسَ فِي يَدِهِ شَيْءٌ مِنْ الْغَلَّةِ أَمَّا لَوْ كَانَ فِي يَدِهِ شَيْءٌ، فَاشْتَرَى لِلْوَقْفِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ، وَلَوْ بِلَا أَمْرِ قَاضٍ اهـ وَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي إنْفَاقِهِ بِنَفْسِهِ يَأْتِي مِثْلُهُ فِي إذْنِهِ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَوْ غَيْرِهِ بِالْإِنْفَاقِ فَلَيْسَ مِنْ الِاسْتِدَانَةِ مَطْلَبٌ فِي إذْنِ النَّاظِرِ لِلْمُسْتَأْجِرِ بِالْعِمَارَةِ

وَفِي الْخَيْرِيَّةِ سُئِلَ فِي عِلِّيَّةِ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ تَهَدَّمَتْ فَأَذِنَ النَّاظِرُ لِرَجُلٍ بِأَنْ يُعَمِّرَهَا مِنْ مَالِهِ فَمَا الْحُكْمُ فِيمَا صَرَفَهُ مِنْ مَالِهِ بِإِذْنِهِ أَجَابَ: اعْلَمْ أَنَّ عِمَارَةَ الْوَقْفِ بِإِذْنِ مُتَوَلِّيهِ: لِيَرْجِعَ بِمَا أَنْفَقَ يُوجِبُ الرُّجُوعَ بِاتِّفَاقِ أَصْحَابِنَا وَإِذَا لَمْ يَشْتَرِطْ الرُّجُوعَ ذَكَرَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِي عِمَارَةِ النَّاظِرِ بِنَفْسِهِ قَوْلَيْنِ، وَعِمَارَةُ مَأْذُونِهِ كَعِمَارَتِهِ فَيَقَعُ فِيهَا الْخِلَافُ وَقَدْ جَزَمَ فِي الْقُنْيَةِ وَالْحَاوِي بِالرُّجُوعِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ إذَا كَانَ يَرْجِعُ مُعْظَمُ الْعِمَارَةِ إلَى الْوَقْفِ اهـ.

قُلْت: وَفِي الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ إجَارَاتِ التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْحَاوِي سُئِلَ عَمَّنْ آجَرَ مَنْزِلًا لِرَجُلٍ وَقَفَهُ وَالِدُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى أَوْلَادِهِ وَأَنْفَقَ الْمُسْتَأْجِرُ فِي عِمَارَتِهِ بِأَمْرِ الْمُؤَجِّرِ قَالَ: إنْ كَانَ لِلْمُؤَجِّرِ وِلَايَةٌ عَلَى الْوَقْفِ يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ عَلَى الْوَقْفِ وَإِلَّا كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ مُتَطَوِّعًا وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ اهـ وَظَاهِرُهُ مَعَ مَا مَرَّ عَنْ الْخَيْرِيَّةِ أَنَّهُ يَرْجِعُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ الْقَيِّمِ مَالٌ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْخَانِيَّةِ فِيمَا لَوْ أَنْفَقَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، فَلَعَلَّ مَا هُنَا مَبْنِيٌّ عَلَى رِوَايَةِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الِاسْتِدَانَةِ إذْنُ الْقَاضِي، وَإِلَّا فَهُوَ مُشْكِلٌ فَلْيُتَأَمَّلْ وَإِذَا قُلْنَا بِبِنَائِهِ عَلَى ذَلِكَ فَعَلَى هَذَا مَا يُفْعَلُ فِي زَمَانِنَا فِي إثْبَاتِ الْمُرْصَدِ مِنْ تَحْكِيمِ قَاضٍ حَنْبَلِيٍّ يَرَى صِحَّةَ إذْنِ النَّاظِرِ لِلْمُسْتَأْجِرِ بِالْعِمَارَةِ الضَّرُورِيَّةِ بِلَا أَمْرِ قَاضٍ غَيْرُ لَازِمٍ

(قَوْلُهُ: فَوْقَ قِيمَتِهِ) أَيْ شِرَاءٍ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ فَوْقَ مَا يُبَاعُ بِثَمَنٍ حَالٍّ لِأَنَّ قِيمَةَ الْمُؤَجَّلِ فَوْقَ قِيمَةِ الْحَالِّ (قَوْلُهُ وَيَكُونُ الرِّبْحُ) أَيْ مَا رَبِحَهُ بَائِعُ الْمَتَاعِ بِسَبَبِ التَّأْجِيلِ. مَطْلَبٌ لَوْ اشْتَرَى الْقَيِّمُ الْعَشَرَةَ بِثَلَاثَةَ عَشَرَ فَالرِّبْحُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: الْجَوَابُ نَعَمْ) كَذَا حَرَّرَهُ ابْنُ وَهْبَانَ أَشْبَاهٌ لَكِنْ فِي الْقُنْيَةِ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ غَلَّةٌ لِلْعِمَارَةِ فِي الْحَالِ، فَاسْتَقْرَضَ الْعَشَرَةَ بِثَلَاثَةَ عَشَرَ فِي السَّنَةِ وَاشْتَرَى مِنْ الْمُقْرِضِ شَيْئًا يَسِيرًا ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ يَرْجِعُ فِي غَلَّتِهِ الْعَشَرَةُ وَعَلَيْهِ الزِّيَادَةُ اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>