للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَرَطَ أَنَّهَا مُغَنِّيَةٌ، إنْ لِلتَّبَرِّي لَا يَفْسُدُ، وَإِنْ لِلرَّغْبَةِ فَسَدَ بَدَائِعُ، وَلَوْ شَرَطَ حَبَلَهَا، إنْ الشَّرْطُ مِنْ الْمُشْتَرِي فَسَدَ، وَإِنْ مِنْ الْبَائِعِ جَازَ؛ لِأَنَّ حَبَلَهَا عَيْبٌ فَذَكَرَهُ لِلْبَرَاءَةِ مِنْهُ، حَتَّى لَوْ كَانَ فِي بَلَدٍ يَرْغَبُونَ فِي شِرَاءِ الْإِمَاءِ لِلْأَوْلَادِ فَسَدَ خَانِيَّةٌ، وَلَوْ شَرَطَ أَنَّهَا ذَاتُ لَبَنٍ جَازَ عَلَى الْأَكْثَرِ. قُلْتُ: وَالضَّابِطُ لِلْأَوْصَافِ أَنَّ كُلَّ وَصْفٍ لَا غَرَرَ فِيهِ فَاشْتِرَاطُهُ جَائِزٌ لَا مَا فِيهِ غَرَرٌ إلَّا أَنْ لَا يُرْغَبَ فِيهِ.

وَفِي الْخَانِيَّةِ فِي فَصْلِ الشُّرُوطِ الْمُفْسِدَةِ مَتَى عَايَنَ مَا يُعْرَفُ بِالْعِيَانِ انْتَفَى الْغَرَرُ.

بَابُ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ مِنْ إضَافَةِ الْمُسَبَّبِ إلَى السَّبَبِ وَمَا قِيلَ: مِنْ إضَافَةِ الشَّيْءِ إلَى شَرْطِهِ ظَاهِرٌ لِمَا سَيَجِيءُ أَنَّ لَهُ الرَّدَّ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ.

(هُوَ يَثْبُتُ فِي) أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ (الشِّرَاءُ) لِلْأَعْيَانِ

ــ

[رد المحتار]

جَعْلِهَا بِيعَةً وَالْمُشْتَرِي ذِمِّيٌّ بِأَنْ اشْتَرَى دَارًا مِنْ مُسْلِمٍ عَلَى أَنْ يَتَّخِذَهَا بِيعَةً جَازَ الْبَيْعُ وَبَطَل الشَّرْطُ، وَكَذَا بَيْعُ الْعَصِيرِ عَلَى أَنْ يَتَّخِذَهُ خَمْرًا، وَإِنَّمَا جَازَ؛ لِأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ لَا يُخْرِجُهَا عَنْ مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَلَا مُطَالِبَ لَهُ، بِخِلَافِ اشْتِرَاطِ أَنْ يَجْعَلَهَا الْمُسْلِمُ مَسْجِدًا فَإِنَّهُ يَخْرُجُ عَنْ مِلْكِهِ إلَى اللَّهِ - تَعَالَى -، وَكَذَا بِشَرْطِ أَنْ يَجْعَلَهَا سَاقِيَةً أَوْ مَقْبَرَةً لِلْمُسْلِمِينَ أَوْ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالطَّعَامِ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَإِنَّهُ يَفْسُدُ، وَشَرْطُ رِضَا الْجِيرَانِ بِأَنْ اشْتَرَى دَارًا عَلَى أَنَّهُ إنْ رَضِيَ الْجِيرَانُ أَخَذَهَا، قَالَ: الصَّفَّارُ لَا يَجُوزُ، وَقَالَ: أَبُو اللَّيْثِ إنْ سَمَّى الْجِيرَانَ وَقَالَ: إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ جَازَ. اهـ. ط مُلَخَّصًا مَعَهُ بَعْضُ زِيَادَةٍ. (قَوْلُهُ: شَرَطَ أَنَّهَا مُغَنِّيَةٌ) هَذِهِ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا تَقَدَّمَتَا فِي مَسَائِلِ الْأَشْبَاهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَرَطَ حَبَلَهَا) أَيْ الْأَمَةِ، بِخِلَافِ الشَّاةِ فَإِنَّهُ مُفْسِدٌ كَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ زِيَادَةٌ مَرْغُوبَةٌ وَإِنَّهَا مَوْهُومَةٌ لَا يُدْرَى وُجُودُهَا فَلَا يَجُوزُ خَانِيَّةٌ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَكْثَرِ) أَيْ عَلَى قَوْلِ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ.

(قَوْلُهُ: لَا مَا فِيهِ غَرَرٌ) كَبَيْعِ الشَّاةِ عَلَى أَنَّهَا حَامِلٌ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ لَا يَرْغَبَ فِيهِ) لِأَنَّ اشْتِرَاطَهُ يَكُونُ بِمَعْنَى الْبَرَاءَةِ مِنْ وُجُودِهِ كَمَا فِي حَبَلِ الْأَمَةِ. (قَوْلُهُ: مَا يُعْرَفُ بِالْعِيَانِ) كَمَسْأَلَةِ السَّوِيقِ وَالصَّابُونِ كَمَا مَرَّ فِي مَسَائِلِ الْأَشْبَاهِ. (قَوْلُهُ: انْتَفَى الْغَرَرُ) فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ إذَا ظَهَرَ، بِخِلَافِ مَا اشْتَرَطَ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

[بَابُ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ]

ِ قَدَّمَهُ عَلَى خِيَارِ الْعَيْبِ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ تَمَامَ الْحُكْمِ وَذَاكَ يَمْنَعُ لُزُومَهُ وَاللُّزُومُ بَعْدَ التَّمَامِ وَالرَّدُّ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ فَسْخٌ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ، لَا يَحْتَاجُ إلَى قَضَاءٍ وَلَا رِضَا الْبَائِعِ وَيَنْفَسِخُ بِقَوْلِهِ رَدَدْتُ إلَّا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الرَّدُّ إلَّا بِعِلْمِ الْبَائِعِ خِلَافًا لِلثَّانِي وَهُوَ يَثْبُتُ حُكْمًا لَا بِالشَّرْطِ، وَلَا يَتَوَقَّتُ، وَلَا يَمْنَعُ وُقُوعَ الْمِلْكِ لِلْمُشْتَرِي؛ حَتَّى لَوْ تَصَرَّفَ فِيهِ جَازَ تَصَرُّفُهُ وَبَطَلَ خِيَارُهُ وَلَزِمَهُ الثَّمَنُ، وَكَذَا لَوْ هَلَكَ فِي يَدِهِ أَوْ صَارَ إلَى حَالٍ لَا يَمْلِكُ فَسْخَهُ بَطَلَ خِيَارُهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ بَحْرٌ. (قَوْلُهُ: مِنْ إضَافَةِ الْمُسَبَّبِ إلَى السَّبَبِ) الَّذِي ذُكِرَ فِي الْفَتْحِ وَالْبَحْرِ أَنَّ الرُّؤْيَةَ شَرْطُ ثُبُوتِ الْخِيَارِ، وَعَدَمَ الرُّؤْيَةِ هُوَ السَّبَبُ لِثُبُوتِ الْخِيَارِ عِنْدَ الرُّؤْيَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: ظَاهِرٌ) كَذَا فِي أَغْلَبِ النُّسَخِ، وَلَا يُنَاسِبُهُ التَّعْلِيلُ بَعْدَهُ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ ظَاهِرُ الْبُطْلَانِ، وَفِي بَعْضِهَا غَيْرُ ظَاهِرٍ، وَبِهِ عَبَّرَ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى، وَعَزَاهُ مَعَ التَّعْلِيلِ بَعْدَهُ الْبَهْنَسِيُّ. (قَوْلُهُ: لِمَا سَيَجِيءُ إلَخْ) يَعْنِي وَالشَّيْءُ لَا يَثْبُتُ قَبْلَ شَرْطِهِ. وَفِيهِ أَنَّ هَذَا يَرِدُ أَيْضًا عَلَى مَا ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّ الْمُسَبَّبَ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَى سَبَبِهِ، وَسَيَأْتِي جَوَابُهُ قَرِيبًا، وَهُوَ أَنَّهُ بِسَبَبٍ آخَرَ. وَبَيَانُهُ كَمَا قَالَ ح أَنَّ حَقَّ الْفَسْخِ قَبْلَهَا لَيْسَ فِي نَتَائِجِ ثُبُوتِ الْخِيَارِ لَهُ، بَلْ بِحُكْمِ أَنَّهُ عَقْدٌ غَيْرُ لَازِمٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ مُنْبَرِمًا فَجَازَ فَسْخُهُ لِضَعْفٍ فِيهِ كَمَا حَقَّقَهُ فِي الْعِنَايَةِ، وَسَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ. اهـ. .

(قَوْلُهُ: فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ) أَيْ لَا غَيْرِهَا كَمَا فِي الْفَتْحِ. (قَوْلُهُ: الشِّرَاءِ لِلْأَعْيَانِ) أَيْ اللَّازِمِ تَعْيِينُهَا، وَلَا تَثْبُتُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ، وَالْمُرَادُ الشِّرَاءُ الصَّحِيحُ، لِمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَنَّ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ وَخِيَارَ الْعَيْبِ لَا يَثْبُتَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>