للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى: شَرَى ثَمَرَةَ كَرْمٍ وَلَا يُمْكِنُ قِطَافُهَا لِغَلَبَةِ الزَّنَابِيرِ، إنْ بَعْدَ الْقَبْضِ لَمْ يَرُدَّهُ، وَإِنْ قَبْلَهُ، فَإِنْ اُنْتُقِصَ الْمَبِيعُ بِتَنَاوُلِ الزَّنَابِيرِ فَلَهُ الْفَسْخُ لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ:.

بَابُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ الْمُرَادُ بِالْفَاسِدِ الْمَمْنُوعُ مَجَازًا عُرْفِيًّا فَيَعُمُّ الْبَاطِلَ وَالْمَكْرُوهَ، وَقَدْ يُذْكَرُ فِيهِ بَعْضُ الصَّحِيحِ تَبَعًا،

ــ

[رد المحتار]

مَطْلَبٌ فِي ضَمَانِ الْعُيُوبِ وَلَوْ ضَمِنَ لَهُ بِحِصَّةِ مَا يَجِدُ مِنْ الْعُيُوبِ فِيهِ مِنْ الثَّمَنِ فَهُوَ جَائِزٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، فَإِنْ رَدَّهُ الْمُشْتَرِي رَجَعَ عَلَى الضَّامِنِ بِذَلِكَ كَمَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ ذَخِيرَةٌ (قَوْلُهُ لَمْ يَرُدَّهُ) ؛ لِأَنَّهُ عَيْبٌ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ط (قَوْلُهُ وَإِنْ قَبِلَهُ) أَيْ وَإِنْ حَصَلَتْ الْغَلَبَةُ قَبْلَ الْقَبْضِ ط (قَوْلُهُ لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ) أَيْ بِهَلَاكِ بَعْضِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ، وَقَدَّمْنَا عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَنَّهُ يَطْرَحُ عَنْ الْمُشْتَرِي حِصَّةَ النُّقْصَانِ مِنْ الثَّمَنِ، وَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي الْبَاقِي بَيْنَ أَخْذِهِ بِحِصَّتِهِ أَوْ تَرْكِهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

[بَابُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ]

ِ أَخَّرَهُ عَنْ الصَّحِيحِ لِكَوْنِهِ عَقْدًا مُخَالِفًا لِلدَّيْنِ كَمَا أَوْضَحَهُ فِي الْفَتْحِ، وَسَيَأْتِي أَنَّهُ مَعْصِيَةٌ يَجِبُ رَفْعُهَا، وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الرِّبَا أَنَّ كُلَّ عَقْدٍ فَاسِدٍ فَهُوَ رِبًا، يَعْنِي إذَا كَانَ فَسَادُهُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ. وَفِي الْقَامُوسِ: فَسَدَ كَنَصَرَ وَقَعَدَ وَكَرُمَ فَسَادًا وَفُسُودًا ضِدُّ صَلَحَ فَهُوَ فَاسِدٌ فَسَيِّدٌ وَلَمْ يُسْمَعْ انْفَسَدَ اهـ. وَنُقِلَ فِي الْفَتْحِ أَنَّهُ يُقَالُ لِلَّحْمِ الَّذِي لَا يُنْتَفَعُ بِهِ لِدُودٍ وَنَحْوِهِ بَطَلَ، وَإِذَا أَنْتَنَ وَهُوَ بِحَيْثُ يُنْتَفَعُ بِهِ فَسَدَ اللَّحْمُ، وَفِيهِ مُنَاسَبَةٌ لِلْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ، وَهُوَ مَا كَانَ مَشْرُوعًا بِأَصْلِهِ لَا بِوَصْفِهِ، وَمُرَادُهُمْ مِنْ مَشْرُوعِيَّةِ أَصْلِهِ كَوْنُهُ مَالًا مُتَقَوِّمًا لَا جَوَازُهُ وَصِحَّتُهُ؛ لِأَنَّ فَسَادَهُ يَمْنَعُ صِحَّتَهُ، أَوْ أَطْلَقُوا الْمَشْرُوعِيَّةَ عَلَيْهِ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ لَوْ خَلَا عَنْ الْوَصْفِ لَكَانَ مَشْرُوعًا. وَأَمَّا الْبَاطِلُ، فَفِي الْمِصْبَاحِ بَطَلَ الشَّيْءُ يَبْطُلُ بُطْلًا وَبُطُولًا وَبُطْلَانًا بِضَمِّ الْأَوَائِلِ فَسَدَ أَوْ سَقَطَ حُكْمُهُ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَالْجَمْعُ بَوَاطِلٌ أَوْ أَبَاطِيلُ اهـ. وَفِيهِ مُنَاسَبَةٌ لِلْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ، وَهُوَ مَا لَا يَكُونُ مَشْرُوعًا لَا بِأَصْلِهِ وَلَا بِوَصْفِهِ. وَأَمَّا الْمَكْرُوهُ، فَهُوَ لُغَةً خِلَافُ الْمَحْبُوبِ وَاصْطِلَاحًا مَا نُهِيَ عَنْهُ لِمُجَاوِرٍ كَالْبَيْعِ عِنْدَ أَذَانِ الْجُمُعَةِ. وَعَرَّفَهُ فِي الْبِنَايَةِ بِمَا كَانَ مَشْرُوعًا بِأَصْلِهِ وَوَصْفِهِ لَكِنْ نُهِيَ عَنْهُ لِمُجَاوِرٍ، وَيُمْكِنُ إدْخَالُهُ تَحْتَ الْفَاسِدِ أَيْضًا عَلَى إرَادَةِ الْأَعَمِّ وَهُوَ مَا نُهِيَ عَنْهُ فَيَشْمَلُ الثَّلَاثَةَ كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ الْمُرَادُ بِالْفَاسِدِ الْمَمْنُوعُ إلَخْ) قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْفَاسِدَ مُبَايِنٌ لِلْبَاطِلِ؛؛ لِأَنَّ مَا كَانَ مَشْرُوعًا بِأَصْلِهِ فَقَطْ يُبَايِنُ مَا لَيْسَ بِمَشْرُوعٍ أَصْلًا. وَأَيْضًا حُكْمُ الْفَاسِدِ أَنَّهُ يُفِيدُ الْمِلْكَ بِالْقَبْضِ وَالْبَاطِلُ لَا يُفِيدُهُ أَصْلًا، وَتَبَايُنُ الْحُكْمَيْنِ دَلِيلُ تَبَايُنِهِمَا، فَإِطْلَاقُ الْفَاسِدِ فِي قَوْلِهِمْ بَابُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ عَلَى مَا يَشْمَلُ الْبَاطِلَ لَا يَصِحُّ عَلَى حَقِيقَتِهِ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ لَفْظُ الْفَاسِدِ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْأَعَمِّ وَالْأَخَصِّ أَوْ يُجْعَلُ مَجَازًا عُرْفِيًّا فِي الْأَعَمِّ؛ لِأَنَّهُ خَيْرٌ مِنْ الِاشْتِرَاكِ، وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ.

مَطْلَبٌ فِي أَنْوَاعِ الْبَيْعِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْبَيْعَ جَائِزٌ وَقَدْ مَرَّ بِأَقْسَامِهِ. وَغَيْرُ جَائِزٍ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ: بَاطِلٌ وَفَاسِدٌ، وَمَوْقُوفٌ كَذَا فِي الْفَتْحِ وَأَرَادَ بِالْجَائِزِ النَّافِذَ، وَبِمُقَابِلِهِ غَيْرَهُ لَا الْحَرَامَ، إذْ لَوْ أُرِيدَ ذَلِكَ لَخَرَجَ الْمَوْقُوفُ لِمَا قَالُوهُ مِنْ أَنَّ بَيْعَ مَالِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنِهِ بِدُونِ تَسْلِيمٍ لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ،

<<  <  ج: ص:  >  >>