للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مَطْلَبٌ فِي إقَالَةِ الْمُتَوَلِّي عَقْدَ الْإِجَارَةِ]

وَلَوْ آجَرَ لِابْنِهِ لَمْ يَجُزْ خِلَافًا لَهُمَا كَعَبْدِهِ اتِّفَاقًا هَذَا لَوْ بَاشَرَ بِنَفْسِهِ فَلَوْ الْقَاضِيَ صَحَّ وَكَذَا الْوَصِيُّ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ. وَقَفَ عَلَى أَصْحَابِ الْحَدِيثِ لَا يَدْخُلُ فِيهِ الشَّافِعِيُّ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي طَلَبِ الْحَدِيثِ وَيَدْخُلُ الْحَنَفِيُّ كَانَ فِي طَلَبِهِ أَوْ لَا بَزَّازِيَّةٌ: أَيْ لِكَوْنِهِ يَعْمَلُ بِالْمُرْسَلِ وَيُقَدِّمُ خَبَرَ الْوَاحِدِ عَلَى الْقِيَاسِ، وَجَازَ عَلَى حَفْرِ الْقُبُورِ وَالْأَكْفَانِ لَا عَلَى الصُّوفِيَّةِ وَالْعُمْيَانِ فِي الْأَصَحِّ.

ــ

[رد المحتار]

مَطْلَبٌ لَوْ آجَرَ الْمُتَوَلِّي لِابْنِهِ أَوْ أَبِيهِ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ آجَرَ لِابْنِهِ) أَيْ الْكَبِيرِ إذْ الصَّغِيرُ تَبَعٌ لَهُ شَرْحُ الْوَهْبَانِيَّةِ وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ لَوْ بَاعَ الْقَيِّمُ مَالَ الْوَقْفِ أَوْ آجَرَ مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةٌ لَهُ لَمْ يَجُزْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةِ، وَكَذَا الْوَصِيُّ وَقِيلَ الْوَصِيُّ كَمُضَارِبٍ، وَفِيهِ الْمُتَوَلِّي إذَا آجَرَ دَارَ الْوَقْفِ مِنْ ابْنِهِ الْبَالِغِ أَوْ أَبِيهِ لَمْ يَجُزْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ كَبَيْعِ الْوَصِيِّ لَوْ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ، صَحَّ عِنْدَهُمَا، وَلَوْ خَيْرًا لِلْيَتِيمِ صَحَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَكَذَا مُتَوَلٍّ آجَرَ مِنْ نَفْسِهِ لَوْ خَيِّرًا صَحَّ، وَإِلَّا لَا وَمَعْنَى الْخَيِّرِ مَرَّ فِي بَيْعِ الْوَصِيِّ مِنْ نَفْسِهِ، وَبِهِ يُفْتَى اهـ وَاَلَّذِي مَرَّ هُوَ قَوْلُهُ فِي شِرَاءِ مَالِ الصَّغِيرِ جَازَ لِلْوَصِيِّ ذَلِكَ لَوْ خَيِّرًا وَتَفْسِيرُهُ أَنْ يَأْخُذَ بَخَمْسَةَ عَشَرَ مَا يُسَاوِي عَشَرَةً أَوْ يَبِيعُ مِنْهُ بِعَشَرَةٍ مَا يُسَاوِي خَمْسَةَ عَشَرَ وَبِهِ يُفْتَى. اهـ. (قَوْلُهُ: كَعَبْدِهِ اتِّفَاقًا) وَكَذَا لَوْ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: هَذَا لَوْ بَاشَرَ بِنَفْسِهِ) أَمَّا لَوْ ذَهَبَ إلَى الْقَاضِي فَآجَرَهُ صَحَّ شَرْحُ الْوَهْبَانِيَّةِ عَنْ الْخَانِيَّةِ.

قُلْت: وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا مَرَّ عِنْدَ قَوْلِهِ وِلَايَةُ نَصْبِ الْقَيِّمِ إلَى الْوَاقِفِ، ثُمَّ لِوَصِيِّهِ ثُمَّ لِلْقَاضِي مِنْ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ مَعَ وُجُودِ الْمُتَوَلِّي وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ عَلَى مَا فِيهِ مِنْ النِّزَاعِ عِنْدَ صِحَّةِ تَصَرُّفِ الْمُتَوَلِّي بِنَفْسِهِ، وَهُنَا لَا يَصِحُّ وَقَدَّمْنَا عِنْدَ الْكَلَامِ، عَلَى قَطْعِ الْجِهَاتِ لِلتَّعْمِيرِ أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ لَوْ عَمِلَ كَالْفَاعِلِ وَالْبَنَّاءِ، فَلَهُ قَدْرُ أُجْرَتِهِ لَوْ أَمَرَهُ الْحَاكِمُ وَإِلَّا فَلَا إذْ لَا يَصْلُحُ مُؤَجِّرًا وَمُسْتَأْجَرًا وَهَذِهِ الْعِلَّةُ جَارِيَةٌ هُنَا وَقَدَّمْنَا أَيْضًا أَوَّلَ الْفَصْلِ إذَا شَرَطَ الْوَاقِفَ أَنْ لَا تُؤْجَرَ الْأَرْضُ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ، وَكَانَتْ إجَارَتُهَا أَكْثَرَ أَنْفَعُ لِلْفُقَرَاءِ فَلَيْسَ لِلْقَيِّمِ أَنْ يُؤْجِرَهَا أَكْثَرَ بَلْ يُرْفَعُ الْأَمْرُ لِلْقَاضِي لِيُؤْجِرَهَا لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةَ النَّظَرِ لِلْفُقَرَاءِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْوَصِيُّ) أَيْ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ بِخِلَافِ وَصِيِّ الْقَاضِي؛ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ، وَلَا شِرَاؤُهُ مَالَ الْيَتِيمِ وَلَوْ خَيْرًا كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ وَالْإِجَارَةُ بَيْعُ الْمَنَافِعِ أَفَادَهُ ط (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْوَكِيلِ) فَإِنَّهُ لَا يَعْقِدُ مَعَ مَنْ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ لَهُ لِلتُّهْمَةِ عِنْدَ الْإِمَامِ إذَا أَطْلَقَ لَهُ الْمُوَكِّلُ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهَا أَفَادَهُ ط (قَوْلُهُ: أَيْ لِكَوْنِهِ يَعْمَلُ بِالْمُرْسَلِ) هُوَ مَنْ سَقَطَ مِنْهُ الصَّحَابِيُّ ط وَهَذَا التَّعْلِيلُ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ بِقَوْلِهِ: وَفِي حِفْظِي تَعْلِيلُهُ بِكَوْنِهِ إلَخْ، وَلَكِنِّي لَمْ أَظْفَرْ بِهِ الْآنَ. اهـ.

قُلْت: وَوَجْهُهُ أَنَّهُ عَمِلَ بِكُلِّ الْأَحَادِيثِ حَيْثُ لَمْ يَتْرُكْ الْعَمَلَ بِهَذَيْنِ، فَصَارَ أَحَقَّ بِإِطْلَاقِ هَذَا اللَّفْظِ عَلَيْهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا عِنْدَ عَدَمِ الْعُرْفِ أَمَّا إذَا تُعُورِفَ إطْلَاقُهُ عَلَى مَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ هَذَا الْعِلْمُ حَتَّى اُشْتُهِرَ بِهِ، وَصَارَ يُطْلَقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ تَعَيَّنَ حَمْلُهُ عَلَى عُرْفِ الْوَاقِفِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي مَسْأَلَةِ ابْنِ الْمِنْقَارِ (قَوْلُهُ: وَجَازَ عَلَى حَفْرِ الْقُبُورِ وَالْأَكْفَانِ) هُوَ الْمُفْتَى بِهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْفَتَاوَى، وَفِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ أَنَّ الصِّحَّةَ أَظْهَرُ. مَطْلَبٌ فِي الْوَقْفِ عَلَى الصُّوفِيَّةِ وَالْعُمْيَانِ

(قَوْلُهُ: لَا عَلَى الصُّوفِيَّةِ وَالْعُمْيَانِ فِي الْأَصَحِّ) فَإِنَّهُ وَقَعَ فِيهِ خِلَافٌ قَالَ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ عَنْ الْخُلَاصَةِ، بَعْدَ حِكَايَةِ الْخِلَافِ، وَأَخْرَجَ الْإِمَامُ عَلِيٌّ السَّعْدِيُّ الرِّوَايَةُ مِنْ وَقْفِ الْخَصَّافِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَلَى الصُّوفِيَّةِ وَالْعُمْيَانِ، فَرَجَعُوا إلَى جَوَابِهِ. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>