للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَاوَمَ صَاحِبَ الزُّجَاجِ فَدَفَعَ لَهُ قَدَحًا يَنْظُرُهُ فَوَقَعَ مِنْهُ عَلَى أَقْدَاحٍ فَانْكَسَرُوا ضَمِنَ الْأَقْدَاحَ لَا الْقَدَحَ.

شَرَى شَجَرَةً بِأَصْلِهَا وَفِي قَلْعِهَا مِنْ الْأَصْلِ ضَرَرٌ بِالْبَائِعِ يَقْطَعُهُ مِنْ وَجْهِ الْأَرْضِ مِنْ حَيْثُ لَا يَتَضَرَّرُ بِهِ الْبَائِعُ، وَلَوْ انْهَدَمَ مِنْ سُقُوطِهِ حَائِطٌ ضَمِنَ الْقَالِعُ مَا تَوَلَّدَ مِنْ قَلْعِهِ.

دَفَعَ دَرَاهِمَ زُيُوفًا فَكَسَرَهَا الْمُشْتَرِي لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَنِعْمَ مَا صَنَعَ حَيْثُ غَشَّهُ وَخَانَهُ، وَكَذَا لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ لِيَنْظُرَ إلَيْهِ فَكَسَرَهُ.

وَلَا بَأْسَ بِبَيْعِ الْمَغْشُوشِ إذَا بَيَّنَ غِشَّهُ أَوْ كَانَ ظَاهِرًا يُرَى، وَكَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي حِنْطَةٍ خُلِطَ بِهَا الشَّعِيرُ وَالشَّعِيرُ يُرَى لَا بَأْسَ بِبَيْعِهِ، وَإِنْ طَحَنَهُ لَا يَبِيعُ. وَقَالَ الثَّانِي فِي رَجُلٍ مَعَهُ فِضَّةُ نُحَاسٍ: لَا يَبِيعُهَا حَتَّى يُبَيِّنَ، وَكُلُّ شَيْءٍ لَا يَجُوزُ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُقْطَعَ وَيُعَاقَبَ صَاحِبُهُ إذَا أَنْفَقَهُ وَهُوَ يَعْرِفُهُ.

ــ

[رد المحتار]

قُلْت: وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ مِنْ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ، كَمَا لَوْ وَجَدَهُ بَذْرَ قِثَّاءٍ. وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ مِنْ اخْتِلَافِ النَّوْعِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا ذَكَرَهُ فِيهِ أَيْضًا: لَوْ شَرَى بَذْرًا عَلَى أَنَّهُ بَذْرُ بِطِّيخِ كَذَا فَظَهَرَ عَلَى صِفَةٍ أُخْرَى جَازَ الْبَيْعُ لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ بِطِّيخٌ، وَاخْتِلَافُ الصِّفَةِ لَا يُفْسِدُ الْعَقْدَ وَلَا يَرْجِعُ بِنَقْصِ الْعَيْبِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ اهـ أَيْ لِأَنَّهُ ظَهَرَ عَيْبُهُ بَعْدَ اسْتِهْلَاكِهِ. وَذَكَرَ فِيهِ قَوْلَهُ: شَرَى بُرًّا عَلَى أَنَّهُ رَبِيعِيٌّ فَزَرَعَهُ فَظَهَرَ أَنَّهُ خَرِيفِيٌّ اخْتَارَ الْمَشَايِخُ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِنَقْصِ الْعَيْبِ، وَهُوَ قَوْلُهُمَا بِنَاءً عَلَى مَا إذَا شَرَى طَعَامًا فَأَكَلَهُ فَظَهَرَ عَيْبُهُ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا اهـ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا ظَهَرَ خِلَافُ الْجِنْسِ كَبَذْرِ الْبِطِّيخِ وَبَذْرِ الْقِثَّاءِ بَطَلَ الْبَيْعُ فَيَرُدُّهُ لَوْ قَائِمًا وَيَرُدُّ مِثْلَهُ لَوْ هَالِكًا وَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ وَلَوْ ظَهَرَ خِلَافُ الْوَصْفِ كَالرَّبِيعِيِّ وَالْخَرِيفِيِّ صَحَّ الْبَيْعُ فَيَرُدُّهُ لَوْ قَائِمًا، وَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ لَوْ هَالِكًا عِنْدَ الْإِمَامِ. وَعِنْدَهُمَا يَرْجِعُ بِنُقْصَانِهِ، وَبِهِ يُفْتَى، وَبَقِيَ مَا لَوْ زَرَعَهُ فَلَمْ يَنْبُتْ فَفِي الْخَيْرِيَّةِ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ وَلَا بِالنَّقْصِ لِأَنَّهُ قَدْ اسْتَهْلَكَ الْمَبِيعَ، وَلَا رُجُوعَ بَعْدَ الْإِتْلَافِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ظَهِيرُ الدِّينِ فِي حَبِّ الْقُطْنِ، وَقِيلَ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِهِ إنْ ثَبَتَ عَدَمُ نَبَاتِهِ لِعَيْبٍ بِهِ، وَإِلَّا لَا بِالِاتِّفَاقِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ عَدَمَ نَبَاتِهِ لِرَدَاءَةِ حَرْثِهِ أَوْ لِجَفَافِ أَرْضِهِ لِأَمْرٍ آخَرَ اهـ. قُلْت: الظَّاهِرُ أَنَّ مَا نَقَلَهُ عَنْ ظَهِيرِ الدِّينِ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ، وَقَوْلُهُ وَقِيلَ يَرْجِعُ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِهِمَا الْمُفْتَى بِهِ كَمَا عَلِمْت

(قَوْلُهُ فَانْكَسَرُوا) فِي بَعْضِ النُّسَخِ فَانْكَسَرَتْ وَهِيَ الْأَوْلَى لِأَنَّ الْوَاوَ لِجَمَاعَةِ الْعُقَلَاءِ (قَوْلُهُ ضَمِنَ الْأَقْدَاحَ لَا الْقَدَحَ) لِأَنَّ الْقَدَحَ قَبَضَهُ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ بِلَا بَيَانِ الثَّمَنِ وَالْأَقْدَاحُ انْكَسَرَتْ بِفِعْلِهِ فَيَضْمَنُهَا بَيَّنَ الثَّمَنَ أَوْ لَا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ

[مَطْلَبٌ شَرَى شَجَرَةً وَفِي قَلْعِهَا ضَرَرٌ]

(قَوْلُهُ بِأَصْلِهَا) وَهُوَ الْمَدْفُونُ فِي الْأَرْضِ الْمُسَمَّى شَرْشًا.

مَطْلَبٌ شَرَى شَجَرَةً وَفِي قَلْعِهَا ضَرَرٌ

(قَوْلُهُ يَقْطَعُهُ مِنْ وَجْهِ الْأَرْضِ) عِبَارَةُ الْمُلْتَقَطِ يَقْطَعُهَا. وَفِيهِ أَيْضًا إذَا اشْتَرَى أَشْجَارًا مِنْ وَجْهِ الْأَرْضِ وَفِي قَطْعِهَا بِالصَّيْفِ ضَرَرٌ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ قِيمَتَهَا وَهِيَ قَائِمَةٌ إلَّا أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى تَرْكِهَا إلَى وَقْتٍ لَا ضَرَرَ فِي قَطْعِهَا. وَفِيهِ أَيْضًا: لَوْ بَاعَ شَجَرَةً، إنْ بَيَّنَ مَوْضِعَ قَطْعِهَا مِنْ وَجْهِ الْأَرْضِ فَعَلَى ذَلِكَ، وَإِنْ بَيَّنَ بِأَصْلِهَا فَعَلَى قَرَارِهَا مِنْ الْأَرْضِ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ لَهُ أَنْ يَقْطَعَ مِنْ أَصْلِهَا إلَّا أَنْ تَقُومَ دَلَالَةٌ اهـ

(قَوْلُهُ فَكَسَرَهَا الْمُشْتَرِي) كَذَا رَأَيْته فِي الْمُلْتَقَطِ وَكَأَنَّهُ مُصَوَّرٌ فِي الصَّرْفِ وَإِلَّا فَالْمُنَاسِبُ فَكَسَرَهَا الْبَائِعُ. وَرَأَيْت فِيهِ تَقْيِيدَ الزُّيُوفِ بِالنَّبَهْرَجَةِ، وَيَدُلُّ لَهُ مَا نَقَلَهُ بَعْضُ الْمُحَشِّينَ عَنْ الْخَانِيَّةِ: لَوْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ دَفَعَ إلَى الْبَائِعِ دَرَاهِمَ صِحَاحًا فَكَسَرَهَا الْبَائِعُ فَوَجَدَهَا نَبَهْرَجَةً كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى الْمُشْتَرِي، وَلَا يَضْمَنُ بِالْكَسْرِ لِأَنَّ الصِّحَاحَ وَالْمُكَسَّرَةَ فِيهِ سَوَاءٌ اهـ

(قَوْلُهُ وَإِنْ طَحَنَهُ لَا يَبِيعُ) أَيْ إلَّا أَنْ يُبَيِّنَ لِأَنَّهُ لَا يُرَى (قَوْلُهُ وَقَالَ الثَّانِي إلَخْ) وَقَالَ أَيْضًا لَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِسَتُّوقَةٍ إذَا بَيَّنَ وَأَرَى لِلسُّلْطَانِ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>