للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَصَحَّ بَيْعُ حَقِّ الْمُرُورِ تَبَعًا) لِلْأَرْضِ (بِلَا خِلَافٍ وَ) مَقْصُودًا (وَحْدَهُ فِي رِوَايَةٍ) وَبِهِ أَخَذَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ شُمُنِّيٌّ وَفِي أُخْرَى لَا، وَصَحَّحَهُ أَبُو اللَّيْثِ

(وَكَذَا) بَيْعُ (الشِّرْبِ) وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ فَسَادُهُ إلَّا تَبَعًا خَانِيَّةٌ وَشَرْحُ وَهْبَانِيَّةٍ، وَسَنُحَقِّقُهُ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ (لَا) يَصِحُّ (بَيْعُ حَقِّ التَّسْيِيلِ وَهِبَتُهُ) سَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْأَرْضِ لِجَهَالَةِ مَحَلِّهِ كَمَا مَرَّ أَوْ عَلَى السَّطْحِ

ــ

[رد المحتار]

وَوَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَيْعِ رَقَبَةِ الطَّرِيقِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ أَنَّ الطَّرِيقَ مَعْلُومٌ؛ لِأَنَّ لَهُ طُولًا وَعَرْضًا مَعْلُومًا كَمَا مَرَّ. وَأَمَّا الْمَسِيلُ فَمَجْهُولٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي قَدْرَ مَا يَشْغَلُهُ مِنْ الْمَاءِ اهـ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَمِنْ هُنَا عُرِفَ أَنَّ الْمُرَادَ مَا إذَا لَمْ يُبَيِّنْ مِقْدَارَ الطَّرِيقِ وَالْمَسِيلِ، أَمَّا لَوْ بَيَّنَ حَدَّ مَا يَسِيلُ فِيهِ الْمَاءُ أَوْ بَاعَ أَرْضَ الْمَسِيلِ مِنْ نَهْرٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ حَقِّ التَّسْيِيلِ فَهُوَ جَائِزٌ بَعْدَ أَنْ يُبَيِّنَ حُدُودَهُ اهـ (قَوْلُهُ تَبَعًا لِلْأَرْضِ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ تَبَعًا لِأَرْضِ الطَّرِيقِ، بِأَنْ بَاعَ الطَّرِيقَ وَحَقَّ الْمُرُورِ فِيهِ، وَأَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مَا إذَا كَانَ لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ إلَى أَرْضِهِ فَبَاعَ أَرْضِهِ مَعَ حَقِّ مُرُورِهَا الَّذِي فِي أَرْضِ الْغَيْرِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ ظَاهِرٌ لَا يَحْتَاجُ إلَى التَّنْصِيصِ عَلَيْهِ، وَلِقَوْلِهِمْ إنَّهُ لَا يَدْخُلُ إلَّا بِذِكْرِهِ أَوْ بِذِكْرِ كُلِّ حَقٍّ لَهَا وَهَذَا خَاصٌّ بِالثَّانِي كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ وَبِهِ أَخَذَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ) قَالَ السَّائِحَانِيُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى مُضْمَرَاتٌ اهـ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَقِّ التَّعَلِّي حَيْثُ لَا يَجُوزُ هُوَ أَنَّ حَقَّ الْمُرُورِ حَقٌّ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَةِ الْأَرْضِ، وَهِيَ مَالٌ هُوَ عَيْنٌ، فَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ لَهُ حُكْمُ الْعَيْنِ. أَمَّا حَقُّ التَّعَلِّي فَمُتَعَلِّقٌ بِالْهَوَاءِ، وَهُوَ لَيْسَ بِعَيْنِ مَالٍ اهـ فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَفِي أُخْرَى لَا) قَالَ فِي الدُّرَرِ: وَفِي رِوَايَةِ الزِّيَادَاتِ لَا يَجُوزُ وَصَحَّحَهُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ بِأَنَّهُ حَقٌّ مِنْ الْحُقُوقِ وَبَيْعُ الْحُقُوقِ بِانْفِرَادِهِ لَا يَجُوزُ. اهـ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ الَّتِي تَوَهَّمَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ مُخَالَفَتَهَا لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالدُّرَرِ: وَصَحَّ بَيْعُ الطَّرِيقِ، وَقَدَّمْنَا مَا فِيهِ.

[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الشِّرْبِ]

ِ (قَوْلُهُ وَكَذَا بَيْعُ الشِّرْبِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَجُوزُ تَبَعًا لِلْأَرْضِ بِالْإِجْمَاعِ، وَحْدَهُ فِي رِوَايَةٍ وَهُوَ اخْتِيَارُ بَلْخٍ؛ لِأَنَّهُ نَصِيبٌ مِنْ الْمَاءِ دُرَرٌ، وَمَحَلُّ الِاتِّفَاقِ مَا إذَا كَانَ شِرْبَ تِلْكَ الْأَرْضِ، فَلَوْ شِرْبَ غَيْرِهَا فَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَالنَّهْرِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ فَسَادُهُ) إلَّا تَبَعًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْفَتْحِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ بَاطِلٌ. قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فَاسِدًا لَا بَاطِلًا؛ لِأَنَّ بَيْعَهُ يَجُوزُ فِي رِوَايَةٍ، وَبِهِ أَخَذَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ، وَجَرَتْ الْعَادَةُ بِبَيْعِهِ فِي بَعْضِ الْبُلْدَانِ فَكَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْفَاسِدِ يُمْلَكُ بِالْقَبْضِ، فَإِذَا بَاعَهُ بَعْدَهُ أَيْ مَعَ أَرْضٍ لَهُ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْأَصْلِ: لَوْ بَاعَهُ بِعَبْدٍ وَقَبَضَ الْعَبْدَ وَأَعْتَقَهُ جَازَ عِتْقُهُ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الشِّرْبُ مَحَلًّا لِلْبَيْعِ لَمَا جَازَ عِتْقُهُ، كَمَا لَوْ اشْتَرَى بِمَيْتَةٍ أَوْ دَمٍ فَأَعْتَقَهُ لَا يَجُوزُ اهـ. وَأَمَّا ضَمَانُهُ بِالْإِتْلَافِ بِأَنْ يَسْقِيَ أَرْضَهُ بِشِرْبِ غَيْرِهِ فَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَالْفَتْوَى عَلَى عَدَمِهِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَهُوَ صُحٌّ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَتَمَامُهُ فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ وَسَنُحَقِّقُهُ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ) حَيْثُ قَالَ هُوَ وَالْمُصَنِّفُ هُنَاكَ: وَلَا يُبَاعُ الشِّرْبُ، وَلَا يُوهَبُ، وَلَا يُؤَجَّرُ وَلَا يُتَصَدَّقُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ مُتَقَوِّمٍ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى ثُمَّ نُقِلَ عَنْ شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ أَنَّ بَعْضَهُمْ جَوَّزَ بَيْعَهُ ثُمَّ قَالَ: وَيَنْفُذُ الْحُكْمُ بِصِحَّةِ بَيْعِهِ. اهـ. ط (قَوْلُهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ حَقِّ التَّسْيِيلِ إلَخْ) أَيْ بِاتِّفَاقِ الْمَشَايِخِ. وَوَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَقِّ الْمُرُورِ عَلَى رِوَايَةِ جَوَازِهِ أَنَّ حَقَّ الْمُرُورِ مَعْلُومٌ لِتَعَلُّقِهِ بِمَحَلٍّ مَعْلُومٍ وَهُوَ الطَّرِيقُ، أَمَّا التَّسْيِيلُ، فَإِنْ كَانَ عَلَى السَّطْحِ فَهُوَ نَظِيرُ حَقِّ التَّعَلِّي وَبَيْعُ حَقِّ التَّعَلِّي لَا يَجُوزُ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ وَمَرَّ وَجْهُهُ، وَهُوَ لَيْسَ حَقًّا مُتَعَلِّقًا بِمَا هُوَ مَالٌ بَلْ بِالْهَوَاءِ وَإِنْ كَانَ عَلَى الْأَرْضِ، وَهُوَ أَنْ يَسِيلَ الْمَاءُ عَنْ أَرْضِهِ كَيْ لَا يُفْسِدَهَا فَيُمِرَّهُ عَلَى أَرْضٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>