للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ فِي ضِمْنِ عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ كَبَايِعُوا عَبْدِي أَوْ ابْنِي فَقَدْ أَذِنْت لَهُ ثُمَّ ظَهَرَ حُرًّا أَوْ ابْنَ الْغَيْرِ رَجَعُوا عَلَيْهِ لِلْغُرُورِ وَإِنْ كَانَ الْأَبُ حُرًّا وَإِلَّا فَبَعْدَ الْعِتْقِ وَهَذَا إنْ أَضَافَهُ إلَيْهِ وَأَمَرَ بِمُبَايَعَتِهِ وَمِنْهُ لَوْ بَنَى الْمُشْتَرِي أَوْ اسْتَوْلَدَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّا رَجَعَ عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ وَالْوَلَدِ وَمِنْهُ مَا يَأْتِي فِي بَابِ الِاسْتِحْقَاقِ اشْتَرِنِي فَأَنَا عَبْدٌ بِخِلَافِ ارْتَهِنِّي.

الثَّالِثَةُ: إذَا كَانَ الْغُرُورُ بِالشُّرُوطِ كَمَا لَوْ زَوَّجَهُ امْرَأَةً عَلَى أَنَّهَا حَرَّةٌ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ رَجَعَ عَلَى الْمُخْبِرِ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ الْمُسْتَحَقِّ وَسَيَجِيءُ آخِرَ الدَّعْوَى.

[فَرْعٌ] هَلْ يَنْتَقِلُ الرَّدُّ بِالتَّغْرِيرِ إلَى الْوَارِثِ اسْتَظْهَرَ الْمُصَنِّفُ لَا لِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ الْحُقُوقَ الْمُجَرَّدَةَ لَا تُورَثُ. قُلْت: وَفِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ لِابْنِ الْمُصَنِّفِ وَبِهِ أَفْتَى شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ عَلِيٌّ الْمَقْدِسِيَّ مُفْتِي مِصْرَ.

ــ

[رد المحتار]

هُوَ الْمُنْتَفِعَ بِالْقَبْضِ دُونَ الْمُعِيرِ أَوْ الْوَاهِبِ.

(قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ فِي ضِمْنِ عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ) مِنْ بَيْعٍ صَحِيحٍ أَوْ فَاسِدٍ، وَأَخْرَجَ بِهِ عَقْدَ التَّبَرُّعَاتِ كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ، فَإِنَّ الْغُرُورَ لَا يُثْبِتُ الرُّجُوعَ فِيهَا ط عَنْ الْبِيرِيِّ، وَكَذَا أَخْرَجَ الرَّهْنَ؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ وَثِيقَةٍ لَا مُعَاوَضَةٍ، كَمَا يَأْتِي وَفِي الْبِيرِيِّ عَنْ الْمَبْسُوطِ: إنَّ الْغُرُورَ فِي عَقْدِ الْمُعَاوَضَاتِ يُثْبِتُ الرُّجُوعَ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ يَسْتَحِقُّ صِفَةَ السَّلَامَةِ مِنْ الْعَيْبِ، وَلَا عَيْبَ فَوْقَ الِاسْتِحْقَاقِ فَأَمَّا بِعَقْدِ التَّبَرُّعِ فَلِأَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْمَوْهُوبَ بِصِفَةِ السَّلَامَةِ. (قَوْلُهُ: كَبَايِعُوا عَبْدِي إلَخْ) أَيْ فَيَكُونُ ضَامِنًا لِلدَّرَكِ فِيمَا يَثْبُتُ لَهُمْ عَلَى الْعَبْدِ فِي عَقْدِ الْمُبَايَعَةِ لِحُصُولِ التَّغْرِيرِ فِي هَذَا الْعَقْدِ كَمَا يَأْتِي تَقْرِيرُهُ، وَبِهِ انْدَفَعَ مَا قِيلَ إنَّ التَّغْرِيرَ لَمْ يُوجَدْ فِي ضِمْنِ عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ ظَهَرَ حُرًّا أَوْ ابْنَ الْغَيْرِ) لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ.

(قَوْلُهُ: إنْ كَانَ الْأَبُ حُرًّا) الْأَوْلَى مَا فِي بَعْضِ نُسَخِ الْأَشْبَاهِ إنْ كَانَ الْآذِنُ حُرًّا لِشُمُولِهِ لِلْمَوْلَى وَالْأَبِ: أَيْ الْأَبِ صُورَةً لَا حَقِيقَةً، وَهَذَا الْقَيْدُ لِشَيْءٍ مُقَدَّرٍ فِي قَوْلِهِ رَجَعُوا عَلَيْهِ أَيْ فِي الْحَالِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ وَإِلَّا فَبَعْدَ الْعِتْقِ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ الرُّجُوعُ شَرْطُهُ شَيْئَانِ أَنْ يُضِيفَ الْعَبْدَ أَوْ الِابْنَ إلَى نَفْسِهِ، وَأَمْرَهُمْ بِمُبَايَعَتِهِ فَيَضْمَنُ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ الدَّيْنِ كَمَا فِي الْبِيرِيِّ عَنْ مُخْتَصَرِ الْمُحِيطِ. (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ الْغَرِيرِ فِي ضِمْنِ عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ.

(قَوْلُهُ: اشْتَرِنِي فَأَنَا عَبْدٌ ارْتَهِنِّي) صَوَابُهُ: بِخِلَافِ ارْتَهِنِّي أَيْ لَوْ قَالَ الْعَبْدُ: اشْتَرِنِي فَأَنَا عَبْدٌ فَاشْتَرَاهُ فَإِذَا هُوَ حُرٌّ فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا غَيْبَةً مَعْرُوفَةً أَيْ يَدْرِي مَكَانَهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْعَبْدِ بِمَا قَبَضَهُ الْبَائِعُ لِلتَّمَكُّنِ مِنْ الرُّجُوعِ عَلَى الْقَابِضِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَدْرِي أَيْنَ هُوَ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْعَبْدِ وَرَجَعَ الْعَبْدُ عَلَى بَائِعِهِ بِمَا رَجَعَ بِهِ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يَرْجِعُ مَعَ أَنَّ الْبَائِعَ لَمْ يَأْمُرْهُ بِالضَّمَانِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ أَدَّى دَيْنَهُ وَهُوَ مُضْطَرٌّ فِي أَدَائِهِ بِخِلَافِ مَنْ أَدَّى عَنْ آخَرَ دَيْنًا بِلَا أَمْرِهِ وَالتَّقْيِيدُ بِقَوْلِهِ: اشْتَرِنِي فَأَنَا عَبْدٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ أَنَا عَبْدٌ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالشِّرَاءِ أَوْ قَالَ: اشْتَرِنِي وَلَمْ يَقُلْ فَأَنَا عَبْدٌ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، وَلَوْ قَالَ: ارْتَهِنِّي فَأَنَا عَبْدُ الرَّاهِنِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْعَبْدِ، وَلَوْ الرَّاهِنُ غَائِبًا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَنْهُمْ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا يَرْجِعُ فِي الْبَيْعِ وَالرَّهْنِ؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ بِالْمُعَاوَضَةِ وَهِيَ الْمُبَايَعَةُ هُنَا أَوْ بِالْكَفَالَةِ، وَلَمْ يُوجَدَا هُنَا بَلْ وُجِدَ مُجَرَّدُ الْإِخْبَارِ كَاذِبًا فَصَارَ كَمَا لَوْ قَالَ أَجْنَبِيٌّ لِشَخْصٍ ذَلِكَ وَلَهُمَا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ شَرَعَ فِي الشِّرَاءِ مُعْتَمِدًا عَلَى أَمْرِهِ وَإِقْرَارِهِ، فَكَانَ مَغْرُورًا مِنْ جِهَتِهِ وَالتَّغْرِيرُ فِي الْمُعَاوَضَاتِ الَّتِي تَقْتَضِي سَلَامَةَ الْعِوَضِ يَحْصُلُ سَبَبًا لِلضَّمَانِ دَفْعًا لِلْغَرَرِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ، فَكَانَ بِتَغْرِيرِهِ ضَامِنًا لِدَرَكِ الثَّمَنِ لَهُ عِنْدَ تَعَذُّرِ رُجُوعِهِ عَلَى الْبَائِعِ كَالْمَوْلَى إذَا قَالَ لِأَهْلِ السُّوقِ بَايِعُوا عَبْدِي فَإِنِّي أَذِنْت لَهُ ثُمَّ ظَهَرَ اسْتِحْقَاقُ الْعَبْدِ فَإِنَّهُمْ يَرْجِعُونَ عَلَى الْمَوْلَى بِقِيمَةِ الْعَبْدِ.

وَيُجْعَلُ الْمَوْلَى بِذَلِكَ ضَامِنًا لِدَرَكِ مَا ذَابَ عَلَيْهِ دَفْعًا لِلْغُرُورِ عَنْ النَّاسِ، بِخِلَافِ الرَّهْنِ فَإِنَّهُ لَيْسَ عَقْدَ مُعَاوَضَةٍ بَلْ عَقْدَ وَثِيقَةٍ لِاسْتِيفَاءِ عَيْنِ حَقِّهِ حَتَّى جَازَ الرَّهْنُ بِبَدَلِ الصَّرْفِ وَالْمُسْلَمِ فِيهِ وَلَوْ كَانَ عَقْدَ مُعَاوَضَةٍ كَانَ اسْتِبْدَالًا بِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَهُوَ حَرَامٌ وَبِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ فَإِنَّهُ لَا يُعْبَأُ بِقَوْلِهِ، فَالرَّجُلُ هُوَ الَّذِي اغْتَرَّ اهـ. مُلَخَّصًا مِنْ الْفَتْحِ فِي أَوَّلِ بَابِ الِاسْتِحْقَاقِ. (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ زَوَّجَهُ امْرَأَةً عَلَى أَنَّهَا حَرَّةٌ) أَيْ بِأَنْ كَانَ وَلِيًّا أَوْ وَكِيلًا عَنْهَا، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا أَخْبَرَهُ بِأَنَّهَا حُرَّةٌ فَتَزَوَّجَهَا كَمَا مَرَّ فِي عِبَارَةِ الْأَشْبَاهِ.

[فَرْعٌ هَلْ يَنْتَقِلُ الرَّدُّ بِالتَّغْرِيرِ إلَى الْوَارِثِ]

(قَوْلُهُ: اسْتَظْهَرَ الْمُصَنِّفُ لَا) حَيْثُ قَالَ: وَلَمْ أَطَّلِعْ فِي كَلَامِهِمْ عَلَى مَا لَوْ مَاتَ مَنْ ثَبَتَ

<<  <  ج: ص:  >  >>