للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِهِ

هَاهُنَا أَصْلَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ مُبَادَلَةَ مَالٍ بِمَالٍ يَفْسُدُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ كَالْبَيْعِ

ــ

[رد المحتار]

[مَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِهِ]

لَمْ يُتَرْجِمْ لَهُ بِفَصْلٍ وَلَا بَابٍ لِدُخُولِهِ فِي بَابِ الْمُتَفَرِّقَاتِ، وَ " مَا " اسْمُ مَوْصُولٍ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ الْبَيْعُ إلَخْ، وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ بَيَانُ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ. وَالتَّعْلِيقُ: رَبْطُ حُصُولِ مَضْمُونِ جُمْلَةٍ بِحُصُولِ مَضْمُونِ جُمْلَةٍ أُخْرَى، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ، وَمِثَالُ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ بِعْتُك بِشَرْطِ كَذَا، وَمِثَالُ التَّعْلِيقِ بِعْتُك إنْ رَضِيَ فُلَانٌ. وَفِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ لِلْحَمَوِيِّ عَنْ قَوَاعِدِ الزَّرْكَشِيّ: الْفَرْقُ بَيْنَ التَّعْلِيقِ وَالشَّرْطِ أَنَّ التَّعْلِيقَ دَاخِلٌ فِي أَصْلِ الْفِعْلِ بِإِنْ وَنَحْوِهَا، وَالشَّرْطَ مَا جُزِمَ فِيهِ بِأَصْلِ الْفِعْلِ: أَوْ يُقَالُ التَّعْلِيقُ تَرْتِيبُ أَمْرٍ لَمْ يُوجَدْ عَلَى أَمْرٍ لَمْ يُوجَدْ بِإِنْ أَوْ إحْدَى أَخَوَاتِهَا، وَالشَّرْطُ الْتِزَامٌ لَمْ يُوجَدْ فِي أَمْرٍ لَمْ يُوجَدْ بِصِيغَةٍ مَخْصُوصَةٍ اهـ (قَوْلُهُ هَاهُنَا أَصْلَانِ إلَخْ) الَّذِي تَحَصَّلَ مِنْ هَذَيْنِ الْأَصْلَيْنِ أَنَّ مَا كَانَ مُبَادَلَةَ مَالٍ بِمَالٍ يَفْسُدُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ، وَيَبْطُلُ تَعْلِيقُهُ أَيْضًا لِدُخُولِهِ فِي التَّمْلِيكَاتِ لِأَنَّهَا أَعَمُّ، وَمَا لَيْسَ مُبَادَلَةَ مَالٍ بِمَالٍ إنْ كَانَ مِنْ التَّمْلِيكَاتِ أَوْ التَّقْيِيدَاتِ يَبْطُلُ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ فَقَطْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمَا فَإِنْ كَانَ مِنْ الْإِسْقَاطَاتِ وَالِالْتِزَامَاتِ الَّتِي يَحْلِفُ بِهَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالْمُلَائِمِ وَغَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْإِطْلَاقَاتِ وَالْوِلَايَاتِ وَالتَّحْرِيرَاتِ يَصِحُّ بِالْمُلَائِمِ فَقَطْ، وَبِهِ يَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِهِ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا يَبْطُلُ عَطْفَ تَفْسِيرٍ، فَالْمُرَادُ بِالشَّرْطِ التَّعْلِيقُ بِهِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَاعِدَةً ثَانِيَةً مَعْطُوفَةً عَلَى الْأُولَى عَلَى تَقْرِيرِ مَا أُخْرَى: أَيْ وَمَا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِهِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى - {وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} [البقرة: ١٣٦]- {وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ} [آل عمران: ١٩٩]- أَيْ وَمَا أُنْزِلَ إلَيْكُمْ فَيَكُونُ مَا فِي الْمَتْنِ قَاعِدَتَيْنِ الْأُولَى مَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ وَالثَّانِيَةَ مَا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِهِ وَبِدُونِ هَذَا التَّقْدِيرِ يَكُونُ قَاعِدَةً وَاحِدَةً أُرِيدَ بِهَا مَا اجْتَمَعَ فِيهِ الْأَمْرَانِ.

وَذَلِكَ خَاصٌّ بِالتَّمْلِيكَاتِ الَّتِي هِيَ مُبَادَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا بِهِ، وَذَلِكَ غَيْرُ مُرَادٍ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ عَدَّ مِنْ ذَلِكَ الرَّجْعَةَ وَالْإِبْرَاءَ وَعَزْلَ الْوَكِيلِ وَالِاعْتِكَافَ وَالْإِقْرَارَ وَالْوَقْفَ وَالتَّحْكِيمَ وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ تَمْلِيكُ مَالٍ بِمَالٍ مَعَ أَنَّ السَّبْعَةَ الْمَذْكُورَةَ لَا تَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ، فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ قَاعِدَةً وَاحِدَةً هِيَ مَا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ وَالْعَطْفُ لِلتَّفْسِيرِ كَمَا قُلْنَا، فَإِنَّ جَمِيعَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ يَبْطُلُ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ، أَوْ قَاعِدَتَيْنِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ ذِكْرُ الْأَصْلَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ. وَعَلَيْهِ فَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْهُ مَا هُوَ دَاخِلٌ تَحْتَهُمَا مَعًا، وَمِنْهُ مَا هُوَ دَاخِلٌ تَحْتَ الثَّانِيَةِ فَقَطْ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا مَا فِي الزَّيْلَعِيِّ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ ذِكْرِ مَا لَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ: ثُمَّ الشَّيْخُ ذَكَرَ هُنَا مَا يَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ وَمَا لَا يَبْطُلُ بِهَا وَمَا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ إلَخْ. إذَا عَلِمْت ذَلِكَ ظَهَرَ لَك أَنَّ هَاهُنَا أَرْبَعَةَ قَوَاعِدَ الْأُولَى مَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ. الثَّانِيَةَ مَا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ وَهَاتَانِ الْمَذْكُورَتَانِ هُنَا. وَالثَّالِثَةَ عَكْسُ الْأُولَى وَهِيَ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَا لَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ إلَخْ. وَالرَّابِعَةَ عَكْسُ الثَّانِيَةِ، وَهِيَ الْمَذْكُورَةُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَبَقِيَ مَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ إلَخْ.

وَالْأُولَى دَاخِلَةٌ تَحْتَ الثَّانِيَةِ لِأَنَّ كُلَّ مَا بَطَلَ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِهِ وَلَا عَكْسَ؛ فَالْفُرُوعُ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ كُلُّهَا دَاخِلَةٌ تَحْتَ الثَّانِيَةِ وَبَعْضُهَا تَحْتَ الْأُولَى لِخُرُوجِ الرَّجْعَةِ وَالْإِبْرَاءِ وَنَحْوِهِمَا كَمَا ذَكَرْنَاهُ، وَمَا خَرَجَ عَنْهَا دَخَلَ تَحْتَ الثَّالِثَةِ؛ وَالرَّابِعَةُ دَاخِلَةٌ تَحْتَ الثَّالِثَةِ لِأَنَّ كُلَّ مَا جَازَ تَعْلِيقَةُ لَا يُبْطِلُهُ الشَّرْطُ الْفَاسِدُ وَلَا عَكْسَ كَمَا سَتَعْرِفُهُ. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ بُطْلَانَ نَفْسِ التَّعْلِيقِ مَعَ صِحَّةِ الْمُعَلَّقِ لِأَنَّ مَا كَانَ مِنْ التَّمْلِيكَاتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>